jalal 2010
24/04/2008, 15:45
من الواضح جداً أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بأي عمل أو نشاط بدون ملكة الإرادة. فإن تحرك أو تكلم أو فكّر أو أحسّ بشيء فلابد أن تكون هذه الأعمال بدافع الإرادة . وبدونها لا تتميز هذه الأعمال عن أية حركة آلية .
ومن الضروري أيضاً أن نقول إن الإرادة لا وجود لها بدون ملكة الإستنتاج، لأن الإرادة بدون الإستنتاج والمفاضلة بين الأشياء لا تكون إرادة بالمعنى الصحيح بل عملاً آلياً. فنتائج الإستنتاج والمفاضلة هي الدافع للإرادة على العمل الإرادي ، وبدون هذه النتائج ينعدم الحافز ، وعندئذ تجمد الإرادة عن العمل ، بل ينعدم وجودها كل العدم في العقل الواعي أي الشعور ، كما ينعدم العقل تبعاً لانعدامها .
ويقول الصديق صالح النبهان بأن المسئولية هي المحرك الأساسي للإرادة ، مما يجعلنا نسأل : ما هي القوة الكامنة في المسئولية وكيف نقبض عليها أو نحددها ؟ .
مع علمنا المسبق بأن الإرادة لا تبدو في الجسم وحدة، بل في كل مظاهر الطبيعة البشرية. فحياة الإنسان هي سلسلة من رغبات لا تهدأ ، وكفاح مستمر من أجل الحياة ، وتوفير القوت ، والإبقاء على النوع . ولذلك فإن مركز الإرادة في الجسم يقع في الأعضاء التناسلية ، فهي وسيلة حفظ الحياة واستمرار النوع .
وهكذا، فإن الإرادة – لا العقل – هي جوهر الطبيعة البشرية والوجود الإنساني والعقل هو مجرد أداة في خدمة الإرادة (*). وبينما كان للعقل السيادة في فلسفات سابقة فإنه أصبح – مع شوبنهور – ذا مكانة ثانوية باعتباره تابعاً للإرادة ، وفي هذا قلب للوضع الذي سارت فيه الفلسفة ، فقد كان العقل جوهر الإنسان حتى جاء شوبنهور ليعلن صراحة إن جوهر الإنسان هو إرادته ، وهنا تبدو أصالة شوبنهور الحقيقية .
وإذن، فالإرادة هي سر الوجود، وإذا أردنا أن نعرف حقيقتها فلنتجه إلى باطن الأشياء، ولنبدأ بأنفسنا أولاً. وليكن في أذهاننا دائماً أنه لا يمكن أن نتعرّف على الحقيقة الباطنية لوجودنا إلاّ إذا تحول الإنسان إلى ذات عارفة خالصة ، وذلك لأن هذا الإنسان نفسه متأصل في هذا العالم كفرد ، وجسمه – الذي هو نقطة البداية في إدراك العالم – هو موضوع من بين الموضوعات أو ظاهرة من بين الظواهر ، وهو لن يصل إلى حقيقة جسمه وحقيقة الأشياء إذا ما نظر إليها من الخارج ، فلن تبدو له في هذه الحالة إلاّ كموضوعات أو تمثلات . أما إذا تحول الإنسان إلى ذات عارفة خالصة وتأمل نفسه من الباطن ، فسوف يجد أن حقيقة جسمه وأفعاله وحركاته ووجوده الباطن بوجه عام يمكن تلخيصها في كلمة واحدة هي : الإرادة .
الإرادة وحدها – هي ما يمكن أن يعطيه مفتاح وجوده الخاص ، ويكشف ويبينّ له المغزى والتركيب الداخلي لوجوده ، ولأفعاله ، وحركاته .
والذي يهمنا أن نبرزه هنا هو أن الإنسان إذا تأمل نفسه من الباطن فلن يكتشف في نفسه إلاّ انه مجرد " إرادة " وعلى ذلك ، نستطيع القول بأن الإرادة هي محور أو مبدأ الوجود وهي المبدأ الذي يعبر عن الكون بأسره ويجسد الطبيعة . وبكلمة واحدة إن العالم إرادة The world is Will .
وإذن فالإرادة هي المبدأ المسيطر على الحياة. فالنبات والحيوان والإنسان – فيما يؤكد شوبنهور – تكثر من أنواعها عن طريق واحد ، هي إرادة الحياة Will –to-Live تلك الإرادة العمياء ، المندفعة وراء رغباتها .
إن الإرادة عند شوبنهور هي إرادة الحياة ، بمعنى أنها اندفاع أعمى لا عاقل نحو الحياة . والواقع أن كلمة " اندفاع " هي أنسب الكلمات لمعنى الإرادة الواسع عند شوبنهور ، لأنها لا تشير إلى شيء محدد بالذات . فالمعنى الذي يستخدمه شوبنهور للإرادة معنى واسع جداً .
وتقول الباحثة الممتازة في فلسفة شوبنهور " هيلين زيمرن H.Zimmern " :
" إن الإرادة هي الفاعل والمحرك في كل الوظائف الجسمية واللاشعورية unconscious والباطنية inner ، وإن الوجود العضوي نفسه لاشيء بدون الإرادة . وفي كل القوى الطبيعية عمل أو نشاط الدافع أو الباعث يكون متحققاً بالإرادة . وفي كل الحالات حيث نجد أي حركات ذاتية أو قوى أصلية رئيسية ، فينبغي إرجاعها إلى ماهيتها الباطنية كإرادة " .
ويقول شوبنهور : " هي الطبيعة العميقة للأشياء ، وهي تشكل الجوهر لكل شيء سواء جزئي أو كلي . وهي تبدو في كل قوة عمياء مندفعة في الطبيعة كما تظهر في كل فعل إنساني ، ويرجع الاختلاف في هاتين الناحيتين إلى درجة تجلي الإرادة في كل منهما . فهو اختلاف في درجة الوضوح ، وليس اختلافاً في طبيعة الإرادة " .
والإرادة هي الشيء المطلق في الجسم ، فإذا كان العقل يصيبه الإرهاق ، فإن الإرادة – بنت كلب – لا تتعب أبداً ولا تكل ، بل إنها تعمل حتى في أثناء النوم . وتكون كل قوة الإرادة – في هذه الحالة – موجهة نحو المحافظة على الجسم. وتعمل من العقل حارسا ليلي يمشي على قدميه طوال الليل.
وإذا كان الفلاسفة – قبل شوبنهور- قد عرّفوا الإنسان بأنه حيوان عاقل ، بمعنى أن كيان الإنسان يكمن في العقل باعتبار هذا الأخير جوهره الفكر والمعرفة والإدراك ، فإن شوبنهور يطالبنا بأن نطرح هذه الغلطة الشائعة في تاريخ الفلسفة .
ويقول إن الإدراك ليس إلاّ مجرد سطح خارجي لعقولنا لا نعرف ما يكمن خلفه ، إذ أن وراء العقل الواعي تكمن الإرادة اللاشعورية ، ومن ثم ينبغي ، في رأي شوبنهور ، أن نعرف الإنسان بأنه إرادة ، أو بمعنى آخر أن ما يتحكم في الإنسان ليس هو العقل وإنما الإرادة الشعورية أو اللاشعورية على حدّ سواء .
وهذه الإرادة قوة ملحة ورغبة مستمرة لا تهدأ وقد يبدو العقل ، خطأ ، وكأنه موجهاً للإرادة ، ولكن العكس هو الصحيح – كما يقول شوبنهور – في أغلب الأحيان ، إذ أن العقل ما هو إلاّ خادم أو أداة في يد الإرادة .
ويتضح ذلك عندما نريد شيئاً ، فإننا لا نريده لعلة تستدعي ذلك ، بل إننا ، بالأحرى ، نوجد عللاً له لأننا نريده . وتتضح أيضاً جوهرية الإرادة في الإنسان عندما نتجشم كل مشقة في إقناع المرء ، ثم نتبين في النهاية أنه لا يريد أن يفهم ، وأن علينا أن نخاطب إرادته ، وعلماء النفس أو دارسوا البرمجة اللغوية العصبية يقولون أدخل للإنسان من خلال نافذتين هما العقل والقلب والبعض يضيف لهما الحاجة أو الرغبة .
كما أن الذاكرة ليست إلاّ أداة في يد الإرادة ولنلاحظ إلى أي مدى يطول تذكرنا لانتصاراتنا، والسرعة المذهلة التي ننسى بها هزائمنا، وليس وراء ذلك من سبب سوى الإرادة.
وإذا كان هناك نوعين من الإرادة أحداهما عمياء وتتحرك في اللاشعور وأخرى مبصرة تتحرك في الشعور ولكنها غير فاعلة ، فهل تحديد الهدف يكفي كمحفز ومنشط للإرادة المبصرة ؟
.. للحديث بقية .. ودعوة للحوار.
ومن الضروري أيضاً أن نقول إن الإرادة لا وجود لها بدون ملكة الإستنتاج، لأن الإرادة بدون الإستنتاج والمفاضلة بين الأشياء لا تكون إرادة بالمعنى الصحيح بل عملاً آلياً. فنتائج الإستنتاج والمفاضلة هي الدافع للإرادة على العمل الإرادي ، وبدون هذه النتائج ينعدم الحافز ، وعندئذ تجمد الإرادة عن العمل ، بل ينعدم وجودها كل العدم في العقل الواعي أي الشعور ، كما ينعدم العقل تبعاً لانعدامها .
ويقول الصديق صالح النبهان بأن المسئولية هي المحرك الأساسي للإرادة ، مما يجعلنا نسأل : ما هي القوة الكامنة في المسئولية وكيف نقبض عليها أو نحددها ؟ .
مع علمنا المسبق بأن الإرادة لا تبدو في الجسم وحدة، بل في كل مظاهر الطبيعة البشرية. فحياة الإنسان هي سلسلة من رغبات لا تهدأ ، وكفاح مستمر من أجل الحياة ، وتوفير القوت ، والإبقاء على النوع . ولذلك فإن مركز الإرادة في الجسم يقع في الأعضاء التناسلية ، فهي وسيلة حفظ الحياة واستمرار النوع .
وهكذا، فإن الإرادة – لا العقل – هي جوهر الطبيعة البشرية والوجود الإنساني والعقل هو مجرد أداة في خدمة الإرادة (*). وبينما كان للعقل السيادة في فلسفات سابقة فإنه أصبح – مع شوبنهور – ذا مكانة ثانوية باعتباره تابعاً للإرادة ، وفي هذا قلب للوضع الذي سارت فيه الفلسفة ، فقد كان العقل جوهر الإنسان حتى جاء شوبنهور ليعلن صراحة إن جوهر الإنسان هو إرادته ، وهنا تبدو أصالة شوبنهور الحقيقية .
وإذن، فالإرادة هي سر الوجود، وإذا أردنا أن نعرف حقيقتها فلنتجه إلى باطن الأشياء، ولنبدأ بأنفسنا أولاً. وليكن في أذهاننا دائماً أنه لا يمكن أن نتعرّف على الحقيقة الباطنية لوجودنا إلاّ إذا تحول الإنسان إلى ذات عارفة خالصة ، وذلك لأن هذا الإنسان نفسه متأصل في هذا العالم كفرد ، وجسمه – الذي هو نقطة البداية في إدراك العالم – هو موضوع من بين الموضوعات أو ظاهرة من بين الظواهر ، وهو لن يصل إلى حقيقة جسمه وحقيقة الأشياء إذا ما نظر إليها من الخارج ، فلن تبدو له في هذه الحالة إلاّ كموضوعات أو تمثلات . أما إذا تحول الإنسان إلى ذات عارفة خالصة وتأمل نفسه من الباطن ، فسوف يجد أن حقيقة جسمه وأفعاله وحركاته ووجوده الباطن بوجه عام يمكن تلخيصها في كلمة واحدة هي : الإرادة .
الإرادة وحدها – هي ما يمكن أن يعطيه مفتاح وجوده الخاص ، ويكشف ويبينّ له المغزى والتركيب الداخلي لوجوده ، ولأفعاله ، وحركاته .
والذي يهمنا أن نبرزه هنا هو أن الإنسان إذا تأمل نفسه من الباطن فلن يكتشف في نفسه إلاّ انه مجرد " إرادة " وعلى ذلك ، نستطيع القول بأن الإرادة هي محور أو مبدأ الوجود وهي المبدأ الذي يعبر عن الكون بأسره ويجسد الطبيعة . وبكلمة واحدة إن العالم إرادة The world is Will .
وإذن فالإرادة هي المبدأ المسيطر على الحياة. فالنبات والحيوان والإنسان – فيما يؤكد شوبنهور – تكثر من أنواعها عن طريق واحد ، هي إرادة الحياة Will –to-Live تلك الإرادة العمياء ، المندفعة وراء رغباتها .
إن الإرادة عند شوبنهور هي إرادة الحياة ، بمعنى أنها اندفاع أعمى لا عاقل نحو الحياة . والواقع أن كلمة " اندفاع " هي أنسب الكلمات لمعنى الإرادة الواسع عند شوبنهور ، لأنها لا تشير إلى شيء محدد بالذات . فالمعنى الذي يستخدمه شوبنهور للإرادة معنى واسع جداً .
وتقول الباحثة الممتازة في فلسفة شوبنهور " هيلين زيمرن H.Zimmern " :
" إن الإرادة هي الفاعل والمحرك في كل الوظائف الجسمية واللاشعورية unconscious والباطنية inner ، وإن الوجود العضوي نفسه لاشيء بدون الإرادة . وفي كل القوى الطبيعية عمل أو نشاط الدافع أو الباعث يكون متحققاً بالإرادة . وفي كل الحالات حيث نجد أي حركات ذاتية أو قوى أصلية رئيسية ، فينبغي إرجاعها إلى ماهيتها الباطنية كإرادة " .
ويقول شوبنهور : " هي الطبيعة العميقة للأشياء ، وهي تشكل الجوهر لكل شيء سواء جزئي أو كلي . وهي تبدو في كل قوة عمياء مندفعة في الطبيعة كما تظهر في كل فعل إنساني ، ويرجع الاختلاف في هاتين الناحيتين إلى درجة تجلي الإرادة في كل منهما . فهو اختلاف في درجة الوضوح ، وليس اختلافاً في طبيعة الإرادة " .
والإرادة هي الشيء المطلق في الجسم ، فإذا كان العقل يصيبه الإرهاق ، فإن الإرادة – بنت كلب – لا تتعب أبداً ولا تكل ، بل إنها تعمل حتى في أثناء النوم . وتكون كل قوة الإرادة – في هذه الحالة – موجهة نحو المحافظة على الجسم. وتعمل من العقل حارسا ليلي يمشي على قدميه طوال الليل.
وإذا كان الفلاسفة – قبل شوبنهور- قد عرّفوا الإنسان بأنه حيوان عاقل ، بمعنى أن كيان الإنسان يكمن في العقل باعتبار هذا الأخير جوهره الفكر والمعرفة والإدراك ، فإن شوبنهور يطالبنا بأن نطرح هذه الغلطة الشائعة في تاريخ الفلسفة .
ويقول إن الإدراك ليس إلاّ مجرد سطح خارجي لعقولنا لا نعرف ما يكمن خلفه ، إذ أن وراء العقل الواعي تكمن الإرادة اللاشعورية ، ومن ثم ينبغي ، في رأي شوبنهور ، أن نعرف الإنسان بأنه إرادة ، أو بمعنى آخر أن ما يتحكم في الإنسان ليس هو العقل وإنما الإرادة الشعورية أو اللاشعورية على حدّ سواء .
وهذه الإرادة قوة ملحة ورغبة مستمرة لا تهدأ وقد يبدو العقل ، خطأ ، وكأنه موجهاً للإرادة ، ولكن العكس هو الصحيح – كما يقول شوبنهور – في أغلب الأحيان ، إذ أن العقل ما هو إلاّ خادم أو أداة في يد الإرادة .
ويتضح ذلك عندما نريد شيئاً ، فإننا لا نريده لعلة تستدعي ذلك ، بل إننا ، بالأحرى ، نوجد عللاً له لأننا نريده . وتتضح أيضاً جوهرية الإرادة في الإنسان عندما نتجشم كل مشقة في إقناع المرء ، ثم نتبين في النهاية أنه لا يريد أن يفهم ، وأن علينا أن نخاطب إرادته ، وعلماء النفس أو دارسوا البرمجة اللغوية العصبية يقولون أدخل للإنسان من خلال نافذتين هما العقل والقلب والبعض يضيف لهما الحاجة أو الرغبة .
كما أن الذاكرة ليست إلاّ أداة في يد الإرادة ولنلاحظ إلى أي مدى يطول تذكرنا لانتصاراتنا، والسرعة المذهلة التي ننسى بها هزائمنا، وليس وراء ذلك من سبب سوى الإرادة.
وإذا كان هناك نوعين من الإرادة أحداهما عمياء وتتحرك في اللاشعور وأخرى مبصرة تتحرك في الشعور ولكنها غير فاعلة ، فهل تحديد الهدف يكفي كمحفز ومنشط للإرادة المبصرة ؟
.. للحديث بقية .. ودعوة للحوار.