-
دخول

عرض كامل الموضوع : العكس بالعكس ...يذكر


SAM 1
21/07/2005, 22:16
نقلا عن جريدة محلية - تأليف سوزان أسعد

استيقظت اليوم لأجد نفسي أقول.."عادي وأقل من عادي!" كانت الفكرة قد سيطرت على ذهني تماما حتى وجدت نفسي أكلم نفسي بصوت مسموع.
أمر عادي ان يتعطل المنبه مع انني قررت وبشكل غير استثنائي ان استيقظ مبكرا..عادي ان تلسعني بعوضة لعينة في خدي في اليوم الذي دعيت فيه لحضور زفاف صديقتي..
وما اجمل الرتوش التي ملأت بها وجهي كي لايظهر مكان قبلة العزيزة البعوضة..

عادي جدا انه لم يسبق لي مصادفة احد زملاء العمل في حفلة موسيقية او عرض مسرحي و حتى معرض فني مع انهم كثيرو الحضور في اماكن كهذه..
كنت اظن ان انعكاس الأمور عندي مقتصر على رغباتي الحياتية حيث لا بد للقدر من التدخل.. واكتشفت ان الأمر يتعدى ما اخطط له على مستوى اليوم القريب..

يمر من امامي اشخاص كثيرون يضجرونني من كثرة ما نتبادل التحيات والسلامات.. اصادفهم اينما ذهبت وحيث حللت..
وفي اللحظة التي احتاج احدهم لسؤاله عن امر ما يختفي ذلك الشخص من كل الأماكن التي اتوقع ان اجده فيها.. واكتشف انه اضطر للسفر لأمر يخص العمل..
واقول هذا امر عادي كل الناس يسافرون فجأة..

عادي جدا ان استيقظ متأخرة واهرع لأنهاء اموري بسرعة قبل خروجي من المنزل فينقطع التيار الكهربائي وتبرد مياه الأستحمام بأسرع مما تصورت..
وقد يأتيني اتصال هاتفي من احدى صديقاتي من خارج البلد ولا اقدر على انهاء الأتصال الذي يستمر اكثر من ساعة..وعادي جدا واقل من عادي ان اجد سيارتي معطلة لسبب يجهله الجميع
ولا يفهمه احد لاسيما في اليوم السابق كانت تعمل على اكمل وجه.. ماالغريب في الأمر اسألوا ملايين البشر ستجدون انهم يواجهون الموقف نفسه معظم ايام الشهر

عادي ان يضيع قلمي العزيز مع انه امام عيني طوال الوقت ..وعادي ان اجد القميص الذي انوي ارتداءه بالذات يحتاج للغسيل..وعادي ان يضيع شريط الكاسيت الذي انوي سماعه اليوم
وامضي ساعة من البحث في زحمة الأشرطة الأخرى.. لربما كان امام عيني ولم اراه
عادي ايضا واقل من عادي ان اجلس في مكتبي وبي رغبة قوية لأن اكتب شيئا وانا مطمئنة الى انه ما من احد سيزعجني..فمعظم الزملاء مختفون هذه الأيام
وفجأة اراهم يهلون علي الواحد تلو الآخر وفي جعبة كل منهم حديث اطول من صبري .. وأحس برغبة ان اسألهم اين كنتم عندما جلست وحدي حيث لم يصلني منكم حتى اتصال هاتفي..
لماذا الآن بالذات.. وانظر الى اوراقي الفارغة.. واقول.."لا مجال يا عزيزتي لفعل شيء فكل امر بالنسبة لك انت بالذات معكوس.. معكوس.. معكوس"

واعجب من قوة اعصابي ومن ابتسامتي التي تنقلب احيانا الى ضحك هستيري عند كل مصادفة عادية من هذا النوع..
اليس عاديا ان اكتشف ان المكتبة التي اريد اليوم شراء كتاب معين منها مغلقة لتصليحات وان المكتبة المجاورة قد باعت آخر نسخة من كتابي المطلوب قبل دخولي بدقائق ؟!..

اين الغرابة في ان تسافر صديقتي في اليوم نفسه الذي قررت فيه ان اسافر اليها في بلدتها.. الحق علي..اهذا وقت المفاجآت؟!..مع انها نادرا ما تغادر الشارع الذي تسكن فيه فما بالك بالبلدة بأكملها..
كل هذا عادي واقل من عادي.. ولست استغرب ابدا ابدا ان اقرر السباحة في البحر على ندرة حدوث امر كهذا وان اكتشف ان البحر قد جف او انهم قد نقلوه الى مكان آخر..

فكرت ان يكون للأمر علاقة بالقدر ولكن القدر شيء ومايحدث معي شيء آخر تماما .. القدر اجده في كوني بنتا او ولدا.. في الزواج في الطلاق.. في الحرائق.. في الحرب.. في المرض..
في اي كارثة قد تصيب الأنسان.. اي ان القدر يصيب المرء في مراحل معينة في حياته وليس في تفاصيله اليومية..

وبدأت الأفكار تلعب حتى قرأت في احدى المجلات عن نظرية اطلقها شخص يدعى مورفي واسمها "نظرية مورفي" وملخصها انه اذا كانت هناك طريقتان لأتمام امر ما احداهما كارثية
فالأرجح ان الكارثة هي التي ستتم وقد اكد الرجل على وجود قوة خفية تتربص بالأشخاص لمعاكستهم.. ورأيت انه التفسير الوحيد.. ثم فكرت..
ايعقل ان يكون لتلك القوة اذن عملاقة تلتقط حتى همس الضمير والذات ولا يصاب بها الا الملولون امثالي كعقاب لي على محاولاتي الدائمة لتغيير الأمور او تجديدها ؟..
فأنا اكره مثلا ان اعود الى منزلي من الطريق نفسه دائما.. ولا داعي للعجب ان قلت انني ما من مرة قررت فيها تغيير الطريق الا صادفتني مشكلة جعلت الطريق اطول بمرتين
والوقت اطول بعشر مرات..

اعتدت على كل هذا .. ولكن ان يكون للأمر علاقة بقوة ما تراقبني فهذا امر غير عادي ابدا.. وعلي ان اجد حلا..
الأمر العادي مرتبط بوجود الفعل والتسلسل الطبيعي للأمور بعيدا عن اي مؤثرات تتحكم بالفعل المذكور.. اما ما يحدث فلا علاقة له بكل ما ذكرت..

جربت ان اعكس ما أنوي فعله.. ان اقوم بعكس كل قرار اتخذه.. قررت ان لا ازور احد في يوم عطلتي وان اعمل على تنظيف المنزل وترتيب المكتبة المكتظة بكل ما هو زائد وغير مهم..
وعلى غير العادة تلقيت دعوة على الغداء قبلتها على الفور وامضيت وقتا ممتعا بصحبة اصدقاء كانوا على غير عادتهم ودودين ومحبين
وكأن خطتي في اول خطواتها قد نجحت .. وبشرت نفسي انا وكل ضحايا قوة العكس ان القوة المذكورة تمتلك شيئا من اللاتمييز
وانها غير قادرة على مجاراة خبث البشر..

ولهذا قررت ان حدث واضعت قلمي العزيز.. فلن انزعج .. بل على العكس .. سأشتري غيره .. او ماالداعي .. فأنا لا اجد متعة في استعمال القلم ولا في الكتابة ..
وان ضاع قلمي فلن اشتري غيره ..
هل سمعتيني يا قوة العكس ؟..
لن اشتري غيره !!