*Marwa*
18/01/2008, 20:26
قطط على سطح من الصفيح الساخن
حرص قادة الدولة العبرية على أن يسمعوا جورج دبليو بوش كل ما يدور في خواطرهم، ويطلعوه على مجمل خططهم، بما في ذلك مسلسل المذابح بحق أهالي الضفة الغربية، وقطاع غزة التي بدأوا بتنفيذها والرئيس الأميركي، يرفع السيف في الخليج متمايلا على وقع الدفوف.
حرص إيهود أولمرت، وشيمون بيريز على أن ينحني بوش الابن وجلا، في عتمة متحف الهولوكوست معتمرا الطاقية، بينما كانت المجنزرات الإسرائيلية، تحرق الأخضر واليابس في طريقها نحو مهمة روتينية، ذبح وجبة جديدة من أطفال وبنات وشبان الفلسطينيين الذين عاشوا على مدى ثلاثة أيام، حصارا مكثفا، يضاف الى الحصار الشامل المفروض على مدنهم وقراهم منذ عقود والذي ازداد وحشية وبشاعة بجدار الفصل العنصري والخنادق. وفرض حراس بوش حظرا على تحرك أهالي الضفة عشية وخلال زيارته الى الأراضي الفلسطينية والدولة العبرية، حفاظا على العزيز «جو».
ولان العقلية البراغماتية، لقادة الدولة العبرية، لن تغيب حتى في حفلات الاستقبال، فقد نشرت الصحافة الإسرائيلية، جرد حساب عن تكاليف إجراءات الحماية للرئيس الأميركي. ووفقا للإسرائيليين فان تكلفة الساعة الواحدة لعملية «السماء الصافية»، بلغت 25 ألف دولار.
ومما لا شك فيه أن إدارة البيت الأبيض ستدفع تلك التكاليف عدا ونقدا للحليف الإسرائيلي، من فوائد صفقات السلاح الضخمة التي أبرمها وكيل المجمع الصناعي الحربي خلال جولته الخليجية التي أتخمته وسمراء الدبلوماسية الأميركية، ومساعديهما، وعددهم يفوق الـ200، بولائم، تفنن طباخو القصور العامرة في تعفيرها بكل ما لذ وطاب، حتى أن عبقها غطى شعاب الخليج، واهب المحار والأسرار.
ولم تغثو تخمة الولائم، ذاكرة الرئيس الأميركي الذي استفرغ خطبا أمام مضيفيه، حفل بالتهديد والوعيد، وأعلن الثبور على الشعب العراقي الذي يقاتل بكل فئاته، قوات الرئيس المؤمن بديمقراطية «توماهوك»، و«بي وان»، والصواريخ «المخضبة باليورانيوم»، فاستحق أرفع الأوسمة، واندفع يهتز ويهز الآخرين على وقع الطبول.
أبرم بوش عقود سلاح بمليارات الدولارات تحت لافتة الخطر الداهم من إيران، وأكمل حليفه ساركوزي، الصفقات، بتركيب مفاعلات نووية في دول الخليج العربية المجاورة لمفاعل بوشهر.
وبصوت واحد، أكد مستر بوش ومسيو ساركوزي "حق العرب" في امتلاك التقنيات النووية، وعبرا بصوت واحد أيضا، عن القلق من نضوب النفط في بلدان الخليج .
وكانت واشنطن وحليفتها تل أبيب قد اغتالتا مئات العلماء العراقيين، اشتغلوا قبل احتلال بغداد، على برامج نووية، وصفها وزير خارجية البيت الأبيض السابق من منبر الأمم المتحدة، بأنها لأغراض عسكرية.
لكن طيفا من ضمير ضابط، يحترم بقايا الشرف العسكري، أقض مضاجع الجنرال كولن باول، ليصرح بعد احتلال العراق، وخراب البصرة وبغداد، وقتل ما يزيد على المليون مدني عراقي، وتشريد زهاء الخمسة ملايين، بأنه افترى على المجتمع الدولي، وبأن التقرير الذي ألقاه واعتمدته إدارة بوش ذريعة لتدمير بلاد النهرين، سيبقى «وصمة» في سجله العسكري والسياسي.
رحل كولن باول عن البيت الأبيض، وتحول الى محاضر يطوف الجامعات ومراكز الأبحاث في أميركا وخارجها. واستضافته معاهد في الخليج العربي، من بينها معهد الدراسات الإستراتيجية في دولة الإمارات العربية، نفس المعهد الذي اختير لبوش منصة يلقي فيه خطابه المركزي في دول الخليج، باتجاه إيران.
والفارق جوهري، وزير الخارجية الأميركي السابق كشف بالقلم العريض عن عيوب الإدارة التي عمل معها أربع سنوات. عيوب لا تخفى على الخليجيين، مثقفين وأميين. عيوب تتورم، وتتفتق عن جرائم ترتكبها جيوش بوش في العراق وأفغانستان، وتمنح المحتل الإسرائيلي، مكافآت تصل الى 30 مليار دولار سنويا، ليوغل في دماء الفلسطينيين .
لم يمنح قادة الدولة العبرية، أوسمة لجورج دبليو بوش، واكتفوا بانتزاع دموع ترقرقت أمام عدسات الكاميرات، في القبو المظلم لمتحف الهولكوست، حزنا على ضحايا المذابح النازية ضد يهود أوروبا .
لم يتذكر مضيفو بوش، خارج تل أبيب، موتاهم، ما دفع بناشطين سياسيين، ومعلقين ومثقفين في مصر وفي البلدان التي وطأها بوش للتساؤل: هل ما مازال لدى صناع القرار في العالم العربي ذاكرة، أم مجرد قطط على سطح من الصفيح الساخن ؟
سلام مسافر
حرص قادة الدولة العبرية على أن يسمعوا جورج دبليو بوش كل ما يدور في خواطرهم، ويطلعوه على مجمل خططهم، بما في ذلك مسلسل المذابح بحق أهالي الضفة الغربية، وقطاع غزة التي بدأوا بتنفيذها والرئيس الأميركي، يرفع السيف في الخليج متمايلا على وقع الدفوف.
حرص إيهود أولمرت، وشيمون بيريز على أن ينحني بوش الابن وجلا، في عتمة متحف الهولوكوست معتمرا الطاقية، بينما كانت المجنزرات الإسرائيلية، تحرق الأخضر واليابس في طريقها نحو مهمة روتينية، ذبح وجبة جديدة من أطفال وبنات وشبان الفلسطينيين الذين عاشوا على مدى ثلاثة أيام، حصارا مكثفا، يضاف الى الحصار الشامل المفروض على مدنهم وقراهم منذ عقود والذي ازداد وحشية وبشاعة بجدار الفصل العنصري والخنادق. وفرض حراس بوش حظرا على تحرك أهالي الضفة عشية وخلال زيارته الى الأراضي الفلسطينية والدولة العبرية، حفاظا على العزيز «جو».
ولان العقلية البراغماتية، لقادة الدولة العبرية، لن تغيب حتى في حفلات الاستقبال، فقد نشرت الصحافة الإسرائيلية، جرد حساب عن تكاليف إجراءات الحماية للرئيس الأميركي. ووفقا للإسرائيليين فان تكلفة الساعة الواحدة لعملية «السماء الصافية»، بلغت 25 ألف دولار.
ومما لا شك فيه أن إدارة البيت الأبيض ستدفع تلك التكاليف عدا ونقدا للحليف الإسرائيلي، من فوائد صفقات السلاح الضخمة التي أبرمها وكيل المجمع الصناعي الحربي خلال جولته الخليجية التي أتخمته وسمراء الدبلوماسية الأميركية، ومساعديهما، وعددهم يفوق الـ200، بولائم، تفنن طباخو القصور العامرة في تعفيرها بكل ما لذ وطاب، حتى أن عبقها غطى شعاب الخليج، واهب المحار والأسرار.
ولم تغثو تخمة الولائم، ذاكرة الرئيس الأميركي الذي استفرغ خطبا أمام مضيفيه، حفل بالتهديد والوعيد، وأعلن الثبور على الشعب العراقي الذي يقاتل بكل فئاته، قوات الرئيس المؤمن بديمقراطية «توماهوك»، و«بي وان»، والصواريخ «المخضبة باليورانيوم»، فاستحق أرفع الأوسمة، واندفع يهتز ويهز الآخرين على وقع الطبول.
أبرم بوش عقود سلاح بمليارات الدولارات تحت لافتة الخطر الداهم من إيران، وأكمل حليفه ساركوزي، الصفقات، بتركيب مفاعلات نووية في دول الخليج العربية المجاورة لمفاعل بوشهر.
وبصوت واحد، أكد مستر بوش ومسيو ساركوزي "حق العرب" في امتلاك التقنيات النووية، وعبرا بصوت واحد أيضا، عن القلق من نضوب النفط في بلدان الخليج .
وكانت واشنطن وحليفتها تل أبيب قد اغتالتا مئات العلماء العراقيين، اشتغلوا قبل احتلال بغداد، على برامج نووية، وصفها وزير خارجية البيت الأبيض السابق من منبر الأمم المتحدة، بأنها لأغراض عسكرية.
لكن طيفا من ضمير ضابط، يحترم بقايا الشرف العسكري، أقض مضاجع الجنرال كولن باول، ليصرح بعد احتلال العراق، وخراب البصرة وبغداد، وقتل ما يزيد على المليون مدني عراقي، وتشريد زهاء الخمسة ملايين، بأنه افترى على المجتمع الدولي، وبأن التقرير الذي ألقاه واعتمدته إدارة بوش ذريعة لتدمير بلاد النهرين، سيبقى «وصمة» في سجله العسكري والسياسي.
رحل كولن باول عن البيت الأبيض، وتحول الى محاضر يطوف الجامعات ومراكز الأبحاث في أميركا وخارجها. واستضافته معاهد في الخليج العربي، من بينها معهد الدراسات الإستراتيجية في دولة الإمارات العربية، نفس المعهد الذي اختير لبوش منصة يلقي فيه خطابه المركزي في دول الخليج، باتجاه إيران.
والفارق جوهري، وزير الخارجية الأميركي السابق كشف بالقلم العريض عن عيوب الإدارة التي عمل معها أربع سنوات. عيوب لا تخفى على الخليجيين، مثقفين وأميين. عيوب تتورم، وتتفتق عن جرائم ترتكبها جيوش بوش في العراق وأفغانستان، وتمنح المحتل الإسرائيلي، مكافآت تصل الى 30 مليار دولار سنويا، ليوغل في دماء الفلسطينيين .
لم يمنح قادة الدولة العبرية، أوسمة لجورج دبليو بوش، واكتفوا بانتزاع دموع ترقرقت أمام عدسات الكاميرات، في القبو المظلم لمتحف الهولكوست، حزنا على ضحايا المذابح النازية ضد يهود أوروبا .
لم يتذكر مضيفو بوش، خارج تل أبيب، موتاهم، ما دفع بناشطين سياسيين، ومعلقين ومثقفين في مصر وفي البلدان التي وطأها بوش للتساؤل: هل ما مازال لدى صناع القرار في العالم العربي ذاكرة، أم مجرد قطط على سطح من الصفيح الساخن ؟
سلام مسافر