-
دخول

عرض كامل الموضوع : تقسيم العراق إلى ثلاث دول هزيلة


KEEEMO
15/10/2007, 16:12
من جديد ها هي بعض المرامي والأهداف الحقيقية لاحتلال العراق تتعرى وتنكشف أمام الجميع باعتراف المحتل، فبعد مناقشات أجراها الكونغرس، ولم تستغرق سوى بضع ساعات على مدار أسبوعين، تم الإعلان بالفم الملآن عن نية تقسيم العراق، وذلك من خلال تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية 75 صوتا مقابل 23 للتوصية التي تقدم بها السيناتور الديمقراطي جوزيف بايدن بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق إثنية، أو بالأحرى إلى ثلاث دول (كردية- وسنية- وشيعية).
ولا نريد هنا أن نتوقف عند ما سمي شرط موافقة الحكومة العراقية على التقسيم، حيث إن هذا الشرط أو هذه التوصية ليست أكثر من عملية (تجميل) فاشلة وسخيفة تفترض فينا قدرا من السذاجة يسمح بأن نصدق أن في استطاعة الحكومة العراقية أن تعلي إرادتها ومشيئتها فوق إرادة ومشيئة المحتل الذي يرعاها ويمكنها، وأن ننسى أو نتجاهل حقيقة أن في مقدور ذلك المحتل أن يشطب مثل هذه الحكومة بجرة قلم، ويأتي بغيرها، أو لا يأتي بحكومة أصلا.
فالكونغرس لم ير أصلا ضرورة للتشاور في خطة بهذه الخطورة مع الحكومة العراقية أو مجلس النواب أو أي من القوى العراقية الأخرى، لأن ما يعني الأميركان (إذا أخذنا تصريحاتهم على علاتها) هو الخروج من العراق بأقل خسائر ممكنة، ودون أن تدون في سجلاتهم هزيمة منكرة تفوق كل ما سبق من هزائمهم وإخفاقاتهم التي لا حصر لها.
لأن هزيمة الولايات المتحدة في العراق على حد تعبير سيمور هيرش، ستخلف آثاراً أسوأ بكثير من حربها في فيتنام. لأن الأخيرة كانت (غلطة تكتيكية)، أما في العراق، فالخطأ إستراتيجي.
وكما ورطت أميركا العالم قبل وأثناء وبعد غزو العراق، وكما استخدمت في ذلك سياسات ترهيب القلقين، وترغيب المترددين، وتجاهل المعترضين إلى حين وضعهم على قوائم الإرهابيين، وكما حولت ما يسمى مؤسسات الشرعية الدولية إلى كيانات لا محل لها من الإعراب، ها هي تستعد لتكرار السيناريو، وذلك من خلال دعوتها كما جاء في توصية الخراب إلى إشراك المجتمع الدولي بما في ذلك الأمم المتحدة وجيران العراق لدعم العراقيين ومساعدتهم في التوصل إلى تحقيق التقسيم.
على أية حال، علينا أن نكون واقعيين وأن ننطلق من الإقرار بأنه لم تكن ولن تكون هناك مشكلة ضمير لأحد في الإدارة الأميركية ومؤسساتها، لأي ضرر أو تدمير لحق أو يلحق أو سيلحق بنا أو بغيرنا، على أيديهم، لأن الأميركيين يعرفون تماما ما يريدون، وقد عبر عن ذلك جوزيف بايدن بوضوح حين قال: (إن مشروع التقسيم لاقى توافقا كاسحا بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي)، وهذا التوافق وإن دل على شيء فإنما يدل ويعيد التأكيد على أنه من غير الوارد أن يختلف الأميركيون فيما بينهم حول الأهداف الإستراتيجية، التي يتفقون على أنها تستحق أن يدوسوا من أجلها على كل القيم والمبادىء، ويتجاوزوا الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، وينقلبوا حتى على شعاراتهم وخطاباتهم السياسية.
أما المعركة الأكبر والأخطر، فمع أولئك العرب الذين انبرى بعض رموزهم قبل أن يجف حبر مشروع التقسيم، ليدافعوا عنه ويروجوا له وليعيدوا على مسامعنا دروس الواقعية، والعقلانية، وضرورة التخلي عن الشعارات العنترية، بل إن منهم من وصل بالوقاحة خلال مقابلة على إحدى الشاشات العربية، إلى حد التساؤل عما إذا كان أحد قد سأل من يعيشون في بلاد الرافدين (على حد تعبيره) عما إذا كانوا يرغبون في أن يكونوا دولة واحدة. وحذر آخر من مخاطر تحدي الغول الأميركي الجريح، ودعا ثالث لا يقل صفاقة، إلى انجاز التقسيم والإبقاء عليه لفترة، ومن ثم توجه الدعوة بعد عدة سنوات إلى العراقيين لممارسة حقهم الديمقراطي والتصويت على بقاء التقسيم، أو التوحد.
ولكي لا ينسى أحد أو يتناسى، فقط، نذكر أن سماسرة السياسة الأميركية من العرب هم أنفسهم من وزعوا نعوت الجهل والتخلف، على كل من نبه إلى كذب شعارات الحرية والديمقراطية التي زين الأميركيون بها جريمة غزوهم، وأطلقوا وصف ضحايا نظرية المؤامرة، على من حذروا من أن احتلال العراق سيقود إلى افتعال حرب أهلية بين أبنائه وإلى تقسيمه.
هؤلاء السماسرة بشحمهم ولحمهم ينكرون اليوم وسينكرون غدا، ( إنكاراً مدفوع الثمن)، النوايا الأميركية في تقسيم لبنان بعد فرض التوطين عليه، وتقسيم السعودية وتقسيم السودان، وصولا إلى تقسيم مصر الذي سيكون الجائزة الكبرى لإسرائيل.