Tarek007
10/07/2005, 21:03
احزر عنوان المقال واربح جائزة قيمة .. ?!
الحل في مكان اخر .؟؟!
ولدت في مشفى التوليد العسكري المجاني .. ، واقام معظم افراد عائلتي بجانب ( حلّة المحشي ) التي طبخوها في ( المهجع ) الذي نامت فيه والدتي متضمنا كافة وسائل التسلية من سماع مواء القطط الى التأمل في الحشرات الاليفة المتنزهة في السقف الفسيح ، ومشاركة الاحاديث من الجيران في الاسرّة المجاورة ،
واستنشاق روائح البصل وقشر الخيار والكمون الذي يضاف الى مرق الفول الشهي .. اجواء لا تنسى .. ( اهلية بمحلية ) .. تبقى ابدا في الذاكرة وتروى للاجيال القادمة ( مع نيدو ) ..
انتقلت إلى البيت بسيارة ( جيب وليز ) أيضا ( مجانية ) وهنا طُبّقت علي القاعدة ( امصع/اي اقطع/ راس القط من اول ليلة ) حيث أني أصبحت اسمع كل الأصوات الصاخبة المزدهرة في بلدي ، من بعد تلك التوصيلة ، سمفونية هادئة ولو عزفتها الطرطيرات الحنونة ، على إيقاع العازفين المهرة على جرات ( غاز .. غاز .. ) ، وتناغم اصوات الباعة المتجولين " جواب " .. يرد عليه " قرار " .. ويحزر جمهور الحارة المقام ( بيات .. رصد .. ام نهاوند .. ) ويحلمون بالمشاركة في برنامج سكة الندامة ( طريق النجوم ) آملين ان يتفادوا البهدلة المجانية التي كان يغدق بها .. المايسترو نجيب السراج على المشتركين .. وهو الذي بقي في " التوب تين " اكثر من ثلاثين عاما محافظا على مركزه الاول في التلفزيون السوري القناة الثانية .. باغنية ( عسلي عسلي عسلية .. ) .. يلحق به مباشرة سمير حلمي .. وهناك توقعات بان يتجاوزه في غضون العشرين سنة القادمة .. ليرحم أمواتكم وأمواتنا ..
انتقلت للعيش في بيت ، صحيح انه كان مؤلف من غرفة واحدة ، الا ان " التواليت " فيه كان ( مجاني ) كبيرا و شاسعا .. تبدأ حدوده من سور ( حاكورة ) " ام فراس " التي كنا مستأجرين عندها ويمتد الى حدود أراضي " ابو مفلح " بمساحة تقدر اكثر من دونمين من الاراضي البور المفروشة بالحجر البازلتي الاسود بحيث تحار كيف وأين ستقضي حاجتك فيها ، وخاصة في ليلة صيفية .. تعج بالنجوم ( مثل الفضائيات العربية ).. وتستمتع بنسمة عليلة .. ولا يعكر جلسة التأمل هذه الا سماعك نباح كلب ( جعاري ) يعوي مقتربا منك .. معلنا انتهاء حصة الراحة اليومية ..
السكر والرز ببطاقات تموينية والاسعار تشجيعية ، حتى ان جدي " حسبها " و فتح خط انتاج لتفريخ الاولاد ، واصبح يأخذ حصصهم المجانية ويبيعها في السوق السوداء وعملها تجارة .. ذهبت بالأولاد و ابقت له بالاضافة الى راتب التقاعد عوائد البطاقات.
الطبابة في المستوصفات الحكومية ( ايضا مجانية ) اللقاحات متوفرة لكل الامراض المعدية والسارية ( ما عدا الفساد والتسطيم ) ، حتى في طب الاسنان ، يوفرون في المراكز المنتشرة في كل مدن القطر ، مواطنين مجانيين ليتدرب عليهم الطلاب ، اما العمليات الجراحية ( بالدور ) .. فنحن نجحنا في ابرام اتفاقات شراكة مع عزرائيل ،تقضي بان ينتظر مدة اضافية ويراعي ظروفنا المجانية ..
رأسمال الدراسة عندنا " صدرية " .. فالتعليم ايضا مجاني من اللغة الانكليزية الى دروس الوطنية ، وبعد 11 سنة دراسة ينجح الكثير منا في حفظ كلمة " ويل كوم " ، ونتقن جميعنا مهارات التهرب من الخدمة العسكرية ، وفي الجامعات دراسة نموذجية ، وبينما في الخارج الاساتذة ضعيفو الامكانيات ولا يستطيعون التواصل الا مع عدد قليل من الطلاب في كل صف ، نمتلك نحن اساتذة يدرسون في مدرجات تشبه مدرجات الملاعب الرياضية في اتساعها واماكن تقديم العروض المسرحية ، ومع ذلك تجد الطلاب فيها " مكبوسين " كحالهم عند استخدامهم لوسائل النقل العمومية من سرافيس وما شابه ..
المهم آلاف الخريجين من الخبرات اصحاب الامكانيات والمهارات المكتسبة من خلال التدريب في المخابر الحديثة التي نمتلكها ، هؤلاء بخبراتهم مطلوبين لدعم وسد احتياجات القطاع العام والاعمال الحكومية ، وهنا تبدأ رحلة التفوق . . لاصحاب المهارات والامكانيات .. الذين أتوا الينا بالمظلات والمسدسات والريبورتات ( استخدمنا ريبورت بدلا من تقرير لضرورة الشعر ) .. واكملوا الرحلة المجانية التي بدؤوها بالحاكورة .. بالمرسيدسات وسفرات ودولارات ( لم نستخدم الليرة السورية للتعذر ) وكولابات .. وخلفوا صبيان وبنات ..
وهنا انتهى عصر المجانية ( فقط للمتفوقين ) .. وبدأ عصر الشويفات ومع كل غرفة حمام ، ومن غرفة عند " ابو مفلح " الى فيلات غربية وشرقية ومزة اوتستراد .. ومن عصر المؤسسات الاستهلاكية الى تيد لابيدوس وأزارو وبيير بالمان .. ومع انه ما زلنا بانتظار كنتاكي .. الا اننا نجحنا في تخطي الكوكا كولا والبيبسي .. لاننا لا نستطيع ان نكسر بخاطر نانسي عجرم واليسا ..
وفي الصورة الكلية انقسم المجتمع السوري نصفين .. 99.9999 % مجاني ، و0.0000001 مأجور ( او غير مجاني ) .. الآن القسم غير المجاني ( المأجور ) .. ( مع كل غرفة حمام ) .. يريد ان ينتشل النصف المجاني ( حاكورة ) من معاناته مع الكلاب ( الجعارية ) ..
وهذا هو اقتصاد السوق الاجتماعي ؟؟!
نضال معلوف
الحل في مكان اخر .؟؟!
ولدت في مشفى التوليد العسكري المجاني .. ، واقام معظم افراد عائلتي بجانب ( حلّة المحشي ) التي طبخوها في ( المهجع ) الذي نامت فيه والدتي متضمنا كافة وسائل التسلية من سماع مواء القطط الى التأمل في الحشرات الاليفة المتنزهة في السقف الفسيح ، ومشاركة الاحاديث من الجيران في الاسرّة المجاورة ،
واستنشاق روائح البصل وقشر الخيار والكمون الذي يضاف الى مرق الفول الشهي .. اجواء لا تنسى .. ( اهلية بمحلية ) .. تبقى ابدا في الذاكرة وتروى للاجيال القادمة ( مع نيدو ) ..
انتقلت إلى البيت بسيارة ( جيب وليز ) أيضا ( مجانية ) وهنا طُبّقت علي القاعدة ( امصع/اي اقطع/ راس القط من اول ليلة ) حيث أني أصبحت اسمع كل الأصوات الصاخبة المزدهرة في بلدي ، من بعد تلك التوصيلة ، سمفونية هادئة ولو عزفتها الطرطيرات الحنونة ، على إيقاع العازفين المهرة على جرات ( غاز .. غاز .. ) ، وتناغم اصوات الباعة المتجولين " جواب " .. يرد عليه " قرار " .. ويحزر جمهور الحارة المقام ( بيات .. رصد .. ام نهاوند .. ) ويحلمون بالمشاركة في برنامج سكة الندامة ( طريق النجوم ) آملين ان يتفادوا البهدلة المجانية التي كان يغدق بها .. المايسترو نجيب السراج على المشتركين .. وهو الذي بقي في " التوب تين " اكثر من ثلاثين عاما محافظا على مركزه الاول في التلفزيون السوري القناة الثانية .. باغنية ( عسلي عسلي عسلية .. ) .. يلحق به مباشرة سمير حلمي .. وهناك توقعات بان يتجاوزه في غضون العشرين سنة القادمة .. ليرحم أمواتكم وأمواتنا ..
انتقلت للعيش في بيت ، صحيح انه كان مؤلف من غرفة واحدة ، الا ان " التواليت " فيه كان ( مجاني ) كبيرا و شاسعا .. تبدأ حدوده من سور ( حاكورة ) " ام فراس " التي كنا مستأجرين عندها ويمتد الى حدود أراضي " ابو مفلح " بمساحة تقدر اكثر من دونمين من الاراضي البور المفروشة بالحجر البازلتي الاسود بحيث تحار كيف وأين ستقضي حاجتك فيها ، وخاصة في ليلة صيفية .. تعج بالنجوم ( مثل الفضائيات العربية ).. وتستمتع بنسمة عليلة .. ولا يعكر جلسة التأمل هذه الا سماعك نباح كلب ( جعاري ) يعوي مقتربا منك .. معلنا انتهاء حصة الراحة اليومية ..
السكر والرز ببطاقات تموينية والاسعار تشجيعية ، حتى ان جدي " حسبها " و فتح خط انتاج لتفريخ الاولاد ، واصبح يأخذ حصصهم المجانية ويبيعها في السوق السوداء وعملها تجارة .. ذهبت بالأولاد و ابقت له بالاضافة الى راتب التقاعد عوائد البطاقات.
الطبابة في المستوصفات الحكومية ( ايضا مجانية ) اللقاحات متوفرة لكل الامراض المعدية والسارية ( ما عدا الفساد والتسطيم ) ، حتى في طب الاسنان ، يوفرون في المراكز المنتشرة في كل مدن القطر ، مواطنين مجانيين ليتدرب عليهم الطلاب ، اما العمليات الجراحية ( بالدور ) .. فنحن نجحنا في ابرام اتفاقات شراكة مع عزرائيل ،تقضي بان ينتظر مدة اضافية ويراعي ظروفنا المجانية ..
رأسمال الدراسة عندنا " صدرية " .. فالتعليم ايضا مجاني من اللغة الانكليزية الى دروس الوطنية ، وبعد 11 سنة دراسة ينجح الكثير منا في حفظ كلمة " ويل كوم " ، ونتقن جميعنا مهارات التهرب من الخدمة العسكرية ، وفي الجامعات دراسة نموذجية ، وبينما في الخارج الاساتذة ضعيفو الامكانيات ولا يستطيعون التواصل الا مع عدد قليل من الطلاب في كل صف ، نمتلك نحن اساتذة يدرسون في مدرجات تشبه مدرجات الملاعب الرياضية في اتساعها واماكن تقديم العروض المسرحية ، ومع ذلك تجد الطلاب فيها " مكبوسين " كحالهم عند استخدامهم لوسائل النقل العمومية من سرافيس وما شابه ..
المهم آلاف الخريجين من الخبرات اصحاب الامكانيات والمهارات المكتسبة من خلال التدريب في المخابر الحديثة التي نمتلكها ، هؤلاء بخبراتهم مطلوبين لدعم وسد احتياجات القطاع العام والاعمال الحكومية ، وهنا تبدأ رحلة التفوق . . لاصحاب المهارات والامكانيات .. الذين أتوا الينا بالمظلات والمسدسات والريبورتات ( استخدمنا ريبورت بدلا من تقرير لضرورة الشعر ) .. واكملوا الرحلة المجانية التي بدؤوها بالحاكورة .. بالمرسيدسات وسفرات ودولارات ( لم نستخدم الليرة السورية للتعذر ) وكولابات .. وخلفوا صبيان وبنات ..
وهنا انتهى عصر المجانية ( فقط للمتفوقين ) .. وبدأ عصر الشويفات ومع كل غرفة حمام ، ومن غرفة عند " ابو مفلح " الى فيلات غربية وشرقية ومزة اوتستراد .. ومن عصر المؤسسات الاستهلاكية الى تيد لابيدوس وأزارو وبيير بالمان .. ومع انه ما زلنا بانتظار كنتاكي .. الا اننا نجحنا في تخطي الكوكا كولا والبيبسي .. لاننا لا نستطيع ان نكسر بخاطر نانسي عجرم واليسا ..
وفي الصورة الكلية انقسم المجتمع السوري نصفين .. 99.9999 % مجاني ، و0.0000001 مأجور ( او غير مجاني ) .. الآن القسم غير المجاني ( المأجور ) .. ( مع كل غرفة حمام ) .. يريد ان ينتشل النصف المجاني ( حاكورة ) من معاناته مع الكلاب ( الجعارية ) ..
وهذا هو اقتصاد السوق الاجتماعي ؟؟!
نضال معلوف