Rena
05/04/2008, 23:37
أمسك بالقلم ... اشتقت إليه ... منذ زمن لم تعانق أصابعي هذا القلم ...
لا أعرف إن كان هذا مؤشراً لأن يكون عقلي قد توقف عن العمل.... هذا إن كان يعمل أصلاً ...
وجدت نفسي لوحدي ... فقررت ممارسة العزلة ... أريد الابتعاد عن كل ما هو متقدم وتقني وعلمي واقتصادي واجتماعي ومادي و وجودي و مرئي و عديم الوجود ...
سئمت مشاركة الناس لأحزانهم .... فمن سيشاركني أحزاني ....
لا أدري ... قلمي يقف ... لا يستطيع السير على الورقة ... أصبح عاجزاً ألأنني نسيته لفترة من الزمن ..!! أوينساني بهذه السهولة ..!!
كلماتي غير مترابطة وجملي غير متينة .... أعلم كل هذا ولكن ...!!
أريد أن أهجر الكثير الكثير من الأشياء ... فماذا سأستفيد من المعادلات الكيميائية والحركات الانسحابية والدورانية ومقامات الحريري و .... من المذهب الوجودي والمادي ... من الروح القومية أو حتى العربية ... من التقدم التكنولوجي .... من البريد الالكتروني ... من قنوات الأخبار وشاشات التلفاز والأفلام الوثائقية أو حتى الجنسية ... من العلم والمعلمين والمتعلمين ...!!
من الفن ونشر الغسيل ...؟! من الرياضة وتراكم حمض اللبن وغاز ثنائي أوكسيد الكربون والتعب العضلي ..؟!
من شكسبير ورواياته ...!! من محمود درويش وأشعاره و دفاعه عن القضية الفلسطينية ... وما أكثرها القضايا العربية .... فيوجد لدينا زيادة على تلك القضية العراقية واللبنانية .... والخير سيأتي لاحقاً ....
!!مفاوضات السلام لا تهمني .... الحرب لا تهمني ...
أريد أن أنام ... أن أغمض عيني لأهرب من الضوضاء العربية ... من الضجيج العالمي ...
أريد الهروب من جميع البشر ... أجد في عزلتي ملاذي الوحيد ...
لا أريد أن أكون كالعرب أقف على الأطلال وأرثي ... وأرثي ...
فنحن لم نبن شيئاً في الأساس لنقف على أطلاله ...
تاريخنا القديم والحديث والمعاصر لم يتحرك قيد أنملة ...
نزار قباني وجد عزلته في المرأة ... حارب العالم بالمرأة وبصفّ الأشعار فوق نهديها ...
نجيب محفوظ وجد عزلته في مجتمعه المصري القديم .... صنع المجتمع وعاش فيه كما يشاء ...
محمد الماغوط ... قضى جزءاً من عزلته في السجون دفاعاً عن حبر قلمه ... وقضى باقي عزلته في مرضه ...
أما أنا فأريد أن تكون طقوس عزلتي مختلفة كل الاختلاف عن أي طقسٍ من الطقوس ...أريد أن أمارسها كما أشاء ... وكما أحب ...
طقوس عزلتي لا تشبه الطقوس الدينية ولا حتى الثقافية ...
في عزلتي ... أحاول أن أتحاور مع ذاتي ... لعلّي أكتشف الجزء الأخير المتبقي لي من انسانيتي ... لربّما أدرك نعمة الشعور بالعزلة في القرن الواحد والعشرين ....
في هذا القرن ... نسي الانسان أن يجلس ولو لدقيقة واحدة ليتأمل ... أن يفكر بمن حوله ... نسي أن يتمسك بقيمٍ رفعته عن باقي البشر ...
العرب في هذا القرن يخجلون من مبادئهم ... من دينهم ... من أنفسهم يخجلون ... من حبهم العذري ومن عبادتهم لإله واحد يخجلون .... هذا هو وجه الشبه بين أي عربي وبين النعامة ... فالعربي من شدة خجله يدفن رأسه في التراب ... لعلّ خجله وزيادة الرمونات الأنثوية في جسده تحرر له فلسطين ...وتعيد السلام إلى ربوع العراق وتروي لنا نهاية المسلسل المكسيكي للاغتيالات في لبنان ...
اللون الأسود هو اللون الوحيد الذي أبصره في هذا العالم ... سئمت من الحياة ... حقاً لا أريد أن أعيش مع هؤلاء البشر ... أكرههم ...وأمقتهم ... وأقولها لهم بكل جرأة تكاد تكون في كثير من الأحيان وقاحةًً لا توصف ... ومع هذا يرسمون قبلهم في كل يوم على جبيني ... يعانقونني بالرغم من أنهم يعلمون أني لا أستحم سوى مرةٍ واحدة في السنة ... فماذا فعلت لهم ليبقوا بجانبي ...؟!!!
وحق كل ما آمنت به العرب أكرههم وأتمنى لهم الموت من كل قلبي ...
وبما أن دعواتي لله بأن أموت غير مستجابة ... فلعلّي أجد في دعائي عليهم أملاً في ظل هذه التعاسة ...أريد أن أرحل إلى مكان بعيد لا وجود لمخلوقت بشرية فيه ... إلى مكان تبقى فيه الشمس وسط السماء ....جالسةً على عرشها العظيم ...
أكره الليل لأنه يخيفني ... يقولون إن الليل ستّار و جعله الله لسكينة الناس ولكي ينعمون بالراحة ...فكيف يتكلمون عن سلام الليل و ليلي كله خوف ...!!
كيف يتكلمون عن أحلامٍ وردية تراود الانسان عندما يغمض عينيه وأنا لا أرى عندما أغمض عيني سوى أناس يركضون خلفي ليقطعوا رقبتي ..!! ليبعثروا جسدي ... ويطعموه للكلاب ...!!
أكره الليل لأنه أسود ... لماذا لا يكون أخضر أو أزرق ... أو ربما أحمر ...!! لماذا أسود ..!؟
يشكون آهاتهم لليل وهم لا يعرفون أن الليل سيكون من أول الشامتين ...
تغسل الدموع أعينهم في الليل وهم لا يعلمون أن الليل كمصففي الشعر ... عاشقٌ للحديث عن آلام البشر و مآسيهم ... وتناقلها على ألسنة القبيح قبل المليح ...
جبالٌ من الهموم تتربع فوق صدري ... تعيق دخول الهواء إلى رئتاي .... أتلقى دعوات للأمل والتفاؤل والنظر إلى المستقبل الزاهر الذي ينتظرني ...
انظر إلى من حولك ... من هم أصحاب المستقبل الزاهر والمجد الرفيع والعظمة ...!!
هل أقول لك ..!! نعم سأقول لك ... لعلّك تجد لنفسك زاويةً مشعّةً تظهر من خلالها أمام هذا العالم القذر ...
إمّا أن تكون خائناً لوطنٍ لا يعني لك شيئاً ولكنك حُسِبْتَ عليه من حيث لا أحد يدري .... ورصيدٌ في احدى الدول الخارجية يتجدّد مقابل كل خيانة تقدّمها لأعداء وطنك ...
أو أن تكون راقصةً في احدى النوادي الليلية ... وتلبس ثوب الشرف في وضح النهار وتتصدّق على ذاك اليتيم وعلى تلك العائلة المسكينة ... وتبقى لسيرتك صدىً طيبٌ في الأنفس ..
مع تقدمي في العمر تزيد غدتي النخامية من افرازاتها لهرمون البرولاكتين وتزداد رغبتي في الانجاب إرضاءاً لدافع الأمومة الذي يتناسب طرداً مع زيادة هذا الهرمون في جسدي ... ولكن ...
أيُّ مجتمع هذا الذي أريد لابنتي أو ابني أن يعيش فيه ..؟!!
مجتمعٌ لا تعلم حقيقة الناس فيه حتى وإن كانوا عراة الأجساد , فمثل-يختبئ بثيابه – لا ينطبق على الناس في أيامنا لكي تعريهم وتعرفهم على حقيقتهم ...فما أسهله أن تغير جلدك وتغير لونه وما أسهله أن تغير جنسك في هذا القرن ..!!
وبالرغم من كل هذا ...وبالرغم من الفقر المتقع الذي أراه كل يومٍ ... وبالرغم من وجود آلاف الجائعين ووجود آلاف المتخمين ....
يريدون أن أبقى معهم ....وبينهم .. وأن أكون لأجلهم ...
مع كل هذا الحقد الذي أكنه لهذا العالم .. وكل الكره ... ما زال هناك أحدٌ يحبني ويتمنى لي الخير في بقعةٍ ما على هذه الأرض ... ولكنني بالفعل أحتاج إلى مساحةٍ خضراء تريح نفسي ... إلى مساحةٍ هادئةٍ تريح حاسة السمع لدي ...إلى مكانٍ لا أعرف به أحداً ... فكلمة **مرحباً ** من آلاف البشر الذين لا يحترمون خصوصيّة سيري في شوارع مدينتي العاهرة يزعجني جداً ويقلقني ....
أريد الهروب من مجتمع ينظر إلى الطبيب والمهندس والمحامي نظرة خشوع واحترام وان كان يتمتّع بصفات السوء كلها .... وينظر إلى ما عدا ذلك نظرة دونية وان كان يحمي حدود بلادي وان كان يدافع عن شرف أمتي ...
أيُّ مجتمع أريد العيش لأطفالي به وهو ينظر إلى البشر كنظرة الإقطاعي لأحد الفلاحين الذي يعملون بربع الأجرة ...
أريد أن أعيش في مكان لا يزعجني فيه صوت رنين المحمول من متطفلٍ عندما أقول –ألو .. يقول لي : (( اذا أردت أن تعرف نعمة ربك عليك فأغمض عينيك ويقفل ))... بوجهي فأين هي خصوصية الهاتف المحمول مع كائن كهذا ..؟! ومن أتى بفائض الإيمان هذا ليقوم بهذه الحملة ..!!
أريد أن أعيش في مكان ٍ أرى فيه شجرة التفاح تزهر بدون إلحاح أحد المزارعين عليها بأن تحمل ثمراً جيداً .... سأترك شجرة التفاح تفعل ما تشاء .... فهل ستنتهي الحياة إن لم آكل التفاح في هذا العام؟! لماذا لا أتركها لترمم ما استهلكته المحاصيل القديمة من جسدها هذه السنة لتعطي محصولاً أفضل في السنة القادمة ...!!'
لماذا نلحّ على التكاثر في زمن كثرت به ناطحات السحاب ولم تعد الأرض تتسع لمزيد من الأفواه الجائعة ..؟! أريد أن أنام ... ولا أصحو على صوت تلك الشتائم البذيئة لأولاد الشوارع الذين يعدونها قهوة الصباح بنكهةٍ فيروزية ...
يا إلهي ما زلت عاجزةً عن وصف مأساتي مع البشر ومع هذا العالم المقرف ...
يا إلهي يا تلمني إن حاولت الانتحار وقتل نفسي ولا تهددني بعد اليوم بنارك الموعودة لمن يقتل نفسه ... فقناعتي بأن نارك أبرد وأهون من نار البشر كبيرةٌ كبيرة ... فلا تغلق الباب في وجهي ...فإنني قادمةٌ ..... إنني قادمة ....
5/4/2008
00:31a.m
ملاحظة اشرافية: تم تعديل تنسيق الخط. الرجاء في حال الحاجة لتدخل اشرافي لسبب ما استخدام زر المشاركة العاطلة (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////) الموجود على يمين المشاركة بدل وضع ردود في الموضوع.
شكرا للتعاون
لا أعرف إن كان هذا مؤشراً لأن يكون عقلي قد توقف عن العمل.... هذا إن كان يعمل أصلاً ...
وجدت نفسي لوحدي ... فقررت ممارسة العزلة ... أريد الابتعاد عن كل ما هو متقدم وتقني وعلمي واقتصادي واجتماعي ومادي و وجودي و مرئي و عديم الوجود ...
سئمت مشاركة الناس لأحزانهم .... فمن سيشاركني أحزاني ....
لا أدري ... قلمي يقف ... لا يستطيع السير على الورقة ... أصبح عاجزاً ألأنني نسيته لفترة من الزمن ..!! أوينساني بهذه السهولة ..!!
كلماتي غير مترابطة وجملي غير متينة .... أعلم كل هذا ولكن ...!!
أريد أن أهجر الكثير الكثير من الأشياء ... فماذا سأستفيد من المعادلات الكيميائية والحركات الانسحابية والدورانية ومقامات الحريري و .... من المذهب الوجودي والمادي ... من الروح القومية أو حتى العربية ... من التقدم التكنولوجي .... من البريد الالكتروني ... من قنوات الأخبار وشاشات التلفاز والأفلام الوثائقية أو حتى الجنسية ... من العلم والمعلمين والمتعلمين ...!!
من الفن ونشر الغسيل ...؟! من الرياضة وتراكم حمض اللبن وغاز ثنائي أوكسيد الكربون والتعب العضلي ..؟!
من شكسبير ورواياته ...!! من محمود درويش وأشعاره و دفاعه عن القضية الفلسطينية ... وما أكثرها القضايا العربية .... فيوجد لدينا زيادة على تلك القضية العراقية واللبنانية .... والخير سيأتي لاحقاً ....
!!مفاوضات السلام لا تهمني .... الحرب لا تهمني ...
أريد أن أنام ... أن أغمض عيني لأهرب من الضوضاء العربية ... من الضجيج العالمي ...
أريد الهروب من جميع البشر ... أجد في عزلتي ملاذي الوحيد ...
لا أريد أن أكون كالعرب أقف على الأطلال وأرثي ... وأرثي ...
فنحن لم نبن شيئاً في الأساس لنقف على أطلاله ...
تاريخنا القديم والحديث والمعاصر لم يتحرك قيد أنملة ...
نزار قباني وجد عزلته في المرأة ... حارب العالم بالمرأة وبصفّ الأشعار فوق نهديها ...
نجيب محفوظ وجد عزلته في مجتمعه المصري القديم .... صنع المجتمع وعاش فيه كما يشاء ...
محمد الماغوط ... قضى جزءاً من عزلته في السجون دفاعاً عن حبر قلمه ... وقضى باقي عزلته في مرضه ...
أما أنا فأريد أن تكون طقوس عزلتي مختلفة كل الاختلاف عن أي طقسٍ من الطقوس ...أريد أن أمارسها كما أشاء ... وكما أحب ...
طقوس عزلتي لا تشبه الطقوس الدينية ولا حتى الثقافية ...
في عزلتي ... أحاول أن أتحاور مع ذاتي ... لعلّي أكتشف الجزء الأخير المتبقي لي من انسانيتي ... لربّما أدرك نعمة الشعور بالعزلة في القرن الواحد والعشرين ....
في هذا القرن ... نسي الانسان أن يجلس ولو لدقيقة واحدة ليتأمل ... أن يفكر بمن حوله ... نسي أن يتمسك بقيمٍ رفعته عن باقي البشر ...
العرب في هذا القرن يخجلون من مبادئهم ... من دينهم ... من أنفسهم يخجلون ... من حبهم العذري ومن عبادتهم لإله واحد يخجلون .... هذا هو وجه الشبه بين أي عربي وبين النعامة ... فالعربي من شدة خجله يدفن رأسه في التراب ... لعلّ خجله وزيادة الرمونات الأنثوية في جسده تحرر له فلسطين ...وتعيد السلام إلى ربوع العراق وتروي لنا نهاية المسلسل المكسيكي للاغتيالات في لبنان ...
اللون الأسود هو اللون الوحيد الذي أبصره في هذا العالم ... سئمت من الحياة ... حقاً لا أريد أن أعيش مع هؤلاء البشر ... أكرههم ...وأمقتهم ... وأقولها لهم بكل جرأة تكاد تكون في كثير من الأحيان وقاحةًً لا توصف ... ومع هذا يرسمون قبلهم في كل يوم على جبيني ... يعانقونني بالرغم من أنهم يعلمون أني لا أستحم سوى مرةٍ واحدة في السنة ... فماذا فعلت لهم ليبقوا بجانبي ...؟!!!
وحق كل ما آمنت به العرب أكرههم وأتمنى لهم الموت من كل قلبي ...
وبما أن دعواتي لله بأن أموت غير مستجابة ... فلعلّي أجد في دعائي عليهم أملاً في ظل هذه التعاسة ...أريد أن أرحل إلى مكان بعيد لا وجود لمخلوقت بشرية فيه ... إلى مكان تبقى فيه الشمس وسط السماء ....جالسةً على عرشها العظيم ...
أكره الليل لأنه يخيفني ... يقولون إن الليل ستّار و جعله الله لسكينة الناس ولكي ينعمون بالراحة ...فكيف يتكلمون عن سلام الليل و ليلي كله خوف ...!!
كيف يتكلمون عن أحلامٍ وردية تراود الانسان عندما يغمض عينيه وأنا لا أرى عندما أغمض عيني سوى أناس يركضون خلفي ليقطعوا رقبتي ..!! ليبعثروا جسدي ... ويطعموه للكلاب ...!!
أكره الليل لأنه أسود ... لماذا لا يكون أخضر أو أزرق ... أو ربما أحمر ...!! لماذا أسود ..!؟
يشكون آهاتهم لليل وهم لا يعرفون أن الليل سيكون من أول الشامتين ...
تغسل الدموع أعينهم في الليل وهم لا يعلمون أن الليل كمصففي الشعر ... عاشقٌ للحديث عن آلام البشر و مآسيهم ... وتناقلها على ألسنة القبيح قبل المليح ...
جبالٌ من الهموم تتربع فوق صدري ... تعيق دخول الهواء إلى رئتاي .... أتلقى دعوات للأمل والتفاؤل والنظر إلى المستقبل الزاهر الذي ينتظرني ...
انظر إلى من حولك ... من هم أصحاب المستقبل الزاهر والمجد الرفيع والعظمة ...!!
هل أقول لك ..!! نعم سأقول لك ... لعلّك تجد لنفسك زاويةً مشعّةً تظهر من خلالها أمام هذا العالم القذر ...
إمّا أن تكون خائناً لوطنٍ لا يعني لك شيئاً ولكنك حُسِبْتَ عليه من حيث لا أحد يدري .... ورصيدٌ في احدى الدول الخارجية يتجدّد مقابل كل خيانة تقدّمها لأعداء وطنك ...
أو أن تكون راقصةً في احدى النوادي الليلية ... وتلبس ثوب الشرف في وضح النهار وتتصدّق على ذاك اليتيم وعلى تلك العائلة المسكينة ... وتبقى لسيرتك صدىً طيبٌ في الأنفس ..
مع تقدمي في العمر تزيد غدتي النخامية من افرازاتها لهرمون البرولاكتين وتزداد رغبتي في الانجاب إرضاءاً لدافع الأمومة الذي يتناسب طرداً مع زيادة هذا الهرمون في جسدي ... ولكن ...
أيُّ مجتمع هذا الذي أريد لابنتي أو ابني أن يعيش فيه ..؟!!
مجتمعٌ لا تعلم حقيقة الناس فيه حتى وإن كانوا عراة الأجساد , فمثل-يختبئ بثيابه – لا ينطبق على الناس في أيامنا لكي تعريهم وتعرفهم على حقيقتهم ...فما أسهله أن تغير جلدك وتغير لونه وما أسهله أن تغير جنسك في هذا القرن ..!!
وبالرغم من كل هذا ...وبالرغم من الفقر المتقع الذي أراه كل يومٍ ... وبالرغم من وجود آلاف الجائعين ووجود آلاف المتخمين ....
يريدون أن أبقى معهم ....وبينهم .. وأن أكون لأجلهم ...
مع كل هذا الحقد الذي أكنه لهذا العالم .. وكل الكره ... ما زال هناك أحدٌ يحبني ويتمنى لي الخير في بقعةٍ ما على هذه الأرض ... ولكنني بالفعل أحتاج إلى مساحةٍ خضراء تريح نفسي ... إلى مساحةٍ هادئةٍ تريح حاسة السمع لدي ...إلى مكانٍ لا أعرف به أحداً ... فكلمة **مرحباً ** من آلاف البشر الذين لا يحترمون خصوصيّة سيري في شوارع مدينتي العاهرة يزعجني جداً ويقلقني ....
أريد الهروب من مجتمع ينظر إلى الطبيب والمهندس والمحامي نظرة خشوع واحترام وان كان يتمتّع بصفات السوء كلها .... وينظر إلى ما عدا ذلك نظرة دونية وان كان يحمي حدود بلادي وان كان يدافع عن شرف أمتي ...
أيُّ مجتمع أريد العيش لأطفالي به وهو ينظر إلى البشر كنظرة الإقطاعي لأحد الفلاحين الذي يعملون بربع الأجرة ...
أريد أن أعيش في مكان لا يزعجني فيه صوت رنين المحمول من متطفلٍ عندما أقول –ألو .. يقول لي : (( اذا أردت أن تعرف نعمة ربك عليك فأغمض عينيك ويقفل ))... بوجهي فأين هي خصوصية الهاتف المحمول مع كائن كهذا ..؟! ومن أتى بفائض الإيمان هذا ليقوم بهذه الحملة ..!!
أريد أن أعيش في مكان ٍ أرى فيه شجرة التفاح تزهر بدون إلحاح أحد المزارعين عليها بأن تحمل ثمراً جيداً .... سأترك شجرة التفاح تفعل ما تشاء .... فهل ستنتهي الحياة إن لم آكل التفاح في هذا العام؟! لماذا لا أتركها لترمم ما استهلكته المحاصيل القديمة من جسدها هذه السنة لتعطي محصولاً أفضل في السنة القادمة ...!!'
لماذا نلحّ على التكاثر في زمن كثرت به ناطحات السحاب ولم تعد الأرض تتسع لمزيد من الأفواه الجائعة ..؟! أريد أن أنام ... ولا أصحو على صوت تلك الشتائم البذيئة لأولاد الشوارع الذين يعدونها قهوة الصباح بنكهةٍ فيروزية ...
يا إلهي ما زلت عاجزةً عن وصف مأساتي مع البشر ومع هذا العالم المقرف ...
يا إلهي يا تلمني إن حاولت الانتحار وقتل نفسي ولا تهددني بعد اليوم بنارك الموعودة لمن يقتل نفسه ... فقناعتي بأن نارك أبرد وأهون من نار البشر كبيرةٌ كبيرة ... فلا تغلق الباب في وجهي ...فإنني قادمةٌ ..... إنني قادمة ....
5/4/2008
00:31a.m
ملاحظة اشرافية: تم تعديل تنسيق الخط. الرجاء في حال الحاجة لتدخل اشرافي لسبب ما استخدام زر المشاركة العاطلة (////////////// الروابط الي بيحطوها الأعضاء بيقدر فقط الأعضاء يشوفوها ، اذا مصرّ تشوف الرابط بك تسجل يعني تصير عضو بأخوية سوريا بالأول -///////////////) الموجود على يمين المشاركة بدل وضع ردود في الموضوع.
شكرا للتعاون