أبو النسيم
20/07/2005, 20:18
هذا الصوت موجه للرئيس بشار الاسد
ضموا اصواتكم معنا
لاطلاق سراح الطفل مصعب الحريري
الذي حكم بالسجن بتهمة انتمائة الى حزب الاخوان المسلمين
وهو لا يتجاوز الثامنة عشر
علماً انه احتجز حتى بلغ هذا السن ومن ثم حكم
بقلم: رزان زيتونة *
كانت المرة الأولى التي سمعت فيها بـ "حكاية" آل الحريري، منذ سنتين ربما .. عبر قناة "المستقلة" الفضائية.
الأب يحكي الحكاية، يخاطب رئيس الجمهورية مباشرة .. يتمنى عليه أن يضع حداً لعذابات عائلته التي يرفض العقل تصديقها .. لأنها غير معقولة .. لأنها غير قابلة للتصديق .. إلا إذا كانت أحداثها تجري في .. سورية الأسد ..
بعد أشهر، التقيت صدفة بامرأة تسأل عن ولدها في مقصلة - محكمة أمن الدولة العليا بدمشق، وإذا بها زوجة الملتاع إياه .. دهشت حقيقة لرؤيتها .. سألتها بغباء، وهل ما زال ولدك في المعتقل؟!! فقد تخيلت حينها أنه لا بد لنظام يحرص على ادخار ذرة احترام لنفسه، بأن لا يسمح لهذه المأساة بالاستمرار، ليس فقط لمخالفتها كل الشرائع والقوانين، ليس فقط لأنها لا أخلاقية إلى حد بعيد، بل أيضاً لأنها تنم عن حقد يصعب تفسيره .. ولا يمكن تبرير ما حصل مع هذه العائلة من غير هذا المنطلق .. إلا إذا افترضنا عدم وجود صحون لاقطة في القصر الجمهوري والمكاتب البعثية "الإصلاحية"، ووزارات العدل والداخلية والتموين والمواصلات .. الجدار كان سيهتز لآلام تلك العائلة .. و"ما اهتزت لهم قصبة" ..
مصعب الحريري، ابن الأربعة عشر عاماً، اعتقل منذ ثلاث سنوات، قبله اعتقل أخواه، قضى كل منهم نصيبه عدة سنوات في السجن قبل الإفراج عنهما، فيما استمر اعتقال مصعب وأحيل إلى مقصلة - محكمة أمن الدولة العليا بدمشق ليحاكم باعتباره عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، ويحكم عليه في هذا اليوم المشؤوم (19/6/2005)، بالسجن ست سنوات ..
كان على مصعب وإخوته أن يدفعوا ثمن سياسات وصراعات لم يشهدوها أو يساهموا بها، على الحقد الذي يحمله النظام السوري لجماعة سياسية معينة، هي الإخوان المسلمين هنا، أن ينصب على أجيال مطهرة من آثام الماضي، فهي لم تكن في السلطة ولا في المعارضة ولم تختر عائلاتها أو أسماءها أو ماضي آبائها!! هذه الأجيال كان من المفترض أن تشكل الجسر الآمن لعبور سورية إلى مستقبل جديد يكون فيه الماضي مجرد مرحلة يجب أن تقرأ بإمعان من أجل بناء قادم خال من الأخطاء والمظالم ..
"جريمة" مصعب وإخوته، أن والدهم غادر سورية أوائل الثمانينات إبان الأحداث المأساوية إياها، ترعرعوا ونشأوا بعيداً عن بلدهم، ثم اشتاقوا إليه .. ويا لهول ما فعلوا .. جريمتهم أيضاً، أنهم حافظوا على "سوريتهم"، لم يستبدلوها بهوية أخرى، ولم يعشقوا وطناً آخر ..
ما أجمله، والجلاد ينطق حكمه، "حكمت المحكمة على المتهم الحدث " .. ما أجمله .. والأطفال آخر ضحايا الاستبداد .. من فروع الأمن إلى الأقضية الاستثنائية .. ما أجمله .. والجلاد "يبرر" بأن الحكم كان بالإعدام، ولسعة القلب والرحمة والرأفة، تم تخفيض الحكم حتى آخر نقطة .. من الإعدام، حتى السنوات الست من الاعتقال .. كان جميلاً بسنواته السبع عشرة، بحيث طغى على قبحهم، هذا القبح الذي سوغ لهم الانتقام من الوالد بالأبناء.
ما أجملها الأم، وكانت تبكي وتقبَل وجه ولدها عبر قضبان الغرفة المقيتة، وهي تصرخ بوجه ظلمهم وتعدهم بأن القادم، القادم كله، لمصعب وإخوة مصعب، وجميع الشباب السوري المؤمن بسورية حرة بلا أحقاد ولا مظالم.
بالفعل .. "كلهم شركاء" .. بالإساءة لهذا البلد، بالإمعان في الإساءة إليه، "حرسهم الجديد" قبل "القديم"، إن وجد الصنفان بالفعل .. أجهزتهم الأمنية كما سلطاتهم الثلاث .. شبابهم وكهولهم .. مصعب الحريري اعتقل في عهدهم .. وأحيل إلى المقصلة في عهدهم، وصدر الحكم بحقه في عهدهم .. وهم يدرون أو لا يدرون ما تبذره أيديهم من خراب ..
ليست المسألة الآن إن كان رئيس الجمهورية سيصادق على الحكم أو لا يصادق، ليست المسألة بصدور "عفو" أو عدم صدوره .. المسألة هي السكوت على المبدأ الظالم، اعتقال طفل ومحاكمته أمام محكمة استثنائية، المسألة في صمت الشيطان الأخرس عن قولة الحق .. وزير العدلوالقضاة والمحامون ونقابتهم، كل الجهات التي يفترض بها أن تنتصر للحق فتدير ظهرها له .. وتبارك انتهاكه بصمتها مرة وبمشاركتها فيه مرة أخرى.
الجنة تحت أقدامها بالفعل، أم مصعب، ليس فقط لما عانته وتعانيه .. بل لأنها في ذروة الألم، كانت تتحدى البغي والظلم، وتبشر بآت هو ملك لنا جميعاً .. ولأنها في ذروة الغضب، لم تنكسر، ولم تذكر للحظة، ندمها عن عودة أبنائها إلى وطنهم بعد غياب طويل ليلاقوا ما لاقوه .. لم تتخل لحظة واحدة عن حقها المشروع في سورية حرة .. كلنا شركاء فيها، وليس في اغتيالها ..
__________
* كاتبة وناشطة سورية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان - دمشق
ضموا اصواتكم معنا
لاطلاق سراح الطفل مصعب الحريري
الذي حكم بالسجن بتهمة انتمائة الى حزب الاخوان المسلمين
وهو لا يتجاوز الثامنة عشر
علماً انه احتجز حتى بلغ هذا السن ومن ثم حكم
بقلم: رزان زيتونة *
كانت المرة الأولى التي سمعت فيها بـ "حكاية" آل الحريري، منذ سنتين ربما .. عبر قناة "المستقلة" الفضائية.
الأب يحكي الحكاية، يخاطب رئيس الجمهورية مباشرة .. يتمنى عليه أن يضع حداً لعذابات عائلته التي يرفض العقل تصديقها .. لأنها غير معقولة .. لأنها غير قابلة للتصديق .. إلا إذا كانت أحداثها تجري في .. سورية الأسد ..
بعد أشهر، التقيت صدفة بامرأة تسأل عن ولدها في مقصلة - محكمة أمن الدولة العليا بدمشق، وإذا بها زوجة الملتاع إياه .. دهشت حقيقة لرؤيتها .. سألتها بغباء، وهل ما زال ولدك في المعتقل؟!! فقد تخيلت حينها أنه لا بد لنظام يحرص على ادخار ذرة احترام لنفسه، بأن لا يسمح لهذه المأساة بالاستمرار، ليس فقط لمخالفتها كل الشرائع والقوانين، ليس فقط لأنها لا أخلاقية إلى حد بعيد، بل أيضاً لأنها تنم عن حقد يصعب تفسيره .. ولا يمكن تبرير ما حصل مع هذه العائلة من غير هذا المنطلق .. إلا إذا افترضنا عدم وجود صحون لاقطة في القصر الجمهوري والمكاتب البعثية "الإصلاحية"، ووزارات العدل والداخلية والتموين والمواصلات .. الجدار كان سيهتز لآلام تلك العائلة .. و"ما اهتزت لهم قصبة" ..
مصعب الحريري، ابن الأربعة عشر عاماً، اعتقل منذ ثلاث سنوات، قبله اعتقل أخواه، قضى كل منهم نصيبه عدة سنوات في السجن قبل الإفراج عنهما، فيما استمر اعتقال مصعب وأحيل إلى مقصلة - محكمة أمن الدولة العليا بدمشق ليحاكم باعتباره عضواً في جماعة الإخوان المسلمين، ويحكم عليه في هذا اليوم المشؤوم (19/6/2005)، بالسجن ست سنوات ..
كان على مصعب وإخوته أن يدفعوا ثمن سياسات وصراعات لم يشهدوها أو يساهموا بها، على الحقد الذي يحمله النظام السوري لجماعة سياسية معينة، هي الإخوان المسلمين هنا، أن ينصب على أجيال مطهرة من آثام الماضي، فهي لم تكن في السلطة ولا في المعارضة ولم تختر عائلاتها أو أسماءها أو ماضي آبائها!! هذه الأجيال كان من المفترض أن تشكل الجسر الآمن لعبور سورية إلى مستقبل جديد يكون فيه الماضي مجرد مرحلة يجب أن تقرأ بإمعان من أجل بناء قادم خال من الأخطاء والمظالم ..
"جريمة" مصعب وإخوته، أن والدهم غادر سورية أوائل الثمانينات إبان الأحداث المأساوية إياها، ترعرعوا ونشأوا بعيداً عن بلدهم، ثم اشتاقوا إليه .. ويا لهول ما فعلوا .. جريمتهم أيضاً، أنهم حافظوا على "سوريتهم"، لم يستبدلوها بهوية أخرى، ولم يعشقوا وطناً آخر ..
ما أجمله، والجلاد ينطق حكمه، "حكمت المحكمة على المتهم الحدث " .. ما أجمله .. والأطفال آخر ضحايا الاستبداد .. من فروع الأمن إلى الأقضية الاستثنائية .. ما أجمله .. والجلاد "يبرر" بأن الحكم كان بالإعدام، ولسعة القلب والرحمة والرأفة، تم تخفيض الحكم حتى آخر نقطة .. من الإعدام، حتى السنوات الست من الاعتقال .. كان جميلاً بسنواته السبع عشرة، بحيث طغى على قبحهم، هذا القبح الذي سوغ لهم الانتقام من الوالد بالأبناء.
ما أجملها الأم، وكانت تبكي وتقبَل وجه ولدها عبر قضبان الغرفة المقيتة، وهي تصرخ بوجه ظلمهم وتعدهم بأن القادم، القادم كله، لمصعب وإخوة مصعب، وجميع الشباب السوري المؤمن بسورية حرة بلا أحقاد ولا مظالم.
بالفعل .. "كلهم شركاء" .. بالإساءة لهذا البلد، بالإمعان في الإساءة إليه، "حرسهم الجديد" قبل "القديم"، إن وجد الصنفان بالفعل .. أجهزتهم الأمنية كما سلطاتهم الثلاث .. شبابهم وكهولهم .. مصعب الحريري اعتقل في عهدهم .. وأحيل إلى المقصلة في عهدهم، وصدر الحكم بحقه في عهدهم .. وهم يدرون أو لا يدرون ما تبذره أيديهم من خراب ..
ليست المسألة الآن إن كان رئيس الجمهورية سيصادق على الحكم أو لا يصادق، ليست المسألة بصدور "عفو" أو عدم صدوره .. المسألة هي السكوت على المبدأ الظالم، اعتقال طفل ومحاكمته أمام محكمة استثنائية، المسألة في صمت الشيطان الأخرس عن قولة الحق .. وزير العدلوالقضاة والمحامون ونقابتهم، كل الجهات التي يفترض بها أن تنتصر للحق فتدير ظهرها له .. وتبارك انتهاكه بصمتها مرة وبمشاركتها فيه مرة أخرى.
الجنة تحت أقدامها بالفعل، أم مصعب، ليس فقط لما عانته وتعانيه .. بل لأنها في ذروة الألم، كانت تتحدى البغي والظلم، وتبشر بآت هو ملك لنا جميعاً .. ولأنها في ذروة الغضب، لم تنكسر، ولم تذكر للحظة، ندمها عن عودة أبنائها إلى وطنهم بعد غياب طويل ليلاقوا ما لاقوه .. لم تتخل لحظة واحدة عن حقها المشروع في سورية حرة .. كلنا شركاء فيها، وليس في اغتيالها ..
__________
* كاتبة وناشطة سورية في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان - دمشق