وائل 76
03/04/2008, 00:27
ما بين أولمرت و عباس !
" أبراهام رابيتس " حاخام يهودي يطالب رئيس وزراء كيانه المزعوم بأن يُعلم " كوندليزا رايس " في زيارتها الأخيرة أن حكومته ستسقط في حال أن أوقف الاستيطان ! و السبب في ذلك أن حركتي " شاس و يهودت هتوراة " اتفقتا فيما بينهم و بدعم من ما يسمى " مجلس المستوطنات " على دعم و تعزيز الاستيطان و التلويح بانسحاب " شاس " من الائتلاف الحكومي في حال أن تعهد " أولمرت " بوقف الاستيطان أن إزالة الحواجز العسكرية من الضفة الغربية بما يتعارض مع حماية أمن ( إسرائيل ) ، بل تعدى الأمر ذلك بكثير حينما أعلن مجلس المستوطنات أنه مستمر في بناء المستوطنات سواء صادقة الحكومة على ذلك أو لم تصادق .
" أولمرت " الذي تعهد لشريكه في عملية السلام " محمود عباس " أن ينفذ الالتزامات المنبثقة عن خطة خارطة الطريق و ما تلاها و ما سبقها و التي تتضمن في جملة ما تتضمنه وقف الاستيطان و إزالة الحواجز العسكرية في الضفة الغربية مقابل التزام " محمود عباس " ( بمكافحة الإرهاب ) الذي لا يدخر جهداً في مكافحته و التصدي له بكافة الوسائل الممكنة و الغير ممكنة ، و في مقابل الحملة المسعورة التي يشنها " محمود عباس " تجاه المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية التزاما منه بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه يأتي رد " أولمرت " بالمصادقة على بناء ( 48 ) وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة " أريئيل " تضم عشرات بل مئات المنازل !
ولأن المستقبل السياسي في الكيان الصهيوني يرتبط ارتباطا مباشراً برضا و دعم المتدينين اليهود كان لابد أن يغازل " أيهود بارك " المتدينين و مجلس المستوطنات بالمصادقة على إنشاء ( 750 ) وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة " أغان آيليت " ، هذا فيما يتعلق بالمستوطنات التي تم إنشائها بشكل ( قانوني ) و التي صادقت على إنشائها حكومة العدو ، أما المستوطنات التي غضّت الطرف عنها حكومة العدو و تكفل مجلس المستوطنات بإنشائها فيقدر عددها وفق تقرير نشرته ( حركة السلام الإسرائيلية ) بـ ( 500 ) مبنى يضم كل مبنى عشرات المنازل في أكثر من ( 100 ) مستوطنة صهيونية خارج الجدار و داخله و ضعوا تحت كلمة خارج الجدار ألف خط !
عادةً يكون من المنطقي أن ننظر للأحداث بعين المراقب من بعيد ، و أن نطرح ما لدينا من أفكار و مواقف كي نحلل الأحداث بشكل ما للوصول للفكرة أو الهدف ، خاصةً حينما يتعلق الأمر بعقد مقارنات ما بين هذا الطرف و ذاك و ما بين المواقف المختلفة للأطراف ذات الصلة .
سأتجرد من فلسطينيتي لبضع دقائق و إن كان ذلك يعني انفصال الروح عن الجسد لكن للضرورة أحكام و الحاجة تنزل منزلة الضرورة كما يقول الفقهاء، سأتجرد من فلسطينيتي الآن و أقول أن رحم ( دولة إسرائيل ) لم ينجب مثلك يا " أولمرت " يا من تعرف من أين تؤكل الكتف و ما أسفل الكتف و أعلاه !
و على الرغم من أنني لا أرتبط بأولمرت برابطة انتماء أو ولاء ولا رابطة قرابة أو مصاهرة إلا أن البعض لن يروق له أن أتحدث عن الرجل بهذا المنطق و لذلك سأدلل على صدق قولي في الرجل حين قلت أن رحم ( دولة إسرائيل ) لم ينجب كمثل أولمرت :
أولمرت من أشد ساسة الكيان الصهيوني إيماناً بالسلام طريقاً لتحقيق الأمن و الاستقرار في المنطقة ، إلا أن للسلام في عرف أولمرت مدلولات أخرى غير تلك التي نعرفها ، فأمن الكيان الصهيوني شرط أساسي لتحقيق هذا السلام و إن كان أمن الكيان يعني مصادرة ما يراه ساسة و عسكريّ الكيان ضروري لتحقيق الأمن ، و في هذه النقطة تحديداً يرى بعض المراقبين أن 80% من أراضي فلسطين التاريخية على الأقل ستكون جزء من ( دولة إسرائيل ) في حالة أن انتهى مسلسل المفاوضات إلى دولتين كما تروج الإدارة الأمريكية و الكيان الصهيوني ، لذلك ليس من العجب أن يتحدث الرئيس الأمريكي " جورج بوش " في زيارته الأخيرة للمنطقة عن إسقاط حق العودة للفلسطينيين لأنه يتعارض مع أسس عملية التسوية كما تحدث الرئيس بوش ، و ليس من المستغرب أن يتحدث عن ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة التي تم بناؤها خارج الجدار ( لدولة إسرائيل ) على الرغم من أن الإدارة الأمريكية تعارض بناء الجدار !!
و ليس المستغرب أن يصرح أيضاً في أكثر من مناسبة أن قضية القدس و المفاوضات حولها أمر بالغ الصعوبة ما يعني أن إسقاط ملف القدس من ما يسمى مفاوضات الوضع الدائم أصبح حقيقة واقعة و أمر لابد منه طالما لا يجرأ راعي عملية التسوية أن يضع سقفاًُ أو أسس لقضية القدس يلتزم بها الطرف الصهيوني كما يتعامل مع الطرف الفلسطيني حين يحدد آلية العمل داخل مؤسسات السلطة بإرساله الجنرالات ليقوموا على أمر المؤسسات ( السيادية ) للسلطة الفلسطينية كدايتون و فرازر و غيره من أولي الأمر في الضفة المحتلة و ليس وضع الأسقف و الأسس فحسب !
هذا فيما يتعلق بالأراضي التي ستخضع ( للسيادة الإسرائيلية ) حينما ينتهي مسلسل المفاوضات " و علينا و عليكو خير " ، أما عن أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة فإن الأمر يشوبه الغموض ولا أحد يستطيع أن يتوقع حدود أو شكل أو ماهية هذا الكيان القادم المسمى دولة فلسطينية لأن الطرف الفلسطيني لا يمتلك رؤية أو معايير أو أوراق ضغط تتيح لمفاوضيه المناورة و تحقيق إنجاز سياسي بعد انتهاء هذه المفاوضات .
نعود لأولمرت الذي لم و لن يأتي ( رحم دولة إسرائيل ) بمثله ، تحدثت عن الجزء المتعلق بالأرض وفق مفهوم نظرية الأمن التي يضعها أولمرت معيار أساسي لتحقيق السلام ، و أضيف هنا الركن الثاني الذي تقوم عليه نظرية الأمن لدى السيد أولمرت و المتعلق بالمقاومة الفلسطينية و ما تشكله من تهديد إستراتيجي لأمن هذا الكيان ، حيث يرى أولمرت أن هذا التهديد يجب التخلص منه بأي ثمن كان لتحقيق السلام و السير بخطى واثقة في طريق المفاوضات ، و إن كان ثمن ذلك إشعال فتيل الحرب الأهلية بين الفلسطينيين كما تكفل بها " محمد دحلان " في الفترة السابقة على الحسم العسكري في قطاع غزة كما تحدثت مجلة " فانيتي فير"، أو إجهاض المقاومة
و اعتقال المقاومين كما يحدث الآن في الضفة الغربية المحتلة على يد جهازي المخابرات العامة و الأمن الوقائي تنفيذاً لاتفاقيات التنسيق الأمني التي التزم بها الطرف الفلسطيني دون التزام الطرف الصهيوني بشيء !
تحدثت فيما يتعلق برؤية أولمرت للتسوية و السلام و كيف لمسك بخيوط اللعبة جميعها و يتحرك على كافة المحاور لتحقيق مصلحة ( الشعب اليهودي ) في دولة يسودها الأمن و الطمأنينة و اقتصرت حديثي على الجانب السياسي دون الدخول فيما يتعلق بالحرب الشرسة التي يشنها جيشه النازي تجاه كل ما هو فلسطيني ، أما عن مستقبل أولمرت السياسي فالحديث عنه يطول و يطول مرجع ذلك مكر و دهاء هذا الرجل النابع من إيمانه الشديد بأن قادر أن يترك للأجيال القادمة بصمة تخلد اسمه ضمن قائمة ( العظماء ) الذين أسسوا ( دولة إسرائيل ) !
فالرجل يعد العُدة الآن للاحتفال باليوبيل الماسي لإنشاء ( دولة إسرائيل ) على جماجم و أشلاء الشعب الفلسطيني، حيث سيصل الرئيس الأمريكي " جورج بوش " للمنطقة يوم 14 / مايو للمشاركة مع عدد من رؤساء الدول باحتفال الكيان الصهيوني بذكرى إعلان قيامه و نكبتنا !
و لأن نكبتنا قد مضى عليها ستين عاما ارتأت " كوندليزا رايس " أن تجدد نكبتنا بنكبات أخرى لذلك طالبت " سلام فياض " العمل على التوصل لاتفاقية إطار دون فرض التزامات على الجانب الصهيوني للوصول لهذه الصيغة تمهيداً لزيارة الرئيس بوش للمنطقة يوم 14 / مايو حيث يتوقع أن تكون لهذه الزيارة أهمية بالغة على مستقبل ما يسمى العملية السلمية و ذلك بتحقيق أكثر من إنجاز للصهاينة على حساب الشعب الفلسطيني و نكباته !
لاحظوا أن" كوندليزا رايس " طالبت " سلام فياض " و لم تطالب " محمود عباس " ، و لاحظوا أيضاً أن " ديك تشيني " اجتمع في وقت سابق مع " سلام فياض " بمفرده لعدة ساعات ما يعني أن رؤية و إستراتيجية الأمريكان تسير الآن باتجاه دعم " سلام فياض " في مواجهة الجميع بمن فيهم " محمود عباس " الذي يرى في حماية حماس للشعب الفلسطيني من الدخول في آتون الحرب الأهلية انقلابا على الشرعية لابد من العودة عنه و إعادة تسليم المراكز الأمنية لتلامذة " دايتون و فرازر " الصغار !
هذا هو أولمرت شريك رئيسنا الشرعي في عملية السلام ، رجل يعرف كيف يمسك بجميع الخيوط في آن واحد و يتحرك على كافة المحاور بكل ثقة و انسجام كي يأتي ( لإسرائيل ) بما عجز عنه ساستها منذ عقود !
يخطط و يهيئ الأسباب للاحتفال بذكرى إعلان كيانه المزعوم بتحقيق إنجازات و إنجازات ليُغلق في 14/ مايو / 2008 ملف القدس و المستوطنات و العودة و ليصبح الحديث عن دولة فلسطينية ينسحب فقط على بعض التجمعات السكانية الفلسطينية هنا و هناك بما يحقق أمن مغتصبيه القادمين من وراء البحار فالمعيار الذي يحكم مستقبل دولتنا يتحدد حصراً في تحقيق الأمن للكيان الصهيوني و مغتصبيه !
بالمقابل لا نرى من رئيسنا الشرعي سوى التأكيد مراراً و تكرارا على شرعيته اللاشرعية ، و مطالبة الإدارة الأمريكية بالضغط على ( إسرائيل ) لتنفيذ التزاماتها ، و التأكيد كل صباح و كل مساء على التزامنا بمبادرة السلام العربية و مقرارات قمة بيروت رغم أن أولمرت لم " يستنظف " أن يمسح بها سوءته !
و الرقص على أهازيج " سلام فياض " صانع الإنجازات و التي كان آخرها إزالة بعض الكثبان الرملية من بعض الأزقة في مدن الضفة الغربية وفق ما أطلق عليه اصطلاحا " إزالة خمسين حاجزاً عسكرياً " على الرغم من أن " بارك " نفسه أعلن أنه لن يزيل أي حاجز عسكري بما يتعارض مع تحقيق أمن ( دولة إسرائيل ) و المستوطنين !
لكن إن كان رحم ( إسرائيل ) لن يأتي بمثل أولمرت ، و إن كان رئيسنا الشرعي لا يملك حولاً ولا قوة لا على مستوى القضية و مستقبلها ولا على حتى على مستوى مستقبله السياسي بعد أن ثُبت للقاصي و الداني أنه يجري الآن التحضر للإطاحة به في مطلع العام القادم و تولية " سلام فياض " خلفاً له لتصفية كل المنظمات الفلسطينية سواء التي قبلت الانسجام في مشروع أوسلو أو التي لم تقبل و سواء المنخرطة في " منظمة المقايضة على فلسطين " أو التي لم تنخرط ، رغم كل ذلك فإن رحم فلسطين لازال قادرا أن ينجب رجال التغيير يعتلون صهوة العتق و التحرير لُتخط على أياديهم خارطة الوطن وفق المقاييس الفلسطينية رغم كيد الكائدين و حمق المتآمرين أولمرت و بوش و من دار في فلكهم و اعتقد أنهم يملكون مفاتيح الفردوس و مفاتيح السعير .
" أبراهام رابيتس " حاخام يهودي يطالب رئيس وزراء كيانه المزعوم بأن يُعلم " كوندليزا رايس " في زيارتها الأخيرة أن حكومته ستسقط في حال أن أوقف الاستيطان ! و السبب في ذلك أن حركتي " شاس و يهودت هتوراة " اتفقتا فيما بينهم و بدعم من ما يسمى " مجلس المستوطنات " على دعم و تعزيز الاستيطان و التلويح بانسحاب " شاس " من الائتلاف الحكومي في حال أن تعهد " أولمرت " بوقف الاستيطان أن إزالة الحواجز العسكرية من الضفة الغربية بما يتعارض مع حماية أمن ( إسرائيل ) ، بل تعدى الأمر ذلك بكثير حينما أعلن مجلس المستوطنات أنه مستمر في بناء المستوطنات سواء صادقة الحكومة على ذلك أو لم تصادق .
" أولمرت " الذي تعهد لشريكه في عملية السلام " محمود عباس " أن ينفذ الالتزامات المنبثقة عن خطة خارطة الطريق و ما تلاها و ما سبقها و التي تتضمن في جملة ما تتضمنه وقف الاستيطان و إزالة الحواجز العسكرية في الضفة الغربية مقابل التزام " محمود عباس " ( بمكافحة الإرهاب ) الذي لا يدخر جهداً في مكافحته و التصدي له بكافة الوسائل الممكنة و الغير ممكنة ، و في مقابل الحملة المسعورة التي يشنها " محمود عباس " تجاه المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية التزاما منه بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه يأتي رد " أولمرت " بالمصادقة على بناء ( 48 ) وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة " أريئيل " تضم عشرات بل مئات المنازل !
ولأن المستقبل السياسي في الكيان الصهيوني يرتبط ارتباطا مباشراً برضا و دعم المتدينين اليهود كان لابد أن يغازل " أيهود بارك " المتدينين و مجلس المستوطنات بالمصادقة على إنشاء ( 750 ) وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة " أغان آيليت " ، هذا فيما يتعلق بالمستوطنات التي تم إنشائها بشكل ( قانوني ) و التي صادقت على إنشائها حكومة العدو ، أما المستوطنات التي غضّت الطرف عنها حكومة العدو و تكفل مجلس المستوطنات بإنشائها فيقدر عددها وفق تقرير نشرته ( حركة السلام الإسرائيلية ) بـ ( 500 ) مبنى يضم كل مبنى عشرات المنازل في أكثر من ( 100 ) مستوطنة صهيونية خارج الجدار و داخله و ضعوا تحت كلمة خارج الجدار ألف خط !
عادةً يكون من المنطقي أن ننظر للأحداث بعين المراقب من بعيد ، و أن نطرح ما لدينا من أفكار و مواقف كي نحلل الأحداث بشكل ما للوصول للفكرة أو الهدف ، خاصةً حينما يتعلق الأمر بعقد مقارنات ما بين هذا الطرف و ذاك و ما بين المواقف المختلفة للأطراف ذات الصلة .
سأتجرد من فلسطينيتي لبضع دقائق و إن كان ذلك يعني انفصال الروح عن الجسد لكن للضرورة أحكام و الحاجة تنزل منزلة الضرورة كما يقول الفقهاء، سأتجرد من فلسطينيتي الآن و أقول أن رحم ( دولة إسرائيل ) لم ينجب مثلك يا " أولمرت " يا من تعرف من أين تؤكل الكتف و ما أسفل الكتف و أعلاه !
و على الرغم من أنني لا أرتبط بأولمرت برابطة انتماء أو ولاء ولا رابطة قرابة أو مصاهرة إلا أن البعض لن يروق له أن أتحدث عن الرجل بهذا المنطق و لذلك سأدلل على صدق قولي في الرجل حين قلت أن رحم ( دولة إسرائيل ) لم ينجب كمثل أولمرت :
أولمرت من أشد ساسة الكيان الصهيوني إيماناً بالسلام طريقاً لتحقيق الأمن و الاستقرار في المنطقة ، إلا أن للسلام في عرف أولمرت مدلولات أخرى غير تلك التي نعرفها ، فأمن الكيان الصهيوني شرط أساسي لتحقيق هذا السلام و إن كان أمن الكيان يعني مصادرة ما يراه ساسة و عسكريّ الكيان ضروري لتحقيق الأمن ، و في هذه النقطة تحديداً يرى بعض المراقبين أن 80% من أراضي فلسطين التاريخية على الأقل ستكون جزء من ( دولة إسرائيل ) في حالة أن انتهى مسلسل المفاوضات إلى دولتين كما تروج الإدارة الأمريكية و الكيان الصهيوني ، لذلك ليس من العجب أن يتحدث الرئيس الأمريكي " جورج بوش " في زيارته الأخيرة للمنطقة عن إسقاط حق العودة للفلسطينيين لأنه يتعارض مع أسس عملية التسوية كما تحدث الرئيس بوش ، و ليس من المستغرب أن يتحدث عن ضم الكتل الاستيطانية الكبيرة التي تم بناؤها خارج الجدار ( لدولة إسرائيل ) على الرغم من أن الإدارة الأمريكية تعارض بناء الجدار !!
و ليس المستغرب أن يصرح أيضاً في أكثر من مناسبة أن قضية القدس و المفاوضات حولها أمر بالغ الصعوبة ما يعني أن إسقاط ملف القدس من ما يسمى مفاوضات الوضع الدائم أصبح حقيقة واقعة و أمر لابد منه طالما لا يجرأ راعي عملية التسوية أن يضع سقفاًُ أو أسس لقضية القدس يلتزم بها الطرف الصهيوني كما يتعامل مع الطرف الفلسطيني حين يحدد آلية العمل داخل مؤسسات السلطة بإرساله الجنرالات ليقوموا على أمر المؤسسات ( السيادية ) للسلطة الفلسطينية كدايتون و فرازر و غيره من أولي الأمر في الضفة المحتلة و ليس وضع الأسقف و الأسس فحسب !
هذا فيما يتعلق بالأراضي التي ستخضع ( للسيادة الإسرائيلية ) حينما ينتهي مسلسل المفاوضات " و علينا و عليكو خير " ، أما عن أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة فإن الأمر يشوبه الغموض ولا أحد يستطيع أن يتوقع حدود أو شكل أو ماهية هذا الكيان القادم المسمى دولة فلسطينية لأن الطرف الفلسطيني لا يمتلك رؤية أو معايير أو أوراق ضغط تتيح لمفاوضيه المناورة و تحقيق إنجاز سياسي بعد انتهاء هذه المفاوضات .
نعود لأولمرت الذي لم و لن يأتي ( رحم دولة إسرائيل ) بمثله ، تحدثت عن الجزء المتعلق بالأرض وفق مفهوم نظرية الأمن التي يضعها أولمرت معيار أساسي لتحقيق السلام ، و أضيف هنا الركن الثاني الذي تقوم عليه نظرية الأمن لدى السيد أولمرت و المتعلق بالمقاومة الفلسطينية و ما تشكله من تهديد إستراتيجي لأمن هذا الكيان ، حيث يرى أولمرت أن هذا التهديد يجب التخلص منه بأي ثمن كان لتحقيق السلام و السير بخطى واثقة في طريق المفاوضات ، و إن كان ثمن ذلك إشعال فتيل الحرب الأهلية بين الفلسطينيين كما تكفل بها " محمد دحلان " في الفترة السابقة على الحسم العسكري في قطاع غزة كما تحدثت مجلة " فانيتي فير"، أو إجهاض المقاومة
و اعتقال المقاومين كما يحدث الآن في الضفة الغربية المحتلة على يد جهازي المخابرات العامة و الأمن الوقائي تنفيذاً لاتفاقيات التنسيق الأمني التي التزم بها الطرف الفلسطيني دون التزام الطرف الصهيوني بشيء !
تحدثت فيما يتعلق برؤية أولمرت للتسوية و السلام و كيف لمسك بخيوط اللعبة جميعها و يتحرك على كافة المحاور لتحقيق مصلحة ( الشعب اليهودي ) في دولة يسودها الأمن و الطمأنينة و اقتصرت حديثي على الجانب السياسي دون الدخول فيما يتعلق بالحرب الشرسة التي يشنها جيشه النازي تجاه كل ما هو فلسطيني ، أما عن مستقبل أولمرت السياسي فالحديث عنه يطول و يطول مرجع ذلك مكر و دهاء هذا الرجل النابع من إيمانه الشديد بأن قادر أن يترك للأجيال القادمة بصمة تخلد اسمه ضمن قائمة ( العظماء ) الذين أسسوا ( دولة إسرائيل ) !
فالرجل يعد العُدة الآن للاحتفال باليوبيل الماسي لإنشاء ( دولة إسرائيل ) على جماجم و أشلاء الشعب الفلسطيني، حيث سيصل الرئيس الأمريكي " جورج بوش " للمنطقة يوم 14 / مايو للمشاركة مع عدد من رؤساء الدول باحتفال الكيان الصهيوني بذكرى إعلان قيامه و نكبتنا !
و لأن نكبتنا قد مضى عليها ستين عاما ارتأت " كوندليزا رايس " أن تجدد نكبتنا بنكبات أخرى لذلك طالبت " سلام فياض " العمل على التوصل لاتفاقية إطار دون فرض التزامات على الجانب الصهيوني للوصول لهذه الصيغة تمهيداً لزيارة الرئيس بوش للمنطقة يوم 14 / مايو حيث يتوقع أن تكون لهذه الزيارة أهمية بالغة على مستقبل ما يسمى العملية السلمية و ذلك بتحقيق أكثر من إنجاز للصهاينة على حساب الشعب الفلسطيني و نكباته !
لاحظوا أن" كوندليزا رايس " طالبت " سلام فياض " و لم تطالب " محمود عباس " ، و لاحظوا أيضاً أن " ديك تشيني " اجتمع في وقت سابق مع " سلام فياض " بمفرده لعدة ساعات ما يعني أن رؤية و إستراتيجية الأمريكان تسير الآن باتجاه دعم " سلام فياض " في مواجهة الجميع بمن فيهم " محمود عباس " الذي يرى في حماية حماس للشعب الفلسطيني من الدخول في آتون الحرب الأهلية انقلابا على الشرعية لابد من العودة عنه و إعادة تسليم المراكز الأمنية لتلامذة " دايتون و فرازر " الصغار !
هذا هو أولمرت شريك رئيسنا الشرعي في عملية السلام ، رجل يعرف كيف يمسك بجميع الخيوط في آن واحد و يتحرك على كافة المحاور بكل ثقة و انسجام كي يأتي ( لإسرائيل ) بما عجز عنه ساستها منذ عقود !
يخطط و يهيئ الأسباب للاحتفال بذكرى إعلان كيانه المزعوم بتحقيق إنجازات و إنجازات ليُغلق في 14/ مايو / 2008 ملف القدس و المستوطنات و العودة و ليصبح الحديث عن دولة فلسطينية ينسحب فقط على بعض التجمعات السكانية الفلسطينية هنا و هناك بما يحقق أمن مغتصبيه القادمين من وراء البحار فالمعيار الذي يحكم مستقبل دولتنا يتحدد حصراً في تحقيق الأمن للكيان الصهيوني و مغتصبيه !
بالمقابل لا نرى من رئيسنا الشرعي سوى التأكيد مراراً و تكرارا على شرعيته اللاشرعية ، و مطالبة الإدارة الأمريكية بالضغط على ( إسرائيل ) لتنفيذ التزاماتها ، و التأكيد كل صباح و كل مساء على التزامنا بمبادرة السلام العربية و مقرارات قمة بيروت رغم أن أولمرت لم " يستنظف " أن يمسح بها سوءته !
و الرقص على أهازيج " سلام فياض " صانع الإنجازات و التي كان آخرها إزالة بعض الكثبان الرملية من بعض الأزقة في مدن الضفة الغربية وفق ما أطلق عليه اصطلاحا " إزالة خمسين حاجزاً عسكرياً " على الرغم من أن " بارك " نفسه أعلن أنه لن يزيل أي حاجز عسكري بما يتعارض مع تحقيق أمن ( دولة إسرائيل ) و المستوطنين !
لكن إن كان رحم ( إسرائيل ) لن يأتي بمثل أولمرت ، و إن كان رئيسنا الشرعي لا يملك حولاً ولا قوة لا على مستوى القضية و مستقبلها ولا على حتى على مستوى مستقبله السياسي بعد أن ثُبت للقاصي و الداني أنه يجري الآن التحضر للإطاحة به في مطلع العام القادم و تولية " سلام فياض " خلفاً له لتصفية كل المنظمات الفلسطينية سواء التي قبلت الانسجام في مشروع أوسلو أو التي لم تقبل و سواء المنخرطة في " منظمة المقايضة على فلسطين " أو التي لم تنخرط ، رغم كل ذلك فإن رحم فلسطين لازال قادرا أن ينجب رجال التغيير يعتلون صهوة العتق و التحرير لُتخط على أياديهم خارطة الوطن وفق المقاييس الفلسطينية رغم كيد الكائدين و حمق المتآمرين أولمرت و بوش و من دار في فلكهم و اعتقد أنهم يملكون مفاتيح الفردوس و مفاتيح السعير .