shadia
22/03/2008, 10:33
ما من شجاعةٍ بدون خوف. قد تدهشنا هذه العبارة لأنّنا تعوّدنا على قصص الفرسان أو النسّاك، الّذين لا يهزّهم شيء. ولكنّها عبارة واقعيّة. مَن يسير في الحياة ولا يرى الخطر، أو يرفض أن يراه، هو إنسان متهوّر، طائش. وبما أنّه غير مبالٍ، لا نستطيع أن نقول عنه إنّه قويّ، ولا إنّه ضعيف. أمّا الشجاع، فهو الّذي يسيطر على ضعفٍ كاد يستولي عليه. ففي الأزمة، يندلع الخوف من الداخل، فيرتعد، وتبدأ أفكاره تتسارع في عقله. وهذه علامة على أنّه لم يعد يسيطر على نفسه. قد يدوم هذا لحظات، وقد يطول. وفجأةً، يسيطر على نفسه، ويتغلّب على هذه المشاعر. هذه هي الشجاعة. إنّها رباطة جأشٍ أمام المخاوف، لا عدم اكتراثٍ لها كأبطال الأفلام.
إنّ شجاعة يسوع تظهر خصوصاً في بستان الزيتون. فهناك خاف "وجعل يستشعر رهبةً وكآبة" (مر 14/34)، "وأخذه الجهد، فأمعن في الصلاة، وأخذ عرقه يتساقط كقطرات دم" (لو 22/44). وبعد حين، استعاد رباطة جأشه، ونهض وقال لتلاميذه: "قوموا ننطلق، فقد اقترب الّذي يسلمني" (مر 14/42).
الشجاعة في نظر يسوع هي قبول العبور من الموت إلى القيامة. وقد أشار إلى هذا في كثيرٍ من أمثاله: مثل ملكوت الله كمثل أزمةٍ سبّبت ألماً، وحين ووجهَت بشجاعة انهزمت. زارع يخفق في حبّاتٍ كثيرة حاول أن يزرعها ويستمرّ في رمي البذار، فلاّحون يفكّرون بزؤانٍ أفسد زرعهم فيضبطون أعصابهم ويتريّثون، صيّادون يصطادون سمكاً فيه رديء وفيه صالح، حبّة قمح عليها أن تموت لتأتي بثمر، حبّة خردل لا تيأس لكونها أصغر الحبوب بل تنمو، امرأة تعاني آلام المخاض ... في هذه الأمثال، يدعونا يسوع إلى طريقةٍ خاصّة ننظر بها إلى حيواتنا. أن نتذكّر مَن مرّت عليه محنٌ وعبرها، مَن اجتاز أزمات، مَن تغلّب على صعوبات. فمثل ملكوت السموات كمثل إنسانيّةٍ تغامر وتخاطر وتبقى على قيد الحياة بشجاعةٍ تنبع من ظلّ الموت. إنّه يدعونا إلى أن نندهش اندهاشاً إيجابيّاً من شجاعتنا. إنّه يدعونا إلى التفاؤل. "لا تخف أيّها القطيع الصغير"، "أنتم أغلى من زنبق الحقل وطيور السماء". وهو يدعونا أيضاً إلى مواجهة مخاوفنا. فالخوف في نظره ينمو في الفرد والجماعة طرداً مع رغبتنا في استبعاده. فكيف يكون هذا؟
"وقعد يسوع قبالة الخزانة ينظر كيف يلقي الجمع في الخزانة نقوداً من نحاس. فألقى كثير من الأغنياء شيئاً كثيراً. ثمّ جاءت أرملة فقيرة فألقت ... كلّ ما تملكه" (مر 12/41-44). لقد قامت الأرملة بفعلٍ شجاع. وضعت بين يديّ الله كلّ ما تملكه. تخلّت راضيةً عمّا يخشى الناس أن يخسروه، ويخافون دوماً أن يخسروه. تخلٍّ يشبه تعرّي يسوع على الصليب، وهو بداية مسيرة القيامة. كان بإمكانها أن تخشى العوز، وأن تتحصّن بالحصن الضعيف الّذي يحميها منه، لكنّها لم تفعل ذلك.
"تبارك الربّ الّذي لم يجعلنا فريسةً لأسنانهم.
الأب سامي حلاق
إنّ شجاعة يسوع تظهر خصوصاً في بستان الزيتون. فهناك خاف "وجعل يستشعر رهبةً وكآبة" (مر 14/34)، "وأخذه الجهد، فأمعن في الصلاة، وأخذ عرقه يتساقط كقطرات دم" (لو 22/44). وبعد حين، استعاد رباطة جأشه، ونهض وقال لتلاميذه: "قوموا ننطلق، فقد اقترب الّذي يسلمني" (مر 14/42).
الشجاعة في نظر يسوع هي قبول العبور من الموت إلى القيامة. وقد أشار إلى هذا في كثيرٍ من أمثاله: مثل ملكوت الله كمثل أزمةٍ سبّبت ألماً، وحين ووجهَت بشجاعة انهزمت. زارع يخفق في حبّاتٍ كثيرة حاول أن يزرعها ويستمرّ في رمي البذار، فلاّحون يفكّرون بزؤانٍ أفسد زرعهم فيضبطون أعصابهم ويتريّثون، صيّادون يصطادون سمكاً فيه رديء وفيه صالح، حبّة قمح عليها أن تموت لتأتي بثمر، حبّة خردل لا تيأس لكونها أصغر الحبوب بل تنمو، امرأة تعاني آلام المخاض ... في هذه الأمثال، يدعونا يسوع إلى طريقةٍ خاصّة ننظر بها إلى حيواتنا. أن نتذكّر مَن مرّت عليه محنٌ وعبرها، مَن اجتاز أزمات، مَن تغلّب على صعوبات. فمثل ملكوت السموات كمثل إنسانيّةٍ تغامر وتخاطر وتبقى على قيد الحياة بشجاعةٍ تنبع من ظلّ الموت. إنّه يدعونا إلى أن نندهش اندهاشاً إيجابيّاً من شجاعتنا. إنّه يدعونا إلى التفاؤل. "لا تخف أيّها القطيع الصغير"، "أنتم أغلى من زنبق الحقل وطيور السماء". وهو يدعونا أيضاً إلى مواجهة مخاوفنا. فالخوف في نظره ينمو في الفرد والجماعة طرداً مع رغبتنا في استبعاده. فكيف يكون هذا؟
"وقعد يسوع قبالة الخزانة ينظر كيف يلقي الجمع في الخزانة نقوداً من نحاس. فألقى كثير من الأغنياء شيئاً كثيراً. ثمّ جاءت أرملة فقيرة فألقت ... كلّ ما تملكه" (مر 12/41-44). لقد قامت الأرملة بفعلٍ شجاع. وضعت بين يديّ الله كلّ ما تملكه. تخلّت راضيةً عمّا يخشى الناس أن يخسروه، ويخافون دوماً أن يخسروه. تخلٍّ يشبه تعرّي يسوع على الصليب، وهو بداية مسيرة القيامة. كان بإمكانها أن تخشى العوز، وأن تتحصّن بالحصن الضعيف الّذي يحميها منه، لكنّها لم تفعل ذلك.
"تبارك الربّ الّذي لم يجعلنا فريسةً لأسنانهم.
الأب سامي حلاق