-
دخول

عرض كامل الموضوع : الناس يقولون أنها إعادة توزيع للثروة


Tarek007
06/07/2005, 20:38
الناس يقولون أنها إعادة توزيع للثروة



د. عمر شابسيغ: ( كلنا شركاء )



بشرنا مستشار السيد وزير المالية منذ فترة بصدور قرارات اقتصادية فإذ بنا نرى أنفسنا أمام عدد من القرارات التي تم إعدادها في وزارة المالية وكانت الحجج التي أعطيت بعد صدورها غير مقنعة. وأساسا كان من المفروض عند نشر هذه المراسيم أن يتم نشر الأسباب الموجبة حتى يعرف الناس لماذا حصل ما حصل وحتى يعذروا الحكومة على فعلتها هذا إذا لم تكن الحكومة ترغب بالشفافية ومناقشة الموضوع على الملأ قبل صدور القرارات.
سألخص ما فهمته أنا كمواطن عادي لست أخصائيا في الاقتصاد:
1- تم تعديل الرسوم الجمركية على عدد من المواد وهنا يسترعي الانتباه تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات.
2- تمت زيادة رسم الإنفاق الالاستهلاكي على السيارات.
3- تمت زيادة الرسوم السنوية على المركبات الخاصة بنسبة 100%.
4- تم فرض رسم تسجيل إضافي على السيارات السياحية عند تسجيلها لأول مرة.
5- تم فرض رسم عجيب التسمية (رسم حماية البيئة) على المركبات وبنسبة متزايدة مع عمر السيارة.
6- تمت زيادة نسب رسم الطابع المالي.
7- تم فرض رسم إنفاق استهلاكي على مكالمات الهاتف.
بعد أن نحلل هذه المواضيع السبعة سنجد قاسما مشتركا لها ننظر إليه كمنظومة لا أعرف حتى الآن هل كانت مقصودة من واضعيها أم لا وسنرى وسيحكم القارئ.
1- بشكل عام يقال لنا بأنه تم تخفيض الرسوم الجمركية لشريحة كبيرة من المواد وقيل لنا أن ذلك كان لتنفيذ إتفاق الشراكة الأوروبية التي تسعى حكوماتنا للدخول فيها. وبغض النظر عما حدث فهناك سؤال يجب طرحه هنا: اماذا لم يتم نشر نص الإتفاقية في الصحافة؟ لم تشرح الحكومة للمواطنين الفائدة التي ستعود عليهم من الشراكة الأوروبية وما هي سلبيات ذلك. أين الشفافية أيتها الحكومات في أمر مصيري كهذا؟ ألم يكن من قبيل الاحترام لإنسان هذا الوطن أن يتم شرح الإتفاقية المطلوبة ومزاياها ومساوئها ثم طرح الموضوع للنقاش العام ثم في استفتاء حر دون ضغط من قبل الحكومة ليقول الشعب رأيه في ذلك. كما تم مؤخرا طرح الدستور الأوروبي على الاستفتاء في فرنسا وهولندا؟ ولكن أين نحن من ذلك؟ لا زلنا بعيدين ولا يريد أحد أن يرفعنا إلى هذا المستوى.
نعود إلى موضوع السيارات فقد حاولت وزارة المالية إقناعنا أنه قد تم تخفيض كبير على الرسوم الجمركية للسيارات وكأنها ستصبح في متناول الجميع. ولكن باقي المراسيم المرافقة التي حضرتها المالية وأدت أغلب هذا التخفيض.
2- سيقول لنا قائل أن زيادة رسم الإنفاق الاستهلاكي على السيارات هو لتعويض الخزينة عن جزء مما خسرته من الرسوم الجمركية التي تم تخفيضها فهل هذا إلتفاف على اتفاق الشراكة الأوروبية؟ أولن يفهمها أولئك أم أننا نحن شاطرون ونستطيع أن نضحك على العالم؟ ويقول لنا قائل آخر أن زيادة هذا الرسم لأن السيارة هي أمر كمالي. وهكذا نكون قد عدنا إلى هذا الكلام غير المقبول أساسا.
3- أما مضاعفة الرسوم السنوية على المركبات الخاصة فكانت مع الأسف ضربة بشكل رئيسي لأصحاب الدخل المحدود الذين يملكون سيارة خاصة ومن المعيب فعلا أن أحد المسؤولين وهو المتنعم براتب يعادل حوالي العشرين مرة للحد الأدنى من رواتب الدولة يقوم بالتصريح بأن المبلغ الذي تمت زيادته زهيد ولن يؤثر على أحد. هل فكر هذا المسؤول بأن هذا الميلغ الزهيد على أصغر وأقدم سيارة يستطيع إطعام أفواه أطفال كذا كيلوغرام من اللحم؟ هل فكر واضع هذا القرار في ذلك؟ أم أن راتب الدولة يكفيه للسهر اليومي في أغلى المطاعم؟
4- ولم يكف واضع القانون رسم الإنفاق الاستهلاكي الذي تمت زيادته على السيارات بل قام بوضع رسم تسجيل إضافي على السيارت السياحية عند تسجيلها لأول مرة. وهذا إلتفاف ثاني على اتفاق الشراكة الأوروبية.
5- كم سيضحك علينا العالم عندما يسمع برسم حماية البيئة العجيب الذي تفتق ذهن بعض العاملين في وزارة المالية عنه. هل تظنون أن هذا الرسم كان لتخفيض انبعاث الغازات من السيارات؟ لقد أدخلت وزارة المالية في هذا الأمر نفسها في أمر لم يكن عليها الدخول فيه أساسا. إن تخفيض انبعاث الغازات من المركبات لا يتم بفرض رسم بل بأن تقوم الشرطة ودوائر النقل بواجبها في ملاحقة ذلك كما هو يجري في كل أنحاء العالم.
أم أننا لم نعد قادرين على إجبار رجال الشرطة على القيام بهذا الواجب بسبب رواتبهم (ورواتب الموظفين بشكل عام) المنخفضة؟ إذن الموضوع ليس موضوع تخفيض انبعاث الغازات من عوادم المركبات وإلا لكان واضعوا القانون أضافوا لأنواع السيارات كل مركبات الحكومة دون استثناء لأية وزارة (وهذه المركبات أقدر أنها تشكل ربما بين 30% و50% من مجموع المركبات في القطر وأرجو ممن يعرف أن يصلح لي معلوماتي وهي أي سيارات الدولة، في انبعاث عوادمها تتسبب في أكثر من 80% من مجموع الإنبعاثات ومن لايصدق فليقارن التلوث في دمشق يوم السبت الذي لا تعمل فيه كل الحكومة مع باقي أيام الأسبوع أو لتقم محافظة مدينة دمشق بإجراء قياسات لما أتكلم عنه هنا) ولكانوا جعلوا الرسم تصاعديا متناسبا مع حجم محرك المركبة أي حجم الغازات الصادرة عن عادمها، أي أن يكون الرسم على سيارة حجم غرفة احتراقها (2000) سنتمتر مكعب ضعف رسم سيارة ذات حجم غرفة احتراق (1000) سنتمترمكعب. وهنا يظهر مدى جهلي بالحساب أليس كذلك؟ أم هل كان هذا الرسم أيضا لتعويض الخزينة عن خسائرها المحتملة من إنقاص الرسوم الجمركية. (الظاهر أنني لا أعرف أنه بتخفيض الرسوم الجمر! كية يمكن التعويض للخزينة بزيادة الاستيراد الذي سيحصل. هذا جهل آخر من قبلي بالحساب).
أم أن هناك هناك سبب آخر يا ترى؟ فلننظر.
في مقالة سابقة طالبت وبقوة بإطلاق حرية التجارة والصناعة للقطاع الخاص من الباب العريض بعيدا عن المساس بالقطاع العام. فأنا مع القطاع الخاص وتنشيطه كما كان في خمسينات القرن العشرين. ولكنني مع إصلاح القطاع العام قبل التفكير ببيعه.
ولكن الظاهر أن أحد مقترحي رسم البيئة كان يريد أن يجبر أصحاب السيارات العتيقة (بغض النظر عن سوء أو عدم سوء انبعاث غازات العوادم منها) على التخلص منها بجعل الرسم تصاعديا مع عمر السيارة فيضطر مالك السيارة مع الوقت لبيع سيارته بخسارة كبيرة ليستفيد وكيل السيارات بقيام الناس بشراء سيارات جديدة. أرسل من هنا بتحية لوزارة المالية على هذا الجهد في تشجيع تجارة السيارت. ولكن إذا كان الأمر كذلك (وربما أكون مخطئا) أولا يعرف واضعوا هذا القانون أنهم لا يستطيعون إجبار من لا يملك المال على شراء سيارة جديدة وأن من لديه سيارة عتيقة لو كان لديه المال لاستبدلها بجديدة لوحده؟
إن حق الدولة في ضبط انبعاث عوادم السيارات هو في أن يكون ذلك ضمن الحدود والمواصفات التي تطلبها الدولة. هذا الأمر هو كذلك في كل أنحاء العالم لا يتعلق إطلاقا بسنة صنع السيارة ولا بكمية الكيلومترات التي سارتها بل بقياس الانبعاث الفعلي من العادم. وإنني على استعداد لأن أبرهن لمن يريد من المسؤولين أن هناك سيارات يبلغ عمرها أكثر من /20/ عاما. انبعاث عوادمها أفضل بكثير من سيارات جديدة يتم استيرادها حاليا دون ضوابط من قبل الدولة. هل نتكلم عن المصالح الشخصية في ذلك؟ لا. وإنني هنا أرفع صوتي إلى السيد رئيس الجمهورية راجيا إلغاء هذا المرسوم.
إذا كانت الحكومة تريد تشجيع استيراد السيارات الجديدة فعليها أن تعيد إصدار قانون ضريبة الدخل بحيث تمنع التجار من المغالاة الكبيرة في أرباحهم. وإليكم مقارنة بسيطة قمت بها حول إحدى السيارات التي يتم بيعها في سورية وليستطيع القائمون على الدولة أن يعرفوا كيف يقومون بتشجيع استيراد السيارات. إحدى السيارات السياحية الكبيرة التي تباع في سورية بمبلغ (4850000) ليرة سورية وجدت الطراز الأكبر منها في بلد المنشأ يباع مع ربح التاجر وضريبة المبيعات والتسجيل بمبلغ (20450) دولار أمريكي فإذا افترضنا أن هذا هو سعرها مع أجور الشحن إلى سورية (آخذين ربح التاجر وضريبة المبيع هناك مقابل أجور الشحن) فإننا نرى وبحسبة صغيرة أن رسوم هذه السيارة الجمركية (حسب الرسوم القديمة) هو 20450 X 2.55 = 52147.5 دولار وبالتالي يكون سعر السيارة دون ربح التاجر السوري 72597.5 دولار أي ما يعادل حسب سعر تحويل /54/ ليرة سورية هو 3920000 ليرة سورية. ولا تنسوا أن هذه هي السيارة الأغلى والأكبر من تلك المباعة في سورية. فكم هو ربح التاجر السوري؟ مليون ليرة سورية فقط لا غير( حوالي 20000دولار) أي بقدر سعر السيارة في بلد الم! نشأ عند وكيل هناك مع ضريبة المبيعات والتسجيل. لو كان تجارنا يريدون حقا ازدهار تجارتهم لاتقوا الله في أرباحهم ولو كانت الدولة تريد تشجيع التجارة بشكل عام لضبطت قانون ضريبة الدخل بحيث لا يعود من المجدي للتاجر أو الصانع أن يحاول الحصول على أرباح فاحشة ولارتاح الناس.
في كل بلاد العالم المتقدمة وأكثرها تشددا في موضوع انبعاث الغازات (ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة) تجد سيارات يزيد عمرها عن اربعين وخمسين سنة تسير في شوارعها بجانب أفخم السيارات الحديثة وليس للدولة على صاحب السيارة القديمة إلا التقيد بمواصفات غازات العوادم ولو خالف ذلك لأوقفت السيارة فورا من قبل السلطات. فأين نحن من ذلك وإلى أين يأخذنا مجتهدو وزارة المالية؟
لقد حاول كل من الدكتور سمير صارم والسيد زياد غصن في صحيفة تشرين أن يقولا شيئا حول كل هذه الأمور ولكن مع احترامي الشديد لهما فقد أحسست في صوتيهما غصة لم يستطيعا بها الإفصاح عن أكثر مما قالا. ولكن صحيفة تشرين في عددها الصادر يوم الأحد الواقع في 29/5/2005 أسفل الصفحة /14/ وعلى استحياء وضمن إطار صغير جدا ذكرت ما يلي:
(قال الأستاذ محمد خضر السيد أحمد معاون وزير المالية لشؤون الضرائب والرسوم. أن رسم حماية البيئة الذي فرض مؤخرا " يرفد بشكل أو بآخر خزينة الدولة. قبل فرض هذا الرسم كانت تصرف مبالغ طائلة من الموازنة العامة على حماية البيئة ". وأضاف السيد أحمد: " هذا الرسم يشكل دعما إضافيا للخزينة في سبيل استمرار عملية حماية البيئة التي تقوم بها الدولة ").
الآن عرفنا من أين صدرت الفكرة العظيمة لرسم حماية البيئة. لأنه يدافع عنها. ولكن مع الأسف كان دفاعه غير مقنع إطلاقا وغير مزيل للخطأ الذي وقعت فيه الدولة بإحداث رسم حماية البيئة بل زاد الطينة بلا كما يقال. إن كلامه عن (مبالغ طائلة تصرف من الموازنة العامة على حماية البيئة) ليس كلاما علميا ولا منطقيا ولا اقتصاديا. ولا نريد أن نقول بأنه يقوم باستصغار عقول المواطنين فالناس أصبحوا يفكرون. هل يتفضل هذا المسؤول وبشفافية يجب أن تتصف بها أعمال الحكومة مع المواطنين أن يقول لنا كمية هذه المبالغ الطائلة التي يتكلم عنها وأين تصرف؟ فليحاول هذا المسؤول إقناعنا بكلامه فكلامه توصيفي مثل موضوع إنشاء وليست هذه صفة مقبولة في وزارة المالية، أليس كذلك؟ أم أننا نحن الذين لا نفهم؟ وليقل لنا هذا المسؤول ما هي الأعمال التي تقوم بها الحكومة لحماية البيئة. هل زادوا رواتب رجال الشرطة الذين عليهم ضبط السيارات التي يخالف انبعاثها المواصفات السورية؟ (هل يوجد شيء اسمه مواصفات سورية؟) بحيث لا يهتز الشرطي عندما يقدم له سائق مركبة مبلغا من المال بل يقبض عليه! بتهمة محاولة رشوته؟ وهل زادوا رواتب موظفي دوائر النقل التي تفحص السيارات عند تجديد رسومها السنوية حتى يقوموا بواجبهم كاملا؟ أم اعود إلى السبب في فرض هذا الرسم كما أراه بسبب طبيعته المتزايدة مع قدم السيارة. إن الريبة تنتابنا في موضوع هذا الرسم بسبب هذه الطبيعة. ولا نقبل إطلاقا أن يقال لنا وكأننا أغبياء بأن هذا الرسم سيقلل من الانبعاث الضار من المركبات او أن يقال لنا بأن للدولة علينا شيء آخر إلا أن نضبط عوادم سياراتنا مهما كان عمرها.
أعود فأرجو السيد رئيس الجمهورية إلغاء هذا المرسوم وعدم إرساله إلى مجلس الشعب راجيا له التوفيق كما أنني أرجو إبعاد أمثال من يسيؤون إلى مظهر الدولة من المسؤولين الذين يقدمون مشاريع قوانين أو قرارات غير صحيحة وغير سليمة وكفانا تجارب في المواطنين من كل مسؤول في موقع مسؤوليته ومهما كانت صفة مسؤوليته وموقعه ممن لم يستطع أن يصنع شيئا أو يتخبط عشوائيا دون أن يحاول استشفاف الخط العام لسياسة السيد رئيس الجمهورية في التطوير والتحديث والإصلاح. فليرحل هذا (أو هؤلاء) المسؤولون. أولا تكفي سنتان من التخبط من قبل أمثال هؤلاء فما بالنا بأكثر من ذلك زمنا؟
6- أما رسم الطابع المالي فقد طالبت وطالب غيري ومرارا بإلغاء هذا الرسم الذي يعود إلى نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ولم يعد موجودا في أنحاء العالم.
7- أما العجيبة الأخيرة فهي في فرض الرسم الاستهلاكي على المكالمات الهاتفية. نعم ايها السادة المواطنون. لقد تفتق فكر بعض مسؤولي وزارة المالية أن يقولوا لنا أن المكالمات الهاتفية هي نوع من الرفاهية. إنني أدعو الناس إلى العودة إلى العصور الحجرية والتخاطب بالدخان بدلا عن الهاتف.