secular
03/01/2008, 15:47
أسامة العيسة من الأزرق:
عن إيلاف
تقع واحة الأزرق شرق الأردن، على حدود المملكة الأردنية الهاشمية مع السعودية، وسوريا، والعراق، وبسبب هذا الموقع اكتسبت أهميتها على طرق المواصلات القديم والحديث، وكانت في العقود الأخيرة وحتى الان المنفذ البري المهم للعراق الذي خاض حروبا كثيرة، ومثلما كانت الشاحنات تمر عبر هذه الواحة، خلال فترة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، محملة بما يستلزمه العراق من ميناء العقبة في جنوب الأردن، فان الأمر لم يختلف كثيرا بعد سقوط نظام صدام حسين، وما زالت الشاحنات تتسابق في سيرها على الشارع، الذي مول شقه الرئيس العراقي السابق، لمد النظام الجديد في العراق كما كانت تفعل سابقا.
وبالنسبة للأردنيين تشتهر واحة الأزرق بوجود محمية طبيعية حيوانية فيها، ومحمية سمكية، ومصنع لاستخراج الملح، وأيضا بأنها موطنا للدروز.
وتنقسم الواحة إلى قسمين، الشمالي الذي يعيش في الدروز، والجنوبي الذي يسكنه غالبية من الشيشان، ولا توجد إحصاءات رسمية لعدد الدروز في الأردن، لان هذه الإحصاءات تدرجهم ضمن المسلمين، ولكن حسب تقديرات
حلية درزية فانهم يصلون إلى نحو 18 ألف نسمة كما يقول أحدهم وهو مشهور عز الدين البصار (55) عاما.
ويعيش البصار، الذي يعرف نفسه بأنه شاعر شعبي فطري في الأزرق، ويقول بأنه رغم أن اسم الأزرق اربتط بالدروز إلا أن اكثر من نصف عددهم في المملكة يعيشون في مناطق أخرى مثل مدن الزرقاء والرصيفة وعمان، ولكن بسبب قلة عددهم بالنسبة لباقي عدد السكان في هذه المدن، فانهم لا يشكلون ظاهرة واضحة بينهم، بعكس الأزرق التي ارتبطت بجودهم المعاصر في الأردن.
ويرتبط تاريخ الاستيطان الدرزي في الأزرق بالحضور الدرزي الكبير في جبل العرب في سوريا الان، حيث لم تكن هناك حدود فاصلة قبل تشكيل الدول الإقليمية العربية الحديثة، ويشكل الدروز في الأزرق امتدادا لإخوانهم في جبل العرب التي تفصلهم عنهم الان الحدود.
ويرفض البصار إطلاق تسمية الدروز عليهم، ويفضل استبدالها ببني معروف أو الموحدين، قائلا بان منشيء مذهبهم المنصور بالله (ويقصد الخليفة الفاطمي المثير للجدل الحاكم بأمر الله) اختفى سائحا في حب الله، واناب عنه شخص يدعى الدروزي، وعندما عاد المنصور بالله وجد بان الدروزي لم يكن أهلا وخائنا للأمانة، ومع ذلك حمل الموحدون اسمه فاصبح يطلق عليهم الدروز، رغم انهم لا يكنون للدروزي إلا كل بغض.
ويقلق البصار أن سوء الفهم من قبل باقي المواطنين للموحدين لا يقتصر على التسمية فقط، ولكنه يمتد إلى حمل أفكار خاطئة عنهم، مؤكدا انه يود لو يعلم الجميع بان الموحدين يتعبدون بالقران الكريم مثل باقي المسلمين ويؤمنون بالكتب الدينية الأخرى.
ويرفض ما يردد عن باطنية اتباع المذهب الدرزي، وإخفائهم لعقائدهم، قائلا بان السنوات الطويلة التي تعرض لها اتباع هذا المذهب من القمع، تجعلهم في كثير من الأحيان لا يظهرون ما يؤمنون به للعامة، وحافظوا على مبادئهم باستيطانهم المناطق الجبلية مثل الجولان وجبل العرب في سوريا والجليل في فلسطين.
ويأخذ بعض سكان الأزرق على الموحدين الدروز عدم انفتاحهم بالشكل الكافي على باقي المواطنين، وعدم السماح لأبنائهم وبناتهم بالزواج من مذاهب أخرى، مما يزيد من دائرة الانغلاق.
ويوافق البصار على جزء من هذا الحديث، ويقول بأنهم فعلا لا يتزوجون من خارج مذهبهم ولا يزوجون بناتهم لغير الدروز.
ولا يذكر البصار انه حدث وان تم كسر هذه القاعدة، وان تم ذلك، فهي زيجات نادرة، استتبعها مشاكل كثيرة، ويبرر هذا الموقف بأنه للحفاظ على تماسك أبناء المذهب.
ويقول بان الدروز متماسكون ومتعاونون فيما بينهم، ويعتزون بعروبتهم وأردنيتهم، ويتعاملون مع باقي المواطنين بكل احترام وتقدير، ويبتعدون عن أية اشكالات.
ولا يرى البصار بان وضع الدروز في الأردن وضعا مثاليا الان من حيث التمثيل في المؤسسات الرسمية كمجلس النواب او الحكومة، مشيرا إلى عدم وجود شخصيات منهم في مناصب نافذة رغم دورهم الذي يقول بأنه كان مهما في بداية تأسيس إمارة شرق الأردن، حيث دعم الدروز الهاشميين، وشاركوا بفعالية في الثورة العربية الكبرى التي قادها شريف مكة الحسين بن علي ضد الأتراك، وكان لدروز الأزرق التي كانت جزءا من جبل العرب دورا محوريا في الأحداث التي أدت إلى تأسيس إمارة شرق الأردن التي أصبحت فيما بعد المملكة الأردنية الهاشمية.
ويؤكد هذا الدور المهم في التأسيس كما يرى البصار، أن رئيس أول حكومة أردنية تشكلت عام 1921 كان درزيا هو رشيد طليع، بينما تولى درزيا أخر قيادة الجيش هو فؤاد سليم، واصبح الأمير عادل ارسلان رئيسا للديوان الأميري.
ومعظم هؤلاء الذين كان لهم دورا في تأسيس الكيان الأردني هم من المثقفين الذين دعموا الحكم الفيصلي في سوريا ووفدوا إلى الأردن بعد انتهاء ذلك الحكم.
ويقول البصار انه منذ ذلك التاريخ كان نادرا أن تجد وزيرا أو مسؤولا كبيرا من الدروز في الحكومات الأردنية المتعاقبة.
ويعتبر البصار أن دروز الأردن يشكلون امتدادا طبيعيا لباقي الدروز في فلسطين وسوريا ولبنان الذين يقدر عددهم بنحو مليون نسمة، يفخر البصار بأنهم جزء من الأمة العربية ولهم تاريخ يصفه بالمشرف ضد الدول الاستعمارية، والذي ما زال مستمرا حتى الان كما هو الحال في مقاومة الدروز في الجولان للاحتلال الإسرائيلي.
عن إيلاف
تقع واحة الأزرق شرق الأردن، على حدود المملكة الأردنية الهاشمية مع السعودية، وسوريا، والعراق، وبسبب هذا الموقع اكتسبت أهميتها على طرق المواصلات القديم والحديث، وكانت في العقود الأخيرة وحتى الان المنفذ البري المهم للعراق الذي خاض حروبا كثيرة، ومثلما كانت الشاحنات تمر عبر هذه الواحة، خلال فترة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، محملة بما يستلزمه العراق من ميناء العقبة في جنوب الأردن، فان الأمر لم يختلف كثيرا بعد سقوط نظام صدام حسين، وما زالت الشاحنات تتسابق في سيرها على الشارع، الذي مول شقه الرئيس العراقي السابق، لمد النظام الجديد في العراق كما كانت تفعل سابقا.
وبالنسبة للأردنيين تشتهر واحة الأزرق بوجود محمية طبيعية حيوانية فيها، ومحمية سمكية، ومصنع لاستخراج الملح، وأيضا بأنها موطنا للدروز.
وتنقسم الواحة إلى قسمين، الشمالي الذي يعيش في الدروز، والجنوبي الذي يسكنه غالبية من الشيشان، ولا توجد إحصاءات رسمية لعدد الدروز في الأردن، لان هذه الإحصاءات تدرجهم ضمن المسلمين، ولكن حسب تقديرات
حلية درزية فانهم يصلون إلى نحو 18 ألف نسمة كما يقول أحدهم وهو مشهور عز الدين البصار (55) عاما.
ويعيش البصار، الذي يعرف نفسه بأنه شاعر شعبي فطري في الأزرق، ويقول بأنه رغم أن اسم الأزرق اربتط بالدروز إلا أن اكثر من نصف عددهم في المملكة يعيشون في مناطق أخرى مثل مدن الزرقاء والرصيفة وعمان، ولكن بسبب قلة عددهم بالنسبة لباقي عدد السكان في هذه المدن، فانهم لا يشكلون ظاهرة واضحة بينهم، بعكس الأزرق التي ارتبطت بجودهم المعاصر في الأردن.
ويرتبط تاريخ الاستيطان الدرزي في الأزرق بالحضور الدرزي الكبير في جبل العرب في سوريا الان، حيث لم تكن هناك حدود فاصلة قبل تشكيل الدول الإقليمية العربية الحديثة، ويشكل الدروز في الأزرق امتدادا لإخوانهم في جبل العرب التي تفصلهم عنهم الان الحدود.
ويرفض البصار إطلاق تسمية الدروز عليهم، ويفضل استبدالها ببني معروف أو الموحدين، قائلا بان منشيء مذهبهم المنصور بالله (ويقصد الخليفة الفاطمي المثير للجدل الحاكم بأمر الله) اختفى سائحا في حب الله، واناب عنه شخص يدعى الدروزي، وعندما عاد المنصور بالله وجد بان الدروزي لم يكن أهلا وخائنا للأمانة، ومع ذلك حمل الموحدون اسمه فاصبح يطلق عليهم الدروز، رغم انهم لا يكنون للدروزي إلا كل بغض.
ويقلق البصار أن سوء الفهم من قبل باقي المواطنين للموحدين لا يقتصر على التسمية فقط، ولكنه يمتد إلى حمل أفكار خاطئة عنهم، مؤكدا انه يود لو يعلم الجميع بان الموحدين يتعبدون بالقران الكريم مثل باقي المسلمين ويؤمنون بالكتب الدينية الأخرى.
ويرفض ما يردد عن باطنية اتباع المذهب الدرزي، وإخفائهم لعقائدهم، قائلا بان السنوات الطويلة التي تعرض لها اتباع هذا المذهب من القمع، تجعلهم في كثير من الأحيان لا يظهرون ما يؤمنون به للعامة، وحافظوا على مبادئهم باستيطانهم المناطق الجبلية مثل الجولان وجبل العرب في سوريا والجليل في فلسطين.
ويأخذ بعض سكان الأزرق على الموحدين الدروز عدم انفتاحهم بالشكل الكافي على باقي المواطنين، وعدم السماح لأبنائهم وبناتهم بالزواج من مذاهب أخرى، مما يزيد من دائرة الانغلاق.
ويوافق البصار على جزء من هذا الحديث، ويقول بأنهم فعلا لا يتزوجون من خارج مذهبهم ولا يزوجون بناتهم لغير الدروز.
ولا يذكر البصار انه حدث وان تم كسر هذه القاعدة، وان تم ذلك، فهي زيجات نادرة، استتبعها مشاكل كثيرة، ويبرر هذا الموقف بأنه للحفاظ على تماسك أبناء المذهب.
ويقول بان الدروز متماسكون ومتعاونون فيما بينهم، ويعتزون بعروبتهم وأردنيتهم، ويتعاملون مع باقي المواطنين بكل احترام وتقدير، ويبتعدون عن أية اشكالات.
ولا يرى البصار بان وضع الدروز في الأردن وضعا مثاليا الان من حيث التمثيل في المؤسسات الرسمية كمجلس النواب او الحكومة، مشيرا إلى عدم وجود شخصيات منهم في مناصب نافذة رغم دورهم الذي يقول بأنه كان مهما في بداية تأسيس إمارة شرق الأردن، حيث دعم الدروز الهاشميين، وشاركوا بفعالية في الثورة العربية الكبرى التي قادها شريف مكة الحسين بن علي ضد الأتراك، وكان لدروز الأزرق التي كانت جزءا من جبل العرب دورا محوريا في الأحداث التي أدت إلى تأسيس إمارة شرق الأردن التي أصبحت فيما بعد المملكة الأردنية الهاشمية.
ويؤكد هذا الدور المهم في التأسيس كما يرى البصار، أن رئيس أول حكومة أردنية تشكلت عام 1921 كان درزيا هو رشيد طليع، بينما تولى درزيا أخر قيادة الجيش هو فؤاد سليم، واصبح الأمير عادل ارسلان رئيسا للديوان الأميري.
ومعظم هؤلاء الذين كان لهم دورا في تأسيس الكيان الأردني هم من المثقفين الذين دعموا الحكم الفيصلي في سوريا ووفدوا إلى الأردن بعد انتهاء ذلك الحكم.
ويقول البصار انه منذ ذلك التاريخ كان نادرا أن تجد وزيرا أو مسؤولا كبيرا من الدروز في الحكومات الأردنية المتعاقبة.
ويعتبر البصار أن دروز الأردن يشكلون امتدادا طبيعيا لباقي الدروز في فلسطين وسوريا ولبنان الذين يقدر عددهم بنحو مليون نسمة، يفخر البصار بأنهم جزء من الأمة العربية ولهم تاريخ يصفه بالمشرف ضد الدول الاستعمارية، والذي ما زال مستمرا حتى الان كما هو الحال في مقاومة الدروز في الجولان للاحتلال الإسرائيلي.