س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | بحبشة و نكوشة | مواضيع اليوم | أشرلي عالشغلات يلي قريانينها |
|
أدوات الموضوع |
09/09/2009 | #1 |
عضو
-- زعيـــــــم --
|
وليد معماري
«صوت الشعب» العدد 218 (1712) 13-19 آب 2009
يصل انقطاع الكهرباء في بيتي، أو في حارتي، أو في القطاع السكني الذي أسكنه، إلى أربع ساعات يومياً.. على فترتين... فترة صباحية، وأخرى ظُهرية.. ويبدو أني محظوظ لأني أسكن في دمشق، فكثير من الدساكر، تنقطع كهرباؤها على مدى نصف يوم.. لكن حظي، الذي أحسد عليه، وأحتاج لخرزة زرقاء من أجل درئه، يكلفني الكثير، وهو يعني توقف سلسلة من الأجهزة الضرورية لعملي.. ومنها توقف الكمبيوتر عن العمل، وبالتالي تعطل شبكة الأنترنيت، وغياب البريد الألكتروني، وتعطل جهاز الفاكس، وتوقف مروحة السقف عن العمل، وغرقي مرقي في العرق... وكلها أمور بسيطة قياساً إلى ما يحدث في المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد، حيث يترافق العجاج مع التقنين، وتصبح الحالة جزءاً من اختبار الجحيم.. رغم كثرة المؤمنين.. وحتى هذه اللحظة لا يعرف أحدٌ سبباً لتقنين الكهرباء.. سوى التقصير في حسابات الحاجة المتزايدة سنوياً لحاجة البلاد من الكهرباء، والتي تصل إلى 8% كل عام، حسب نسبة التزايد السكاني.. وهذا يعني أن الخطط الخمسية الرابعة، والخامسة، والسادسة، والسابعة، والثامنة، والتاسعة، والعاشرة، أهملت التخطيط الكهربائي، وأفسحت المجال لاستيراد المصابيح البترولية من الصين.. وأصابع الشموع من أرتيريا!... وحين حساباتي لخسائري الكهربائية، أجدها هزيلة أمام خسائر آلاف الورشات الصغيرة.. من نجّارين وحدّادين، وخيّاطين، وحلاقين، ونسّاجين، ومصوّرين، وحذّائين.. وبينما كانت في الصيف الماضي ساعتين، أضحت أريع ساعات.. واستنتاجاً من الواقع الحالي، فإن (تقنين) الصيف المقبل سيصل إلى ثماني ساعات.. وبناء عليه وعليه البناء، حين ستنطلق مركبة فضائيّة لتحطّ على سطح المريخ في صيف سنة 2011، سنكون نحن مستضيئين بنور القمر الرباني!.. مما يثير الحنق حقاً أن أحداً من المسؤولين الكهربائيين من توتر 360 فولت، واستطاعة خمسين وات، لم يشرفنا بظهوره البهي، ولا بصوته الشجي، على الشاشات المضيئة، ليشرح لنا سبب التقنين، ولو بلغة الصم والبكم.. ربما لأن الخجل يقتضي الاحتجاب خلف برقع الصمت.. وطالما سمعنا أخبارا،ً بدأت قبل ما يقرب من عشر سنوات، عن مشاريع توليد الكهرباء من طاقة الرياح، ويبدو أن أصحاب هذه المشاريع وقّعوا صفقة مراوح، لأن المراوح فيها رائحة (بهارات)، وهم ما يزالون جادين في البحث عن الرياح في محافظة حمص!... وقبل فترة ليست وجيزة سمعنا عن مشاريع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.. وقيل يومذاك أنهم سيبدؤون التجربة على أعمدة الإنارة في الشوارع، ثم ينتقلون منها إلى الحدائق العامة، ومنها إلى البيوت، بحيث يتمكن المواطن من تأمين كهرباء بيته مجاناً.. ثم يبيع الفائض إلى الشبكة العامة.. وبدل أن يدفع المواطن ثمن فواتير كهرباء، سيقبض بدلاً عن كهربائه المصدرة... و.. يقول إخواننا المصريون في أمثالهم الشعبية: "أسمع كلامك، أصدَّقو... أشوف عمايلك.. أتْعَجِّب!".. وفي التعابير الشاميّة: "رح تفقع مرارتي من هالمرارة".. وقد فقعت فعلاً.. ولكن ع العتمة.. وتصبحون على ألف ألف شمعة!.. ودمتم مُعتمين!... |
09/09/2009 | #2 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
مملكة الأحلام الجميلة ولدتُ في غرفة طينية يضيئها قنديل معلق على ساموك خشبي.. وقرب موقد مشتعل، زاد في الإنارة التي تحتاجها (الداية)... وفي تلك الأيام كانت زوايا أزقة القرية تضاء ليلاً بالفوانيس التي وقودها من الكيروسين (زيت الكاز)، بعد المغرب بساعة، وتطفأ من قبل عامل، كان يعرف باسم «الدومري»، في العاشرة ليلاً.. ما عدا الليالي المقمرة في الصيف، حيث الإنارة الربّانية كانت تسهّل على الناس رؤية دروبهم... ثم جاءت الكهرباء بنعمتها، ربما عام 1954، عبر جهود جمعية فلاحية تعاونية، لا علاقة لها بالدولة، فصار المحرّك الذي يعمل على (الديزل) يهدر، بعيد المغرب بقليل، ويمدنا بكهرباء الإنارة، ثم يُطفأ عند الساعة الحادية عشرة ليلاً، وكان المستفيدون من نعمة الكهرباء، لا يدفعون ثمن فواتير، بل اشتراك شهري متساوٍ في القيمة، حيث لم تكن ثمة مراوح، ولا برادات، ولا غسالات، ولا مكيفات، ما كان موجوداً هو (لمبات) الإنارة التي ساعدت كثيراً من الطلاب على مضاعفة جهودهم الدراسية، ومن ثم التفوق بشكل ملحوظ على أبناء قرى القناديل والفوانيس!.. ولادتي الثانية تمت في مدينة دمشق، ولكن من دون معونة (داية)، حيث الكهرباء كانت تجري مثل جريان نهر بردى بفروعه السبعة دون انقطاع، أيام ذاك، وتلك كانت أعجوبة، واستمرت الأعجوبة منذ عهدي بالمدرسة الابتدائية، وحتى تخرجي في الجامعة أوائل الثلث الأخير من القرن المنصرم، ولا أدعي بأن الكهرباء (غير المقننة) هي سبب تخرجي، فقد تخرجت بدرجة (مقبول جداً) على الرغم من وجود الكهرباء!!. الآن.. بعد هذا العمر المرسوم على إيقاع التوتر العالي، أضحت الكهرباء من الضروريات، ليس للإضاءة فحسب، بل لشؤون بيئية شخصية كثيرة، فالحاسوب هو أداة مهمة في مجريات عملي، فقد صار، بإمكاناته الهائلة، أداة الكتابة لدي، والتواصل مع العالم عبر الشابكة، وكذلك الرّاسل (أي الفاكس)، ناهيك عن خدمات كثيرة، دخلت في صلب الحياة الحديثة. مسؤولو الانقطاعات الكهربائية يقولون إذا جاء الصيف إن ارتفاع نسبة الاستهلاك، زاد عن الحد المتوقع، ودرجات حرارة الطقس فاقت المتوقع، فإذا جاء الشتاء قالوا إن هبوط درجات الحرارة إلى أدنى من معدلاتها، فراح الناس يلجؤون إلى التدفئة بالمشعات الكهربائية، ورأيي، أن كل ميزانيات الدول تترك هامشاً واسعاً للكوارث، أو للطوارئ.. خاصة في البنى التحتية إلا حكومتنا، فهي تتوسع في إشاعة الطيف الواسع لمشاريع الاستثمار، وتغفل عن الطيف الضيق للمواطن ذي الدخل المهدود. وذات يوم، مضى وانقضى، ضاعفت وزارة الكهرباء تسعيرة (فواتيرها) المستحقة على المواطن المنتوف، ضمن عقد إذعان معروف، ولم تحسب حساب يوم تقصر فيه الكهرباء عن تلبية حاجات المواطن الملهوف. وحجتها أن مياه سد الفرات تدنت إلى مستوى لا يشغل إلا نصف عنفات توليد الكهرباء، وعلى عيني العنفات، وحزب العدالة والتنمية التركي، لكني أذكر أن مخترعاً سورياً، ابتدع مصيدة للرياح افترض أنها ستركب شرقي مدينة حمص، يمكن لها أن تولد عبر عنفاتها ما يزيد عن كهرباء السد، وقد أعطي المخترع براءة اختراع، ومكافأة خمسة آلاف ليرة، وصل إلى جيبه منها ألف ليرة (بعد الفلترة)، أما اختراعه فقد دفن في أضابير مملكة النسيان. وأخشى أننا – نحن الذين اخترعنا ممالك الشمس – لانزال غارقين في ممالك الأحلام الجميلة.
{ إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب }
|
||||||
أدوات الموضوع | |
|
|