Rena
24/12/2007, 16:28
اليوم ..... انه الثالث عشر من كانون الأول ...
السماء تبكي في ليلها الأسود الحزين .... بعد عشرين دقيقة تدق الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل لندخل إلى يومٍ جديد....
رغبتي في البكاء لا تتوقف .... لطالما بكيت لبكاء من حولي ...
وكيف وإذ بها السماء تبكي ... تلك الصديقة الخيّرة التي عندما تبكي يفرح الفلاّح .... ويعلم بأنه سيشتري لأطفاله بدلة العيد لأن السماء جادت على أرضه بدموعها ... تلك الدموع الطاهرة .... دموعٌ لا تعلم أنها سر الوجود ... وسرُّ الفرح في هذا العالم الكبير الكثير الحزن ...
ما زالت عاداتي الشتوية الشديدة السرية تلازمني .
ولأنني لا أرغب أن يشاركني أحد في هذه الأمسيات التي أخلق لها أجواءً من السعادة الروحية الخاصة .... أكتفي بأن أمسك قلمي ودفتري لأكتب عنها , لعلّها تلهم بعض البؤساء بإيجاد مفتاح السعادة ....
غرفتي الآن في مهب الريح .... بابها أتركه مفتوح .... شرفتي ترقص عليها قطرات المطر .... الريح تدخل من هذا الباب الصغير ... قدح الشاي في هذه الليالي كالهواء الذي لا نستطيع أن نكمل بدونه ....
صوت مارسيل ... السكر الذي أضعه في قدح الشاي ....
آه من مارسيل وآهاته ... عندما كنت صغيرة كنت أعشق آهاته ... أستمع لأغانيه .... أحب أن أنظر لوجهه الحنون ... إلى أصابعه الجميلة .... أحب أن أشعر بلمسته الرقيقة وهي تداعب عوده الخجول ...
وعندما بدأت اكبر شيئاً فشيئاً .... وأدرك البعد الثالث لأغانيه ... وامتلك القدرة على تفسير الابهام الجلي في كلماته .... في ألحانه , في حركة شفاهه ..... أيقنت لماذا أحبه ....
نعم أحبه .... فلقد كان صديقي منذ طفولتي ...وفي شبابي ... هو من جعل مراهقتي لا تمر بشكلٍ خاطئ .... فوجّه اهتمامي لأشياء أكبر وأهم وأعظم مما يفكر به المراهقون ....
في التاسعة من عمري .... أجلس وحدي وأستمع لشجونه ...
آكل نصيبي من التوبيخ ... ((ما زلت صغيرة على هذه الأغاني )) (( قولي لي ماذا تفهمين من هذه العبارات أو تلك )) (( لماذا تحبين أن تحرقي عمرك ولا تحبين ان تعيشي طفولتك ))....
في ذلك الوقت كانت الكلمات تجرحني ... ولأنني لأذرف الدموع ... كنت أجد في الصوت الالهي الذي يصدر من مارسيل محرضاً للدموع ... كنت أعشق البكاء ... وكان البكاء برفقة ألحانه يشعل نار الحزن الجميل في داخلي ....
في ذلك الوقت لم أجد ما أدافع به عن نفسي من تلك العبارات , فأن أقول أن صوته يسعد روحي لن يكون سبباً كافياً لأن اعشقه وأنا في التاسعة من عمري ...
ركوة عرب .... أحلى من الركوة على منقل عرب ...
نعم إنها الركوة ... هي التي تجمعني بمارسيل مع اختلاف محتواها .... كان يتكلم عن الركوة وهي ملآ بالقهوة ... أما ركوتي فكانت جاهزة .... ولم تكن تحوي القهوة .... بل كانت تحوي الشاي ... لأنني لم أكن أحب القهوة في التاسعة من عمري ....وعندما أصبحت في الثالثة عشرة أصبحت من غير القهوة لا أستطيع أن أعيش ...., وهكذا انضمت ركوة القهوة إلى ركوة الشاي ... لتجلس على طاولتي بجانب كتبي وأقلامي ودفاتري وساعتي الصغيرة ...
فالوقت يمضي ... والمطر ما زال ينهمر ...
فالركوة رمزٌ من رموز أحبائي .... عندما أنظر إليها وأجدها جالسة بصمت وبهدوء .... أشعر بأن روح مارسيل تحوم في غرفتي .....
ومازلت أحلم بلقاء مارسيل .... ومازلت أحلم بعصافير الجليل.... وما زلت أحلم بأن أشرب من ركوة عرب ... أن أراه عندما كان يوسف ويشكي ظلم أخوته لأبيه .... وما زلت احلم بأن أشعر بنسيم الريح ....وأن أرى النجوم والكواكب تسجد له ....
أن أشاركه حب بيروت .... عندما علّقها نجمةً في السماء ....
لطالما شعرت باقتران اسمه باسم فيروز ....فكلاهما سببٌ لرعشتي ونشوتي ....وسعادتي العارمة.... وكيف لي أن أنسى فيروز ... سرٌ من أسرار السعادة ...
من لم يعشق فيروز ... لم تعشقه السعادة ولا الحياة في عمرها ...
لو لم تكن فيروز .... فمن كان سيوقظني في صباحي الباكر ...
أهو صوت جارنا وهو يصيح على ابنه ويؤنب زوجته قبل صياح الديك ...!!
هل سأستيقظ على صوت أبي وأمي اللذين لا يعرفا أن يناما بعد السادسة صباحاً – لديهما قلقٌ كقلق الهجرة عند الطيور - ....
عشقت فيروز لأنها عشقت دمشق ...وخلّدت دمشق بأغانيها ... لطالما عشقت دمشق وقاسيون وسوق الحميدية وكنت لأنتظر قدوم فصل الصيف بفارغ الصبر لأطير واعانق حجارتها القديمة .... ياسمينها ... تلك البركة الحميمة التي تجمعني معها أجمل الذكريات ...
دمشق وفيروز ..... عندما أصل إليهما أفقد تواصلي مع حبر القلم ...
مع السطور ... مع المطر .... مع القهوة ...
تنحني الأقلام .... تحرق الأوراق نفسها ... يتبخر الحبر ..... في سبيل دمشق وفيروز ...
في الماضي كانت دمشق تنسب أهلها إليها وتضمهم بقوة ... إلاّ أن فيروز نسبت نفسها لدمشق وصلّت تحت سماءها ...فيال تواضع هذه السيدة العظيمة التي نسبت نفسها لمدينة في الوقت الذي تُنسبُ إليها الأشياء ... في الوقت الذي باتت فيه رمزاً للأشياء ... ولكنها أجادت في انتقاء المدينة ...
فالمعدن الأصيل يبحث عن نظيره في الأصالة ...
الآن.........جاوزت الساعة منتصف الليل ... أشعر بالنعاس ... تلك الأفكار الوردية بدأت في مغادرة سهرة يوم الخميس وها هو مارسيل يختم سهرته معي بسؤاله لنفسه .... أنا مدري مش ... انا مدري شو ... ما حدا عاجبني .... ما حدا عاجبني زهقان وتعبان ....
وها هي فيروز تنهي سهرتها معي بعد رحيل صديقي وتقول ... بكرا برجع بوقف معكن .... إذا مش بكرا ال بعدو أكيد ....
ولأن امتحاني الفصلي في مطلع الشهر القادم ... تزداد رغبتي في النوم في مثل هذه الحالات ... ولأنهم هجروني وذهبوا ليناموا ... سأطفئ الأنوار .. وأغلق الباب ...
وأغمض عيني لأنام .... لأن الشمس ستوقظني عند أول شعاع ترسله إلى أرضنا الرطبة ... المعطاء ...
لي حبيبٌ حبّه وسط الحشا ........ إن يشا يمشي على رمشي مشا
00:56 a.m
Fri 14/12/2007
السماء تبكي في ليلها الأسود الحزين .... بعد عشرين دقيقة تدق الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل لندخل إلى يومٍ جديد....
رغبتي في البكاء لا تتوقف .... لطالما بكيت لبكاء من حولي ...
وكيف وإذ بها السماء تبكي ... تلك الصديقة الخيّرة التي عندما تبكي يفرح الفلاّح .... ويعلم بأنه سيشتري لأطفاله بدلة العيد لأن السماء جادت على أرضه بدموعها ... تلك الدموع الطاهرة .... دموعٌ لا تعلم أنها سر الوجود ... وسرُّ الفرح في هذا العالم الكبير الكثير الحزن ...
ما زالت عاداتي الشتوية الشديدة السرية تلازمني .
ولأنني لا أرغب أن يشاركني أحد في هذه الأمسيات التي أخلق لها أجواءً من السعادة الروحية الخاصة .... أكتفي بأن أمسك قلمي ودفتري لأكتب عنها , لعلّها تلهم بعض البؤساء بإيجاد مفتاح السعادة ....
غرفتي الآن في مهب الريح .... بابها أتركه مفتوح .... شرفتي ترقص عليها قطرات المطر .... الريح تدخل من هذا الباب الصغير ... قدح الشاي في هذه الليالي كالهواء الذي لا نستطيع أن نكمل بدونه ....
صوت مارسيل ... السكر الذي أضعه في قدح الشاي ....
آه من مارسيل وآهاته ... عندما كنت صغيرة كنت أعشق آهاته ... أستمع لأغانيه .... أحب أن أنظر لوجهه الحنون ... إلى أصابعه الجميلة .... أحب أن أشعر بلمسته الرقيقة وهي تداعب عوده الخجول ...
وعندما بدأت اكبر شيئاً فشيئاً .... وأدرك البعد الثالث لأغانيه ... وامتلك القدرة على تفسير الابهام الجلي في كلماته .... في ألحانه , في حركة شفاهه ..... أيقنت لماذا أحبه ....
نعم أحبه .... فلقد كان صديقي منذ طفولتي ...وفي شبابي ... هو من جعل مراهقتي لا تمر بشكلٍ خاطئ .... فوجّه اهتمامي لأشياء أكبر وأهم وأعظم مما يفكر به المراهقون ....
في التاسعة من عمري .... أجلس وحدي وأستمع لشجونه ...
آكل نصيبي من التوبيخ ... ((ما زلت صغيرة على هذه الأغاني )) (( قولي لي ماذا تفهمين من هذه العبارات أو تلك )) (( لماذا تحبين أن تحرقي عمرك ولا تحبين ان تعيشي طفولتك ))....
في ذلك الوقت كانت الكلمات تجرحني ... ولأنني لأذرف الدموع ... كنت أجد في الصوت الالهي الذي يصدر من مارسيل محرضاً للدموع ... كنت أعشق البكاء ... وكان البكاء برفقة ألحانه يشعل نار الحزن الجميل في داخلي ....
في ذلك الوقت لم أجد ما أدافع به عن نفسي من تلك العبارات , فأن أقول أن صوته يسعد روحي لن يكون سبباً كافياً لأن اعشقه وأنا في التاسعة من عمري ...
ركوة عرب .... أحلى من الركوة على منقل عرب ...
نعم إنها الركوة ... هي التي تجمعني بمارسيل مع اختلاف محتواها .... كان يتكلم عن الركوة وهي ملآ بالقهوة ... أما ركوتي فكانت جاهزة .... ولم تكن تحوي القهوة .... بل كانت تحوي الشاي ... لأنني لم أكن أحب القهوة في التاسعة من عمري ....وعندما أصبحت في الثالثة عشرة أصبحت من غير القهوة لا أستطيع أن أعيش ...., وهكذا انضمت ركوة القهوة إلى ركوة الشاي ... لتجلس على طاولتي بجانب كتبي وأقلامي ودفاتري وساعتي الصغيرة ...
فالوقت يمضي ... والمطر ما زال ينهمر ...
فالركوة رمزٌ من رموز أحبائي .... عندما أنظر إليها وأجدها جالسة بصمت وبهدوء .... أشعر بأن روح مارسيل تحوم في غرفتي .....
ومازلت أحلم بلقاء مارسيل .... ومازلت أحلم بعصافير الجليل.... وما زلت أحلم بأن أشرب من ركوة عرب ... أن أراه عندما كان يوسف ويشكي ظلم أخوته لأبيه .... وما زلت احلم بأن أشعر بنسيم الريح ....وأن أرى النجوم والكواكب تسجد له ....
أن أشاركه حب بيروت .... عندما علّقها نجمةً في السماء ....
لطالما شعرت باقتران اسمه باسم فيروز ....فكلاهما سببٌ لرعشتي ونشوتي ....وسعادتي العارمة.... وكيف لي أن أنسى فيروز ... سرٌ من أسرار السعادة ...
من لم يعشق فيروز ... لم تعشقه السعادة ولا الحياة في عمرها ...
لو لم تكن فيروز .... فمن كان سيوقظني في صباحي الباكر ...
أهو صوت جارنا وهو يصيح على ابنه ويؤنب زوجته قبل صياح الديك ...!!
هل سأستيقظ على صوت أبي وأمي اللذين لا يعرفا أن يناما بعد السادسة صباحاً – لديهما قلقٌ كقلق الهجرة عند الطيور - ....
عشقت فيروز لأنها عشقت دمشق ...وخلّدت دمشق بأغانيها ... لطالما عشقت دمشق وقاسيون وسوق الحميدية وكنت لأنتظر قدوم فصل الصيف بفارغ الصبر لأطير واعانق حجارتها القديمة .... ياسمينها ... تلك البركة الحميمة التي تجمعني معها أجمل الذكريات ...
دمشق وفيروز ..... عندما أصل إليهما أفقد تواصلي مع حبر القلم ...
مع السطور ... مع المطر .... مع القهوة ...
تنحني الأقلام .... تحرق الأوراق نفسها ... يتبخر الحبر ..... في سبيل دمشق وفيروز ...
في الماضي كانت دمشق تنسب أهلها إليها وتضمهم بقوة ... إلاّ أن فيروز نسبت نفسها لدمشق وصلّت تحت سماءها ...فيال تواضع هذه السيدة العظيمة التي نسبت نفسها لمدينة في الوقت الذي تُنسبُ إليها الأشياء ... في الوقت الذي باتت فيه رمزاً للأشياء ... ولكنها أجادت في انتقاء المدينة ...
فالمعدن الأصيل يبحث عن نظيره في الأصالة ...
الآن.........جاوزت الساعة منتصف الليل ... أشعر بالنعاس ... تلك الأفكار الوردية بدأت في مغادرة سهرة يوم الخميس وها هو مارسيل يختم سهرته معي بسؤاله لنفسه .... أنا مدري مش ... انا مدري شو ... ما حدا عاجبني .... ما حدا عاجبني زهقان وتعبان ....
وها هي فيروز تنهي سهرتها معي بعد رحيل صديقي وتقول ... بكرا برجع بوقف معكن .... إذا مش بكرا ال بعدو أكيد ....
ولأن امتحاني الفصلي في مطلع الشهر القادم ... تزداد رغبتي في النوم في مثل هذه الحالات ... ولأنهم هجروني وذهبوا ليناموا ... سأطفئ الأنوار .. وأغلق الباب ...
وأغمض عيني لأنام .... لأن الشمس ستوقظني عند أول شعاع ترسله إلى أرضنا الرطبة ... المعطاء ...
لي حبيبٌ حبّه وسط الحشا ........ إن يشا يمشي على رمشي مشا
00:56 a.m
Fri 14/12/2007