س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | بحبشة و نكوشة | مواضيع اليوم | أشرلي عالشغلات يلي قريانينها |
|
أدوات الموضوع |
14/11/2009 | #1 | ||||||
عضو
-- زعيـــــــم --
|
من الأقوى؟ الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط
من الأقوى؟ الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط مشهد من مخيّمات اللاجئين في اليمن لم يُرد لهذه المنطقة أن تستقل. منذ ما قبل عقد اتفاق سايكس بيكو، أرادت القوى الغربيّة أن تسيطر بالكامل على المنطقة. يُمنع على أهلها التحكّم في مصائرهم (ومصائرهنّ). ووعد بلفور المشؤوم اقتضى محاربة النزعات الاستقلاليّة عند العرب، حتى لو كانت زائفة كما مثّلها الهاشميّون، أدعياء نسب قريش. لكن مرحلة الانتداب لم تخلُ من الصراع بين قوى الاستعمار الغربي. حرب السويس وضعت حدّاً لذلك: أراد أيزنهاور أن يُفهم بريطانيا وفرنسا لا إسرائيل أن أميركا هي وارثة الاستعمار الغربي وأن لها وحدها سلطة القرار أسعد أبو خليل هناك مستويان من الصراع على منطقة الشرق الأوسط منذ الحرب العالميّة الثانيّة: المستوى العالمي، حيث تتنافس قوى عالميّة عظمى للسيطرة على مقدّرات المنطقة وعلى دفّة قيادة معظم أنظمتها. والمستوى الإقليمي حيث تتصارع قوى محليّة تسعى إلى النفوذ والهيمنة بالتنسيق، أو من دون تنسيق، مع قوى عالميّة حليفة. الخريطة أثناء الحرب الباردة كانت ظاهرة للعيان: الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي تصارعا بلا هوادة من أجل نشر النفوذ. أنفقا المليارات لدعم أفكارهما وعقائدهما وأساطيلهما: كانت المراكز الثقافيّة السوفياتيّة لا تبعد عن المراكز الثقافيّة الأميركيّة في بعض المدن العربيّة، مع أن الأخيرة كانت أكثر عرضة للتدمير والقصف (وأحياناً على يد الصهاينة كما حصل في فضيحة لافون الشهيرة، بغية الإيقاع بين الولايات المتحدة والنظام المصري، ويسألونك عن سبب شيوع نظريّة المؤامرة. حازم صاغيّة طلع علينا أخيراً في جريدة الأمير بن سلطان بنظريّة جديدة: عزا شيوع نظريّة المؤامرة إلى انتشار الجهل والأميّة. لا يعلم حضرته بشيوع نظريّة المؤامرة في اغتيال جون كنيدي وفي قضيّة الصحون الطائرة وفي اغتيال بوب كنيدي، إلخ، في أميركا. لكن نظريّة المؤامرة تضرّ بمصالح النظام الضالع بمؤامرة مع إسرائيل). كانت القوتان العظميان تسعيان لنشر نفوذهما السياسي دون الالتزام بشروط الأيديولوجيات المُعلنة. وعليه، فإن الاتحاد السوفياتي ضغط على الحزب الشيوعي المصري لحلّ نفسه، وسكت عن قتل نظام صدّام للشيوعيّين في أواخر السبعينيات، كما أن الولايات المتحدة لم تعرْ يوماً أهميّة أو حرصاً لنشر الديموقراطيّة والحريّة في منطقتنا، إلا إذا اعتبرنا أن الأنظمة الشخبوطيّة تمثّل نموذجاً حيّاً للجمهوريّة الديموقراطيّة الفاضلة. والعلاقة بين الصراع العالمي على الشرق الأوسط، والصراع الإقليمي لم تكن سهلة أو تفصيلاً للجزء من الكلّ، أو انعكاساً لصراع آخر. إن الصراع الإقليمي بين أطراف مختلفة كان يتمتّع بديناميّة خاصّة به، ولم يكن دائماً منطلقاً من الصراع العالمي الأكبر. الدليل هو في الصراع بين حلفاء القوى العظمى نفسها: مثل الصراع السعودي العماني، أو الصراع المصري البعثي، أو الخلافات بين حلفاء الاستعمار في شمال أفريقيا. الحرب العربيّة الباردة وهي تحتاج لدراسة جادة كما سماها مالكولم كر في كتابه الموجز والمرجع، لم تكن فقط صراعاً بين المعسكر الناصري والمعسكر السعودي (أو الشخبوطي)، بل كانت أيضاً صراعاً بين نظام عبد الناصر والأنظمة البعثيّة. والخلاف البعثي السوري والبعثي العراقي جرى فيما كان النظامان متحالفين بدرجات مختلفة مع الاتحاد السوفياتي. أي إن الصراع الإقليمي يكون أحياناً صراعاً على إدارة المحلّة، أو تنظيم مستوى من الصراع الإقليمي الأكبر (البعث كان يرى حزبه مؤهلاً أكثر فاعليّة من عبد الناصر في إدارة شؤون الوحدة والحريّة والاشتراكيّة). والصراع العالمي الأكبر يحاول ألا يختار بين حلفاء، وخصوصاً في حقبة الحرب الباردة، لأن القوتين العظميين كانتا تحرصان أشدّ الحرص على عدم إغضاب حليف ما، فالقوة الأخرى بالمرصاد لجذب الخائبين أو المستائين من صف حلفاء الخصم. وكانت القوتان العالميّتان تسعيان بما لديهما من نفوذ إلى تسوية الخلافات بين الحلفاء حتى لا تتأذّى مصالحهما الاستراتيجيّة، وحتى لا يتسرّب الخصم من الخلافات تلك. هل تسرّبت الولايات المتحدة في الخلاف الناصري البعثي لدعم البعث في الستينيات، في العراق مثلاً؟ الدلائل والقرائن غير متوافرة حتى الساعة، مع أن خبير الأمن القومي الأميركي، روجر مورس، يعمل منذ أعوام على إعداد كتاب عن الدور الأميركي في تنصيب البعث في العراق عام 1968. لكن ما نُمي إليّ أن الكاتب لم يوفّق في سعيه، في باب قانون «حريّة المعلومات»، للإفراج عن الوثائق المتعلّقة بتلك الفترة. ونتذكّر أن الحكومة الأميركيّة كانت شديدة الحماسة لمناصرة تلك الأنظمة التي تشنّ حروباً بلا هوادة على الشيوعيّين، مثل حالة البعث في العراق. لكن طبيعة الصراع على الشرق الأوسط تغيّرت بالكامل بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. لم يبق في الساحة إلا أميركا، على مستوى الصراع العالمي. لم تعد روسيا في وارد منافسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، رغم اغتباط ميشال سماحة لوصول بعض القطع البحريّة الروسيّة إلى ميناء اللاذقيّة. وبريطانيا وفرنسا سلّمتا منذ 1990 على أقلّ تقدير بوحدانيّة السيطرة الأميركيّة في منطقتنا. نتذكر ما آلت إليه مبادرة فرنسوا ميتران لحل الأزمة العراقيّة الكويتيّة في صيف ذاك العام. تستطيع فرنسا بين وقت وآخر التعبير عن اعتراض خافت هنا وهناك، ولكن سرعان ما تعود لكسب رضى الإمبراطوريّة الأميركيّة (عارض شيراك الحرب الأميركيّة على العراق، لكنه عاد وأهدى إلى بوش القرار 1559، وقد أدّى الدور الفرنسي فيه قبل اغتيال الحريري وبعده إلى إصدار عفو أميركي خاص عن العصيان الفرنسي القصير المدّة). أما الصين، فهي لا تزال تعمل وفق نصيحة دنغ كسياوبنغ أواخر الثمانينيات، التي ترشد سياساتها الخارجيّة، ومفادها: «أخفِ قوَّتَك (أو مقدرتَك)، واعملْ على كسب الوقت». والصين تنشط في أفريقيا (وقد أعلنت الأسبوع الماضي عن مدّ قرض بقيمة عشرة مليارات دولار لدول أفريقيّة)، وفي أميركا اللاتينيّة، ولكن من دون ضجيج ولا دعاية، على طريقة الولايات المتحدة عندما تتبرّع بخمسين دولاراً أو أكثر قليلاً لقرية في لبنان. لكنها غائبة عن الشرق الأوسط، وذلك لرغبتها في عدم إثارة شكوك أو اعتراضات أميركيّة. (طبعاً، هناك وجود اقتصادي صيني ينمو في منطقتنا، من السودان إلى أفغانستان حيث تخشى المصادر الغربيّة انسحاب القوات الأميركيّة يوماً ما، وبقاء الشركات الصينيّة لقطف الثمار). (وحده، وزير الخارجيّة الليبي، موسى كوسى، هاجم الوجود الصيني في أفريقيا ووصفه في حديث مع جريدة الأمير سلمان («الشرق الأوسط») بـ«شبه الاحتلال». لكن هذا يُسجّل من باب إسعاد «الراعي الأميركي»، وخصوصاً أن التوريث الليبي، مثله مثل التوريث المصري، جارٍ على قدم وساق). أما الصراع الإقليمي في منطقتنا فهو متعدّد الطرف. (تحتاج إسرائيل لنقاش منفصل، لهذا فالحديث هنا لن يتطرّق إلى دورها). والقصف السعودي الجوّي على مناطق في شمال اليمن يعيدنا بالذاكرة إلى التدخّل السعودي في حرب اليمن، التي كانت حرباً بالواسطة بين النظاميْن المصري والسعودي، وما يمثّلان في المنطقة من تحالفات عالميّة. التدخّل الأوّل لم يؤدِ إلى فوز حلفاء النظام السعودي، لكنه أنهكَ القوات المصريّة فيما كانت إسرائيل تستعدّ لحرب أخرى. (هناك كتاب مفيد عن التدخل السعودي في اليمن للزميل غريغوري غاوز). يمكن من النظرة الأولى أن نفسّر الحرب اليمنيّة بأنها جزء من صراع المعسكريْن في المنطقة: السعودي الإيراني أو السنّي الشيعي. لكن الرئيس اليمني يبدو كمن يشعر بدنو الأجل: تصريحاته متخبّطة واتهاماته عشوائيّة. قد تكون إيران متورّطة في ثورة الحوثيّين ولكن من اللافت أن النظام اليمني يعد بتقديم دلائل على التورّط الإيراني ثم ينسى وعوده، ويعود ليعد من جديد. أما الحوثيّون فهم كانوا يتّهمون النظام السعودي بالتدخّل إلى جانب الجيش اليمني، وقد تأكّد التدخّل اليوم بالملموس، مع أن الرواية السعوديّة الرسمية تعصى على التصديق: أن الحوثيّين اجتاحوا الأراضي السعوديّة لسبب ما. لكن الحرب في اليمن هي جزء من كل: فالمنطقة تشهد مواجهات متفرّقة، ولبنان كان ولا يزال أوضح مسرح لصراعات خارجه، لكن فريق الأمير مقرن في لبنان (14 آذار)، يبالغ في نسبة كلّ ما يجري إلى مؤامرة سوريّة إيرانيّة، فيما يُقلّل الفريق المواجه (8 آذار) من حجم التدخّل السعودي (المالي والسياسي والعسكري) إلى جانب فريق الحريري. صحيح أن الولايات المتحدة لا تسمح بمنافسة قوى عالميّة لها في الشرق الأوسط. وحرب العراق كانت في جانب منها محاولة لفرض سيطرة تامّة من الولايات المتحدة. لم تكن الولايات المتحدة في وارد حصر اجتياحها العسكري بالعراق وحده: كانت خطّة المحافظين الجدد تتوقّع أن يتهاوى النظامان السوري والإيراني إثر تحقيق نصر محتوم وباهر في العراق. والولايات المتحدة كانت تستعين بالحلفاء العرب لمساعدتها في تحقيق أهدافها، وخصوصاً في لبنان وفلسطين. أما في العراق، فإن حسابات الأنظمة العربيّة لم تتطابق مع حسابات الولايات المتحدة التي لم تعترض على التناغم مع إيران هناك بسبب اعتمادها في سياساتها الاحتلاليّة على فصائل وميليشيات شيعيّة طائفيّة (تسترشد بفتاوى السيستاني) وهي متحالفة مع إيران. أما الأنظمة العربيّة الموالية لأميركا فكانت تدعم فصائل مختلفة (طائفيّاً وسياسيّاً). والطريف أن مؤيّدي النظام الإيراني في الشرق الأوسط ينفون تهمة ضلوع إيران بمحاولة نشر النفوذ والهيمنة، فيما ينفي مؤيّدو النظام السعودي، ومن لفّ لفّه، ضلوع النظام السعودي في محاولة نشر النفوذ أو الهيمنة. يمكن عزل طبائع الدوريْن الإيراني والسعودي. لا شك بأن النظام السعودي يتمتّع بجملة من عناصر القوّة: النفوذ المالي، غياب المُنافس العربي الإقليمي، قرب الحليف الأميركي في «الحارة» العربيّة، سقوط نظام صدّام حسين، بالإضافة إلى البروز كحامي السنّة في عصر الفتنة المذهبيّة التي صنعتها السعودية وأجّجتها وأطلقتها بالتوافق مع أميركا وإسرائيل، للتخفيف من حدّة العداء الشعبي العربي ضد إسرائيل. وكانت هذه أكبر خدمة أدّتها السعوديّة لإسرائيل والقوى الصهيونيّة في أميركا، وكانت الثمن الذي دفعته العائلة المالكة لكسب الصفح الأميركي بعد 11 أيلول. لكن النظام السعودي يعاني عناصر ضعف بنيويّة كقوة إقليميّة. فمهما أطنب حازم صاغيّة ورفاقه في الأبواق المختلفة لأمراء النفط في تعيير النظام الإيراني (وقد توقّفوا بأمر أميري عن هجاء النظام السوري فجأة، كما أن بعض الأقلام الأميريّة تكتب مدائح للنظام السوري اليوم)، فإن النظام السعودي كنموذج للحكم لا يمكن أن يُروّج له كنظام مُحتذى. لا يُمكن النظام السعودي أن يرتقي في المنافسة الإقليميّة من حيث طبيعة النظام أو مستوى الحريّات أو التقدّم الاجتماعي. لهذا، فإن الأبواق السعوديّة تبدو مرتبكة وهي تولول لأنباء تزوير في الانتخابات الإيرانيّة، في الوقت الذي تروّج فيه لنظام لم يقبل حتى بمبدأ الانتخابات بعد. والأبواق تلك تعيّر النظام الإيراني في مسألة قمع النساء والأقليّات (ولا يمكن إنكار هذا القمع) فيما هي تدافع عن أقسى نظام في قمع النساء والأقليّات الدينيّة حول العالم. كيف يمكن مدّعي الليبيراليّة العربيّة (وهم وهّابيّون حتى العظم، وإن أنكروا) أن يتحدّثوا عن تعذيب المساجين في إيران، فيما أوردت الصحف السعوديّة هذا الأسبوع أن مواطناً سعوديّاً حُكم بقطع الرأس والصلب معاً؟ حساسيّاتهم الليبيراليّة لا تلاحظ تلك الأحكام والأفعال. كما أن النظام يعاني من هوّة في مواقفه: فهو استطاع من خلال مبادرة توماس فريدمان (التي تبنّاها عبد الله أميراً) أن يلمّ شمل الأنظمة العربيّة ويوحّد مواقفها في الصراع العربي الإسرائيلي، لكنه يعرف أن المبادرة لا تعبّر البتّة عن مواقف الرأي العام العربي. صحيح أن تأجيج المذهبيّة السنيّة كسب أنصاراً جدداً للنظام، في صفوف السلفيّيين وفي صفوف بعض الطبقات المتوسّطة في بلدان مثل لبنان والأردن، لكنه اضطر إلى لجم الحملة عندما وصلت إلى باب المملكة وزادت من تململ الأقليّات. كما أن الحملة صلّبت عود الطرف الآخر وزادت تماسكه، ولم يكن ذلك في الحسبان، وخصوصاً في بلد مثل لبنان حيث أنفقت مشاريع الأمير مقرن الخبيثة المليارات لتنصيب شيعة موالين للوهابيّة. قد تكون أكثر عناصر الضعف في الموقف السعودي كامنة في عدم حسم الصراع بين الإخوة في العائلة المالكة، وظهور سياسات خارجيّة غير متناسقة بين مختلف الأمراء، والملك يغنّي على ليل الأمير مقرن، شبه وحيد. أما المُنافس الخصم، النظام الإيراني، فلديه هو الآخر عناصر قوّة وعناصر ضعف. فعناصر القوّة واضحة، وأبرزها أن موقفه في الصراع العربي الإسرائيلي أقرب إلى مواقف العامّة من موقف الخصم السعودي. كما أنه يتفوّق على الخصم في أدائه الخفي والباطني (حتى لا نغوص في تعويلات استشراقيّة على التقيّة، وهي جائزة في المذاهب السنيّة أيضاً): إذ إنه، خلافاً للنظام السعودي مثلاً، لا يصرّح بالمكنونات، وخصوصاً في زمن الطائفيّة. طبعاً لا يستطيع النظام أن ينفي عن نفسه صفة الطائفيّة لأن عقيدة ولاية الفقيه تستبعد «الآخر»، شيعيّاً كان أم غير شيعي، كما أنها تستند إلى تفسير محدّد ومعيّن للمذهب الشيعي وقد فُرض فرضاً في إيران، ومن خالفه من آيات الله العظمى وجد نفسه في إقامة جبريّة. لكن النظام الإيراني تجنّب التحريض الطائفي المذهبي على الطريقة السعوديّة، وإن كانت سياساته في العراق مثل سياسات حزب الله الذي فُجع بموت عبد العزيز الحكيم، الرمز البارز من رموز الاحتلال الأميركي، تتسم بطائفيّة صارخة تجعل منه حليفاً لرموز الاحتلال فقط بسبب التعاضد الطائفي. كما أن النظام الإيراني يستفيد من حلفه مع أقوياء: في لبنان مع حزب الله، مع حماس في فلسطين، وفي العراق مع القوى الطائفيّة الموالية للاحتلال الأميركي، ويستفيد النظام أيضاً من علاقة حسنة مع تنظيمات الإخوان المسلمين المتنوّعة في المنطقة العربيّة. وحزب الله أمدّ إيران بشحنة إضافيّة من التأييد الشعبي بعد الانسحاب المُذلّ لقوات الاحتلال الإسرائيلي من معظم جنوب لبنان في 2000. وبناء السلاح النووي يمكن أن يكون عنصر قوّة هائلاً للنظام في مسعاه لبناء نفوذ إقليمي: وهذا السلاح في حال بنائه يمكن أن يجعل النظام منيعاً ضد أي تدخّل خارجي، لكن سلاحاً كهذا لا يحمي من معارضة داخليّة أو ثورة شعبيّة. (لم يحم السلاح النووي الأقليّة البيضاء في جنوب أفريقيا، وهو لن يحمي الكيان الغاصب حين تحين الساعة). لكن عناصر الضعف تنخر في عضد الموقف الإيراني حاليّاً. فالاقتصاد الإيراني ليس في أحسن أحواله مع أن الإعلام الغربي يبالغ في ذلك. كما أن الشحن المذهبي والحديث عن مشروع فارسي أو صفوي قد أثّر على السمعة الإيرانيّة. طبعاً، هناك مفارقة في محاولة النظام السعودي الذي وقف منذ ولادته في وجه كل المحاولات أو حتى التعبيرات الوحدويّة العربيّة، الاستعانة بالدعاية العروبيّة (الضبابيّة وغير المحدّدة) من أجل تقويض الموقف الإيراني الإقليمي. وسريّة القرار وستر الأهداف الإيرانيّة يساعدان في عزوها لنزعات فارسيّة أو شيعيّة (أو الاثنتين معاً، كما نقرأ في الإعلام السعودي الذي يساوي بين النزعتيْن مع أنهما مختلفتان، إن لم تكونا متناقضتيْن). كما أن النظام الإيراني يواجه حالة من تنامي المعارضة الشعبيّة، دون أن ننكر احتفاظ النظام بتأييد شعبي في أوساط الطبقات الفقيرة والفئات المُنتفعة. لكن النظام الإيراني كان يزهو أمام الأنظمة المُجاورة بانتخاباته ومجالسه التمثيليّة، على شوائبها ونواقصها. والتشكيك بإعادة انتخاب نجاد يُضعف قدرة النظام على التحرّك الإقليمي الواثق. كما أن التعبير عن القوميّة الإيرانيّة في تحرّكات المعارضة الإيرانيّة يشير إلى نزعات انعزاليّة ضاقت ذرعاً بالطموح الإقليمي للنظام، وخصوصاً في ظل انكماش اقتصادي تزيد من أزمته العقوبات الاقتصاديّة. ويكثر الحديث هذه الأيام عن دور إقليمي جديد (أو مُتجدّد) للدولة التركيّة (وحدها تركيا تستحق صفة الدولة، لا النظام أو عائلات الطوائف في لبنان). والكلام عن إمبراطوريّة عثمانيّة فيه من الخيال ومن الدعابة أكثر مما فيه من التحليل الرصين. لو اضطررنا إلى التشبيه التاريخي لقلنا إن الدور التركي تعبير عن قوميّة تركيّة ذات صفة إسلاميّة، لا عن قوميّة إسلاميّة ذات صفة تركيّة. وقد تحار تركيا في أمرها: فالرأي العام العربي (والتركي) يتعطّش لمواقف جريئة ضد إسرائيل وعدوانها، فيما تطلب سوريا من تركيا أن تحافظ على علاقة وثيقة مع الكيان الصهيوني. هذا يفسّر كيف تضعضعَ موقف كتلة عدم الانحياز التي كانت صفوفها مرصوصة ضد إسرائيل، وتحوّلت الهند من قيادة معاداة إسرائيل ومناصرة الحق الفلسطيني، إلى إقامة علاقة سريّة وعلنيّة (عسكريّة واستخباراتيّة) مع الكيان الغاصب. لكن الرأي العام التركي يضغط على حكومته لتأزيم العلاقة مع إسرائيل: والأنظمة الديموقراطيّة تستجيب لتطلّعات شعوبها، على عكس الأنظمة العربيّة. على أن تركيا لا تحاول منافسة التنافس السعودي الإيراني. تركيا تعزّز وجودها ودورها، وتُيمّم وجهها شطر الشرق بعدما خذلتها المجموعة الأوروبيّة سنة بعد سنة، وكان فاليري جيسكار ديستان صريحاً عندما أشار إلى إسلام تركيا كالعائق أمام قبولها في الاتحاد. وتركيا لا تحظى بمجموعات مُرتبطة بها في كل الشرق الأوسط، على أساس عرقي أو طائفي. لهذا، فإن الدور التركي محدود في طموحاته. هناك في الفريقيْن من يرسم خطة محكمة ومؤامرة مفصّلة ويعزوها للطرف الآخر. لكن مشاهدة الصراع الإقليمي على امتداد الأعوام الخمسة الماضية لا يوحي توازياً في التخطيط وفي رسم الأهداف والسعي نحو تحقيقها. لا شك بأن المخطّط السعودي أوضح هدفاً وأكثر إمساكاً بعناصر السياسات المتناسقة، فيما تسعى إيران، بخفر أحياناً وبازدواجيّة أحياناً أخرى، نحو اللحاق بأطراف المواجهة. أي إن إيران في موقع الدفاع أكثر مما هي في موقع الهجوم، وإن أضفت تطوّرات المنطقة وعدوان إسرائيل حيويّة واندفاعاً على السياسة الإيرانيّة. ولكن هناك مفارقة: الغائب الأكبر عن الصراع في الشرق الأوسط هو الشعب العربي نفسه.
- ابو شريك هاي الروابط الي
بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف
الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة
سوريا -
ربما كان عدم الاتفاق أقصر مسافة بين فكرين. (جبران النبي)
|
||||||
أدوات الموضوع | |
|
|