س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
|
أدوات الموضوع |
14/12/2007 | #1 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
حوارات
حوارات .. حوار مع الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم حوار مع الشاعر الفلسطيني سميح القاسم حوار مع الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي حوار مع الشاعر البحريني قاسم حداد حوار بين محمود درويش وناجي العلي حوار مع الشاعر المصري محمد عفيفي مطر حوار مع الشاعر الفلسطيني موسى حوامدة حوار مع الشاعر المصري فاروق شوشة حوار مع الروائي التركي أورهان باموك حوار مع الروائي المصري يوسف القعيد حوار مع الكاتب البرازيلي باولو كويلهو حوار مع الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر حوار مع المفكر الجزائري محمد أركون حوار مع الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو حوار مع الكاتبة نوال السعداوي حوار مع الشاعر المصري أحمد بخيت حوار مع الروائي المغربي محمد شكري حوار مع الروائي الجزائري واسيني الأعرج حوار مع الروائي المصري علاء الأسواني حوار مع الروائي السعودي عبدو الخال حوار مع الروائي المغربي محمد شكري حوار مع الروائي الجزائري الطاهر وطار حوار مع الروائي الليبي ابراهيم الكوني حوار مع الروائي المصري صنع الله ابراهيم حوار مع المفكر السعودي عبد الله القصيمي حوار مع الكاتب السعودي عبد الرحمن منيف حوار مع الكاتب المغربي الطاهر بن جلون حوار مع الكاتب السوري محمد الماغوط حوار مع الكاتب اللبناني بول شاؤول حوار مع الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة حوار مع الشاعر إريك بانكي حوار مع الشاعر الفلسطيني محمود درويش حوار مع الشاعر المصري محمد ابراهيم ابو سنة حوار مع الكاتب التونسي يوسف رزوقة حوار مع الشاعر العراقي سركون بولص حوار مع الشاعر الأميركي سام هميل حوار مع الروائي المصري جمال الغيطاني حوار مع الروائي المصري ابراهيم اصلان حوار مع الناقد الأدبي السوري عبد الله ابو هيف حوار مع الروائي الفرنسي جيل لوروا حوار مع الروائي التشيكي ميلان كونديرا حوار مع الشاعر المصري أحمد رامي حوار مع الروائي المصري نجيب محفوظ حوار مع الروائي السوري حنا مينا حوار مع الأديب اليمني عبد العزيز المقالح حوار مع الشاعر الفرنسي إيف بونفوا حوار مع الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا حوار مع الأديبة السورية غادة السمان حوار مع الأديبة السورية ليلى مقدسي حوار مع الأديب الفلسطيني عدنان كنفاني حوار مع القاص المصري محمود البدوي حوار مع القاص المصري محمود البدوي حوار مع الروائية المغربية مليكة مستظرف حوار مع الروائي المغربي محمد شكري حوار مع يوجين يونيسكو حوار مع الشيخ أحمد ياسين حوار مع بهاء طاهر حوار مع الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي حوار مع الشاعرة إباء اسماعيل حوار مع المترجم البريطاني أنطوني جوزيف كالدربانك حوار مع د . جميل حمداوي حوار مع الكاتب والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد حوار صوتي مع الشاعر صلاح عبد الصبور حوار مع الشاعر السوري نزار قباني حوار مع عبد الوهاب ميسري حوار مع الشاعر الفلسطيني محمود درويش أحمد فؤاد نجم وتميم برغوثي في حوار مفتوح حوار مع تميم البرغوثي حوار مع الشاعر العراقي عدنان الصائغ آخر تعديل butterfly يوم 05/10/2008 في 02:16. |
14/12/2007 | #2 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
حوارات
المتعة مضمونة في الحوار مع الشاعر الشعبي العربي المصري الشهير أحمد فؤاد نجم ولا يعرف محاوره من أية نقطة يبدأ. لأن أجوبته دائما تحمل حرارة الحياة وطعم الشعر والتحدي. يحكي نجم ويجيبك عن أي سؤال تطرحه أنت، وتتحمل جريدتك مسؤولية نشره. فلم يعترض، كما يفعل بعضهم، على سؤال متحجّجا أو متحرّجا، بل كان يجيب بتلقائية ساحرة عن أسئلة تنطلق من مواضيعه الشعرية الأثيرة والتي عرف بها، ورحلته الفنية الحميمة مع الشيخ إمام عيسى، وعن علاقاته بأهل الفن والسياسة، وعن شعره الذي سجنه وحرّره في الوقت ذاته، وعن " عزة " التي صارت رمزا للمرأة التي لم ينجح معها إلا شعريا، عن كل هذا تحدث نجم مشيدا بأبي الطيب المتنبي كأعظم شاعر أنجبته امرأة في هذه الدنيا...
آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 10:52. |
14/12/2007 | #3 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
* هل يستطيع المثقف العربي اليوم النجاة من السؤال السياسي؟ - من المستحيل أن ينجو المثقف العربي من السؤال السياسي، ولا أي كان ممن يعمل في المجال الفنّي والأدبي عموما، بحيث لا يوجد عمل إبداعي أو فنّي خال من السياسة. فأنت تخرج من البيت وتذهب إلى العمل وتذهب إلى المحلات لتشتري بضاعة... هذا عمل سياسي، وتعاطي لمفهوم السياسة، فالإنسان حيوان سياسي مثلما أشار عدة فلاسفة من العصر القديم أو الحديث، أي لا وجود لمثقف معزول عن السياسة، فالإنسان سياسي بطبعه وبشرط وجوده. فيما يخصني أنا لم أنج من السؤال السياسي، وأرجو أن لا أنجو منه، بل كان هو هاجس الإبداع والشعر بالنسبة لي، بل قدر الشاعر والمبدع العربي عموما أن يكون مسكونا بالسؤال السياسي، خاصة في ظل المراحل التي مرّت بها الأمّة العربية في تاريخها الحديث. * والسياسة هل يمكن أن تتخلّى عن المثقف، في ظرف ما؟ - إذا كان للمثقف حسابات، وإذا كان المثقف غير ملتزم بقضايا أمّته، وعصره، ويحصر واقعه وسعيه وراء إنجازات ذاتية، شخصية، فسرعان ما يتخلى عنه كل من يحيط به، ويجد نفسه على الهامش معزولا عن الحياة والناس، بمعنى المثقف الذي تتخلى عنه السياسة هو الذي تخلى عنها في بداية وعيه كمثقف، فإن لم يصدّق نفسه كمثقف فسوف تحسم فيه السياسة. * بأي معنى يظل كل شاعر عربي حفيد شهرزاد اللسانية، وهل يمكن للكتابة أن تتحول إلى مرادف الدفاع عن الحياة؟ - لغاية أن يرث الله الأرض ومن عليها، ما دمنا أحياء ومتواجدين بين أمّة فأنت نبتة أمة وثقافة، ستظلّ ملتزما بهذا، أن ترى الواقع وتتأمّل فيما حولك: هل هناك عدل؟ هل هناك ظلام؟ هل هناك نور؟... ستظلّ ملزما بإبداء رأيك ومرغما على قول الحقّ، أو تجد نفسك خارج الحياة، أو بالأحرى خارج حياتك. * هل الكتابة قدر يختارنا أم نختاره؟ - الحقيقة وحسب رأيي الشخصي: هي قدر يختارنا، لكن نوع الكتابة ومضمونها نحن الذين نختاره، فأنا اكتشفت أنني موهوب كشاعر دون اختياري، لكني اخترت.شاعر بماذا؟ شاعر مع من؟ وضدّ من؟ اخترت أن أكون بين الناس، اخترت كيف أمشي متوازنا بما لم أختر؟ بمعنى آخر الكتابة قدر يختارنا لنُبْتلى باختياره طوال حياتنا. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 10:53. |
14/12/2007 | #4 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
* قصائد أحمد فؤاد نجم صارت لها سلطة، ولها حراس مؤسسة بامتياز، ألا تخاف أن تتحوّل أنت نفسك إلى مؤسسة؟ - لا... لن أتحوّل إلى مؤسسة لأني بلا احتياجات، ليس لي حبّ امتلاك أي شيء، ومثلما تراني هكذا في "جلابيّة" و"شبشب" أذهب إلى أوروبا وأسافر في الوطن العربي هكذا، أنا لا أجوع مثل الناس، أنا كلّما تذكرت الأكل أشرع بالأكل، أي ليست هناك حاجة تستعبدني فأضطر إلى أن أكون مؤسسة حتى ألبّيها، فليست هناك حاجة ملحّة في حياتي ترغمني على التعامل مع المؤسسة، فما بالك بأن أتحوّل أنا إلى مؤسسة. * الكثير من الشعراء العرب تحولوا إلى مؤسسة بموجب ودونه، هل هي نهاية الشعر أم الإنسان؟ - عندما يتحوّل الشاعر إلى مؤسسة فإنه آليّا ينتهي كشاعر، فإمّا أن يكون شاعرا أو يكون مؤسسة، لأنه من المستحيل أن يوفّق بينهما، فكثيرا من الشعراء العرب فعلا تحولوا إلى مؤسسة، لكنهم انتهوا كشعراء، بل هناك من انتهى كإنسان. * هل حقّا أن الكتابة منازلة للمكبوت الفردي والجماعي؟ إن كان الأمر كذلك فأي مكبوت تفصح عنه في كتاباتك؟ - أفصح عن الظلم الذي يعاني منه شعبي وأمّتي، أفصح عن الطموح واستشراف المستقبل الأفضل، فعندما يسألونني: هل مازال لديك أمل؟ أقول: نعم، لي أمل. فعندما أطلب من مصر أن تلد مولودا جديدا فهذا ليس بجديد، فهي فعلت أكثر من مرّة في التاريخ، الكلّ يعرف أن الرجل الإغريقي والمؤرخ هيرودوت هو من نقلوا عنه العبارة الخائبة "إن مصر هبة النيل"، النيل موجود في السودان، وفي إثيوبيا أيضا، فمصر ليست "هبة النيل" مثلما قال هذا الإغريقي، إنها هبة المصريين، نعم مصر هبة المصريين، هبة الفلاح المصري. هو دور مصر الحضاري، إنّها شمعة مستقرة في قاع النهر كلّما أظلم العالم تطفو على السطح، هو دور حضاري قامت به من قبل وعبر تاريخها العريق القديم، قامت به أيضا بعد الإسلام وأثناء الإسلام، فأنا لا أطلب منها المستحيل، عندما أطلب منها أن تستيقظ وتلعب دورها الحضاري. فأنا لم أتفاءل من قبل أكثر من تفاؤلي اليوم، عندما تنتهي الأنظمة العربية وينتهي بها الأمر إلى التآكل وإلى الخنوع، إعدام صدام حسين مثلا فضيحة لهم كلّهم، وصدّام ليس صلى الله عليه وسلم، هو حاكم مستبد لكن فقط لأنه أبدى شجاعة أربع دقائق أصبح بطلا، وهو يذكرنا بعبد الناصر الذي كان له ضحايا كثر لكنّه كان شجاعا فسار في جنازته خمسة ملايين من البشر، أما السادات فقد هربوا بجنازته وأخرجوها بطريقة شبه سريّة لما سجّله من خنوع وغياب الشجاعة. * ألا يكون الفرق الوحيد بين جنازة جمال عبد الناصر وجنازة صدام حسين هو عدد المشيعين؟ - صدّام حسين استحوذ على قلوب الناس، قلوب كل العرب، وذلك الإحساس الرهيب كون أ الإعدام حصل يوم عيد الأضحى، كان بصقة في وجوههم، وهذه البصقة كانت منذ اغتصاب فلسطين وضياع لبنان ثم العراق. فليس بجديد علينا الإهانة ومحاربة مشاعرنا وتحطيم معنوياتنا، لقد تعودنا على الإهانات. * جيلكم الأدبي اكتوى بنار الشعارات والهتافات، وتآلف مع الخيبات والبطولات الوهمية، في حين أن الجيل الجديد ليس له ما يخسر على الأقل حتى الآن؟ - أنا أراهن على الشباب.. قد تسألني لماذا؟ لأن الشباب العربي من المحيط إلى الخليج ولأول مرّة في التاريخ الحديث يصل إلى التكافؤ، وفرصته خاصة في مجال الانترنت والكومبيوتر.. فأنا قلت مرة لصحيفة "النيويورك تايمز": "بعد عشرة أو عشرين سنة سيبقى أعظم عشرة عباقرة في هذا المجال، وسيبقى منهم ثلاثة عرب على الأقل". فالشباب العربي اليوم بصدد أخذ فرصته في عدة مجالات نحن حرمنا منها. * هل يمكن للشاعر أن يتخلى عن إنسانيته من منطلق الدفاع عن المصير الإنساني؟ - ليس للناس إحساس واحد بالوجود، فمثلا مكسيم غوركي يقول: "جئت إلى هذا العالم لكي أختلف معه". نحن موجودون ولا بدّ أن يكون لنا ملاحظات على هذا الوجود عبر الأحلام والأمنيات في اتجاه الأفضل. فأنا مثلا أرى أن الإنسان سيّد هذا الوجود، وأيّ قضية يعانيها أو تمسّ من سيادته إنّما هي قضيتي. الإنسان أينما كان هو قضيتي، فمثلا لا أستطيع أن أرى طفلا يتعذب وأنسى ذلك وأتجاوز، تلك هي قضيتي، وعذابه هو عذابي بل مسؤولية مشاعري وإرادتها رغما عني في التفاعل والتماهي مع هذا الطفل المعذّب.آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 10:54. |
14/12/2007 | #5 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
أدب أحمد فؤاد نجم اندمج في الجو السياسي الذي غمر مصر إبّان الثورة، الجو الذي قامت فيه الثورات والبطولات والرّجال. هل يمكن اعتباره العمل الوحيد الذي خرج من صلب التحرّك الجماهيري واندمج فيه بصورة نهائية؟
- لا.. ليس بالعمل الوحيد. هناك الكثير خرجوا من صلب الجماهير ولم يندمجوا في السياسة أو بالأحرى في السلطة. أنا انتظرت، انتظرت مع الناس، انتظرت مع الكوم الكبير إن صحّ التعبير، فاختيار الناس هو الأضمن في الانتظار معهم. هم الأبقى وهم الأشرف. - كيف ترجمت وفاءك لهذا " الكوم " البشري الذي لا نشك في أنه قد ألهمك كثيرا؟ * طبعا. فمن أين أجيء بالشعر؟ أو من أين جاء صلاح جاهين بالشعر؟ أليس من الآباء والأمهات؟ فهم الذين علّمونا، فاختلافي إلى اللهجة العامية في الوطن العربي لأنها مليئة حكما وبلاغة شبيهة بحكم وبلاغة المتنبّي. عندما أستمع إلى موّال شعبي كأنه المتنبي يغنّي ويتكلّم، مثلا هناك أغنية فلاّحية تقول كلماتها: "يا حلواني بيع الحلاوة اللّي عندك، يا حلواني عضّيتو عضّة وبانت مطرح أسناني، خرّ العسل يا جميل وشربتو بأجفاني"، صورة قد لا يستطيع المتنبي تصويرها. فأنا ابن هذه الصورة وأحيانا هي ابنتي، ابن هذه الثقافة ولي الشرف أن أكون ابن هذه الثقافة. لذا لن أخونها أبدا.. ولو خنتها فإنّي أخون نفسي.. ومزابل التاريخ مستعدّة لاستقبال من يخون ثقافته وأمّته ومن يخون نفسه. * هل أنت متفائل بمستقبل هذا الجيل، وهل تراهن عليه؟ - نعم.. جيل الانترنت أوفر حظا، وأقلّ حرمانا من جيلنا، وأنا كما ذكرت أراهن عليه كثيرا في تحمّل مسؤولية وجود أقل إهانة، وهزائم وانكسارات من وجود جيلنا، وأخذ زمام الأمور في العناية بالإنسان العربي المهموم. أنا لن أموت إلا إذا رأيت هذا الجيل يحاول إصلاح الوطن ويفرض احترام العالم لنا، حينها سأقول: سلام عليكم، إنني ذاهب. * هل راودتك ولو مرّة فكرة اغتيال نفسك؟ - لن أفكر في هذا مطلقا. فأنا إنسان أحب الحياة حبّا كبيرا. أنا أحبّ أحمد فؤاد نجم كثيرا.. ولو أستطيع فإني أريد أن أبدأ الحياة من جديد، فإني سأختار أن أكون هكذا، أختار أن أكون أحمد فؤاد نجم اليتيم، الفقير، الذي رفض الخروج من مصر ومن أحلامه ومن معانيها... الذي رفض الخروج من نفسه، ومن حبّه لمصر، وللعرب، وللإنسان، رغم ما عاناه من ظلم. كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "ما تمنيت أن أرى رجلا في الجاهلية مثل عنترة بن شداد" وكان يقول للناس: "علّموا أولادكم حديث وشعر هذا الفارس". ثم أريد أن أخبركم شيئا وهو أن أشعر شعراء العرب هم أفرس فرسانهم إن صحّ التعبير، وهي ليست صدفة فالشاعر الذي لا يفهم الفروسية ولا يمارسها ولا يكون رجل القبيلة وحاميها لن يكون شاعرا كبيرا عند قومه. والشاعر الذي لا يكون فارسا بأي طريقة وفي أي مجال فأحرى به أن ينصرف إلى شغل آخر، ينصرف إلى الزراعة أو أي شيء آخر، فالفروسية ولو في الأفكار والمعاني هي شرط الشاعرية. * هل نحن أمام عمل أدبي يرتهن بمهمّة واحدة هي مخاطبة الجماهير وإعدادها سياسيّا، وكون هذا العمل الأدبي سياسيا صرفا، هل يفقره فنيّا؟ - الحمد لله أنا لا أعاني من الفقر الفنّي في كتاباتي السياسية كما صنّفتها، بالعكس أنا يمكن أن أكون النموذج الفني بالنسبة للذي يريد العمل في السياسة والنضال، إذ لابد أن يكون هناك بعد جمالي. فقد حصل استفتاء حول شعري: هل فيه فنيات أم لا؟ لكن عندما أذهب إلى أي بلد عربي أجد الناس يحفظون شعري، والذي يسعدني ويطربني ويهبني الأمل هو أن الشباب الجديد هو الذي يحفظ شعري، فهم المستقبل وبالتالي يمكن القول إن نفاذ قصائدي عائد إلى اشتغالي عليه فنيا وأدبيا، فالقصيدةبالنسبة لي ليست خطابا سياسيا فقط بل يجب أن تتوفر على الشرط الأدبي والفني الذي يكسبها مكانة في العقول وفي القلوب أيضا، وعندما تقول "هذه قصيدة" يعني آليا فيها فن وإلاّ ما كانت لتعدّ قصيدة. * هل كتبت في وقت من الأوقات بدافع تحريض الجماهير؟ - طبعا.. مثل قصيدة "شرفت يا نكسن بابا".. كانت طلقة وصرخة لابدّ أن تخرجها في زمنها، لكن الآن عندما تعيد سماعها فإنّك تستمتع بها لأن فيها خيطا يربطك بالدم المصري. فابن البلد بذكائه ليس مغفلا كي يكتب أدبا في خضم واقع سياسي يكون خاليا من الفن، لن يستطيع أن يعيش المرحلة ولا أن يسمعه الناس إذا خرج عن الإطار الفنّي. إنه شرط تصديق الآخرين له، فالناس تميل إلى تكذيب الكلام السياسي الصّرف. * لكنك اشتهرت بأنك اقتصرت في كتابتك على المسألة الوطنية السياسية؟ - لا.. أنا لم أحصر أعمالي وكتاباتي في الوطنيات والسياسة، بل كتبت في جلّ المواضيع وكتبت بلا شرط ولا إطار. فالكتابة قبل كل شيء حريّة، فلي قصائد في العشق بل مطنبة في الغزل إلى درجة البذاءة، حتى أن أحدهم كان متعاطفا معي قال لي: أشعارك فيها بذاءة. فقلت له: بذاءة أكثر من بذاءة الواقع؟ فردّ: لا. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 10:55. |
14/12/2007 | #6 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
المرأة هل هي نجمة في سماء نجم؟
- طبعا هي في مكان عال وفي العشق خصوصا. وأنّي أحبّ المرأة جدا، فالمرأة بالنسبة لي في الحياة مثل الهواء الذي أتنفسه والسماء التي أراها، يعني لابدّ أن أتنفسها شعرا، عندما نخاطب المرأة على اعتبارها نصفنا الآخر، لابدّ أن تخاطبها برقّة وقول خال من معاني العنف والشدّة التي توجد أحيانا في الشعر الوطني. * عزّة.. لعلّها الحكاية الوحيدة التي لن تنتهي؟ - طبعا كل نسائي عزّات. فعزّة صورة كبيرة تحتوي جميع الصور، جميع النساء، هناك امرأة اسمها "جاذبيّة صدقي" وهي رسامة. وكانت هناك كاتبة قصص مصريّة.. كلهنّ عيّوش... كلهنّ جاذبية.. كلهنّ حواء. * تعني " عزّة بلبع "؟ - عندي قصائد كثيرة فيها عزات متعددة. عزّة ليست واحدة بعينها. * تعني ليست شخصا؟ - قلت لك أشخاص.. نساء متميزات، وعزّة هي النموذج أو هي المقياس وشبيهاتها كثيرات عندي. * هل يمكن القول إن الشيخ إمام رحمه الله، احتكرك فلم نعد نسمع أغاني من كلماتك بعد الشيخ؟ وهل صار الملحّنون يخافون منك بعده؟ - لا والله. فالحقيقة التي قد تغيب عن البعض هي العكس تماما. فأنا من احتكر الشيخ إمام، فهو فنان عظيم وفعل ما يعجز عنه الآخرون. الشيخ إمام كان صديق ورفيق محنة وأزمات، فقير مثلي ومظلوم مثلي و" فاهم " مثلي. إنه مظلوم مثل المتنبي بقوله "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله/ وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم". * أنا سألتك عن الشيخ إمام ولم تطل الحديث حوله؟ - الشيخ إمام أعماله تتحدث عنه ومواقفه أيضا.. * بعد الشيخ إمام لم تتعامل مع فنان آخر؟ - لا، أنت تعرف شغل المسلسلات والاستوديوهات، عمار الشريعي، ياسر عبد الرحمن، لكن العلاقة ليست حميمة كما هو الحال مع الشيخ إمام. * ماذا تعلمت من السجون، وهل تذكر سبب دخولك لأول مرة للسجن؟ - العالم سجن كبير في غياب العدل والحرية، السجن علمني أن الوطن كله سجن، السجن فيه قوانين وقيم، فيه الخطأ والصواب. في المجتمع الخارجي تموت القيم وتندلع التناقضات، في السجن أناس رافضين للواقع، متمردين، وكل واحد بأسلوبه الخاص، المثقف بأسلوبه، المدمن بأسلوبه، السارق بأسلوبه والمهرب بأسلوبه، السجن مجتمع له أصوله التي تُحترم. وبخصوص دخولي السجن لأول مرة فكانت بتهمة تزوير أوراق رسمية، كنت زمنها أشتغل في النقل الميكانيكي في العباسية وصادف أن أحببت بنت اسمها نوال وكنت أفكر في الزواج بها، وقتها لم أكن أملك شيئا، كان لي زميل في الشغل اقترح علي وضع ختم على استمارات صرف ملابس من محلات القطاع العام وزورنا هذه الأوراق. كانت المحصلة ثلاثين جنيه وكل عشرة جنيه كلفتنتي سنة، سجنت ثلاثة سنوات وكانت المرة الأولى التي سجنت بها، والمرة الأولى أيضا التي ألتقي فيها بالشيوعيين أمثال عبد الحكيم قاسم وسامي خشب وحسين شعلان. * كانت أياما سهلة وقاسية بدأت بدار الأيتام، التقيت فيها بعبد الحليم حافظ، هل انقطعت علاقتكما بعدها، خاصة أنه لم تجمعكما أعمالا فنية؟ - الفترة التي قضيتها في دار الأيتام كانت قاسية ومؤلمة، كان عبد الحليم حافظ كذلك معي، عشرة سنوات قضيناها جنبا لجنب، كنت أنام على سرير رقم 95 وهو على سرير رقم 94 كان عبد الحليم طفل منكسر وكان يعاني من مشكل في ساقيه، كانت ساقه غير مستوية، وقع له حادث منذ كان عمره ستة سنوات، وقع عليه باب فأحدث له كسر في ظهره وساقه، وحتى مغادرته للملجأ كانت بسبب حادثة أيضا وقع من فوق سطح ومن المستشفى إلى القاهرة وإلى معهد الموسيقى. في دار الأيتام كنا نغني دائما، عبد الحليم كان يغني "حياتي إنت" وأنا أغني "ما دام بتحب بتنكر ليه"، لكن عندما خرجت كان عبد الحليم بدأ يشتهر وأنا كنت بدأت أكتب، عندما ذهبت إليه تصرف وكأنه لا يعرفني أبدا، رغم أن فترة غيابنا لم تتجاوز شهر. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 10:57. |
14/12/2007 | #7 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
سنة 1967 بدأت مسيرتك السياسية والنضالية مع رفيق الدرب الشيخ إمام، وكان العمل الفني الأول المشترك بينكما عبارة عن رسالة؟
- نعم رسالة كتبتها يوم 9 يونيو 1967 وكنا نعتقد أن الجبهة المصرية لا تزال سليمة وواقفة وأن الرجال تقاتل على قناة السويس فكتبت هذه الرسالة: واه يا عبد الودود.. يا رابض على الحدود ومحافظ على النظام.. كيفك يا واد صحيح؟ عسى الله تكون مليح وراقب للأمام.. أمك هتدعي ليك وهتسلم عليك وتقول بعد السلام خليك جدع لأبوك.. ليقولوا منين جابوك ويمسَّخوا الكلام.. واه يا عبد الودود.. أقول لك وأنت خابر كل القضية عاد.. ولسه دم خيَّك ما شرباش التراب.. حِسَّك عينك تزحزح يدَّك عن الزناد.. خليك يا عبده راصد لساعة الحساب.. آن الأوان يا ولدي ما عاد إلا المعاد.. تِنفَض الشركة واصل ويمزحوا الكلاب.. إن كنت وِلد أبوك تجيب لي ثأر أخوك.. والأهل يبلغوك جميعا السلام. * كانت هزيمة عام 1967 قاسمة وقاسية وغير متوقعة خيبت كل الآمال والتوقعات، فاجعة أصابت الأمة العربية جمعاء، هزيمة عبد الناصر بكتها كل الشعوب، بكاء أحمد فؤاد نجم وسخطه صاغه شعرا؟ - الحمد لله خبَّطنا تحت بطاطنا يا محلا راجعة ضباطنا من خط النار يا أهل مصر المحمية بالحرامية الفول كثير والطعمية والبر عمار والعيشة معدن وأهي ماشية آخر آشية ما دام جنابه والحاشية بكروش وكثار هتقول لي سينا وما سيناش متدوشناش ما ستمائة أوتوبيس ماشي شاحنين أنفار إيه يعني لما يموت مليون أو كل الكون العمر أصلا مش مضمون والناس أعمار إيه يعني في العقبة جِرينا ولاَّ في سينا هي الهزيمة تنسِّينا إننا أحرار؟ إيه يعني شعب في ليل ظلم وضايع كله ده كفاية بس لما تقوله إحنا الثوار وكفاية أسيادنا البُعَدا عايشين سُعَدا بفضل ناس تملى المعدة وتقول أشعار أشعار تِمجِّد وِطمَاين حتى الخاين وإن شاء الله يخربها مداين عبد الجبار. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 10:57. |
14/12/2007 | #8 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
* قصيدة " بقرة حاحا " كانت سببا لبداية نقمة السلطة عليك في عهد عبد الناصر وسببت لكما المتاعب، أنت والشيخ إمام، لكنك إلى الآن تكن الاحترام لعبد الناصر رغم أنك كنت شيوعيا وعبد الناصر سجن الكثير من الشيوعيين، كيف توفق بين حبك لعبد الناصر وبين انتمائك للشيوعيين؟ - أحببت عبد الناصر مثلما أحب عنترة، وعشقته كعشقي للمتنبي، كانت أمي تبكيه بحزن شديد، قلت لها تبكي على من اعتقل ابنك، قالت لي يا تافه "عمود الخيمة وقع يا حمار". بخصوص الشيوعية أنا لم أكن منظما يعني لم أنخرط في التنظيمات الشيوعية، كنت ممتلئ بالأفكار الشيوعية، ثم من وقف إلى جانب عبد الناصر بعد الهزيمة أليس الاتحاد السوفييتي. عبد الناصر هو بلال الذي أذِّن والدنيا ظلام وقال: حيّ على العروبة.. بعد موته بكثير كتبت له قصيدة كنت وقتها في سوريا: السكة مفروشة تيجان الفل والنرجس والقبة صهوة فرس عليها الخضر بيبرجس والمشربية عرايس بتبكي والبُكا مشروع مين ده اللي نايم وساكت والسُكات مسموع سيدنا الحسين ولاَّ صلاح الدين ولاَّ النبي ولاَّ الإمام دستور يا حراس المقام ولاَّ الكلام بالشكل ده ممنوع أنا بأقول أنا مش ضليع في علوم الانضباط أبويا كان مسلم صحيح وكان غبي وكان يصلي على النبي عند الغضب والانبساط أبويا كان فلاح تعيس في ليلة ظلمة خلِّفوه وفي خرقة سوده لفلفوه وفي عيشة غبرة طلعوه ولصَّموه وطلسموه ودجِّنوه وجهِّزوه وجوزوه على عماه فكان مُحيَّر في هواه ما بين أمي وما بين الجاموسة وكان يخاف يقتل ناموسة وكان خجول خجول خجول لكنه كان دائما يقول أستغفر الله العظيم من باب الاحتياط أبويا طلعتوه حمار فكان طبيعي يجيبني جحش لا أعرف نبي من أجنبي ولا مين ما جاش ولا مين ما راحش موسى نبي عيسى نبي محمد نبي وكل وقت وله آذان وكل عصر وله نبي وإحنا نبينا كده من ضلعنا نابت لا من سَماهم وقع ولا من نارها شابت ولا انخسف له القمر ولا النجوم غابت أبوه صعيدي وفهم قام طلعه ضابط ضبط على قدِّنا وعلى المزاج ضابط فاجومي من جنسنا ما لوش مرا سابت فلاح قليل الحيا إذا الكلاب عابت ولا يطاطيش للعِدا مهما السهام صابت عمل حاجات معجزة وحاجات كثير خابت وعاش ومات وسطنا على طبعنا ثابت وإن كان جرح قلبنا كل الجراح طابت ولا يطلوه العِدا مهما الأمور جابت. * سُجنت في عهد عبد الناصر وأيضا في عهد أنور السادات الذي كان رجل العبور قبل أن يقتله عبوره نحو الكنيست الإسرائيلي؟ - السادات كان صاحب مشاكل كثيرة، ويتكلم كثيرا، ويكذب أكثر. عندما كتبت القصيدة لم أذكر اسمه فيها لكني سجنت بسببها سنة كاملة: هنا شقلبان محطة إذاعة حلاوة زمان من القاهرة ومن كردفان وسائر بلاد العرب واليابان ومن فنزويلا وكان من إيران ومن أي دار أو بلد مستباحة للسياحة مع الأمريكان هنا شقلبان محطة إذاعة حلاوة زمان نقدم إليكم بكل اللغات مسارح وسيما وجميع الفنون صحافة ومنابر وتلفزيونات وخطباء في جوامع وجبنة وزتون ودائما نلعلع في كل الحالات ولا حد سامع ولا يحزنون وتسمع ما تسمع ده ما يهمناش لأن إحنا أصلا بناكل بلاش فخليك في نفسك وما تخليناش نسلط عليك القلم واللسان هنا شقلبان محطة إذاعة حلاوة زمان يَسُر الإذاعة وما يُسركوش بهذه المناسبة وما بندعيكوش نقدم إليكم ولا تقرفوش شحاته المعسل بدون رتوش شبندر سماسرة بلاد العمار معمر جراسن للعب القمار وخارب مزارع وتاجر خضار وعقبال أملتك أمير الجيوش ما تقدرش تنكر تقول ما أعرفوش ما تقدرش أيضا تقول ما أسمعوش شحاته المعسل حبيب القلوب يزيل البقع أو الهموم والكروب يأنفد يبلبع حبوب ويفضل يهلفط ولا تفهموش. * رجاء النقاش، يقول أنا أحب شعر أحمد فؤاد نجم ولكني لم أعد أحب شخصه لأنه يعض كل من وقف إلى جانبه؟ - لا.. أراد تسليمنا للسلطات.. أراد تسليمنا.. فأنا لن أنسى مشهد الشاعر العظيم الراحل محمود حسن إسماعيل عندما ذهبنا إلى مكتبه، عند خروجنا مسك رجاء النقاش من يده وقال له: يا أستاذ رجاء ناشدتك الله هذا شاعر.. ناشدتك الله هذا شاعر.. ناشدتك الله هذا شاعر، قالها ثلاث مرات، أنا لم أفهمها حينها، لأن رجاء النقاش كان في التنظيم الطليعي. بعدها مباشرة قبضوا علينا، عدلي رزق الله يقول له: قبضوا على الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، قال له: لا هذه قضية أخلاقية.آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:01. |
14/12/2007 | #9 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
هل كتبت ممنوع من السفر لأنهم فعلا منعوك منه، أم هي حكاية أخرى؟
- نعم.. منعنا من السفر وصلتنا دعوة من وزير الثقافة الفرنسي جاك لونغ أنا وإمام، في المطار قالوا لنا أنتم ممنوعين من السفر، قلت له من الذي منعنا؟ قال لي المدعي العام الاشتراكي. أذكر جواب إمام لما قال لهم: "غريبة إحنا المفروض اللي يمنعنا المدعي العام الرأسمالي "؟. فكتبت: ممنوع من السفر ممنوع من الغناء ممنوع من الكلام ممنوع من الاستياء ممنوع من الابتسام.. وكل يوم في حبِّك تزيد الممنوعات وكل يوم بأحبك أكثر من اللي فات.. حبيبتي يا مدينة.. حبيبتي يا سفينة متشوقة وحزينة.. متشوقة وسجينة.. مخبر في كل عقدة..عسكر في كل ميناء يمنعني لو أغيب عليك أو أطير إليكِ وأستجير بحضنكِ أو أنام في حجرك الوسيع وقلبكِ الرضيع أعود كما الرضيع بحرقة الفطام.. حبيبتي يا مدينة متزوقة وحزينة في كل حارة حسرة وفي كل قصر زينة.. ممنوع من إني أصبح بعشقكِ أو أبات.. ممنوع من المناقشة ممنوع من السكات.. وكل يوم في حبك تزيد الممنوعات وكل يوم بأحبك أكثر من اللي فات.. * يقال أن خلافا حدث بينك وبين الشيخ إمام، في فترة من الفترات، هل هذا صحيح؟ - نعم.. نعم صحيح.. حين كنا في باريس بدا يتصرف على أساس إنه عبد الوهاب، قلت له لا أنت جزمتك بعبد الوهاب، لكن وأنت هكذا، لكن عندما ترجع عند عبد الوهاب في حيه، لن تكون شيئا، بعدها قال لي: هل هو جواز نصارى؟ قلت له لا أبدا، قال لي لا أنا أريد أن أستريح، قلت له حقك يا حبيبي، لكن إياك يا إمام تسعى لمهاجمة تجربتنا، وفي باريس عمل على شتمي وإهانتي بطريقة سيئة، قال عني أنه لا يعرف شخصا بهذا الاسم، عرضوا علي الكثير من الشعراء قصائدهم وقد يكون هو من ضمنهم، أنا لا أعرف شخصا اسمه أحمد فؤاد نجم، انظر إلى أين أوصلوه، هو كان رجل طيب. * من كان السبب؟ - اتصل بي ياسر عرفات في باريس من تونس، وقال لي: لماذا لا تستجموا عندي قليلا؟ قلت له: لا.. لم نسافر للاستجمام يا أبو عمار هذه فرصنا لنشتغل، فقال لي: وأنا أليس لي حق فيكم، قلت له: لك حق لكن يا أبو عمار من خمسة وعشرين سنة وأنت تزور مصر في ضيافة وزير الداخلية، الذي كان معتقلنا، لما لم تسأله عن هذا الحق؟ وفي الأخير خاطبني كرئيس وقال: أفهم من هذا أنك ترفض دعوتي؟ قلت له: افهمها كما تريد بالسلامة. بعدها كنا في الفندق وعندما أفقت لم أجد الشيخ إمام، قالوا لي سافر إلى تونس، وأنت أيضا انتهت إقامتك.. أنقذني الكاتب الطاهر وطار وطالب وزير الإعلام الجزائري أن يساعدني، وغادرت إلى الشام. ما حدث حدث.. وجعي من إمام لأني أحبه، ليس فقط أحبه بل هو جزء مني وأنا جزء منه،كان قاسي جدا، تجربتنا ستعيش وهي موجودة بين أيدي الناس. * بعض الكتاب العرب اختاروا منافيهم، لكنّك اخترت أن تظلّ – إن صح التعبير - في منفاك الأم؟ - من موقعي أستمدّ بقائي وأهميتي وقوّتي، فما فرطت في مكاني لأسباب أعتبرها واهية، فرسالة الشعر تملي على الشاعر أن يحافظ أوّلا على مكانه، في وطنه وفاء له ولنفسه. ومنفى الوطن مهما كان أجمل من المنافي الأخرى. * لم تُتم لي رحلتك من احتكارك الموسيقي للشيخ إمام إلى زياد الرحباني الذي لحن لك مؤخرا؟ - زياد الرحباني.. أتمنّى أن أكون فعلا كذلك، فهو "حبيبي" أو ابني رغم المسافة التي بيننا وأتمنى أن يأتي إلى مصر ويبقى معي سنة "حنكسّر الدنيا". * زياد الرحباني قال:أحمد فؤاد نجم أبي؟ - نعم هو قال هكذا، لكن أبوتي مؤلمة بعض الشيء، خاصة في زمن كهذا. والمرأة التي ولدته هي السيدة فيروز وهي ستّ الكلّ، يحبّها كل الرجال. * أحمد فؤاد نجم.. هل يؤمن بشاعرية جيله؟ - طبيعي جدّا، فلست أنا الوحيد، فحتى ذلك الذي يبيع شعره ويبيع موهبته أو يؤجرها لا يعني أنه ليس بشاعر. هل تستطيع أن تقول مثلا إن عبد الرحمن الأبنودي ليس شاعرا، إنه شاعر كبير، لكنه سلك طريقا أخرى اختارها أو فرضت عليه. * من مثلا من هذه الأسماء؟ - ذكرت لك عبد الرحمن الأبنودي. ولا أريد ذكر المزيد، تفاديا للمشاكل وغضب البعض، خاصة الأحياء منهم. المهم أقول للأجيال الجديدة والموهوبين منهم: موهبتكم أمانة عندكم وليس من حقكم بيعها فهي ملك الناس وليست ملكا لكم، فالشاعر الحقيقي لا يملك نفسه مائة بالمائة. * هل حدث أن تعثرت أو تلعثمت في سيرك العاطفي؟ - لا فأنا كثير الحديث ومحبّ للكلام وحاذق له، فكيف أتعثر أو أتلعثم. وفرضا أني تعثرت فلا أشعر بالخوف فليس لي ما أخاف عليه. * يعني ليس لك ذكرى عاطفية فاشلة؟ - قد تستغرب عندما أخبرك أن كل تجاربي العاطفية فاشلة. وهذا قدر الشعراء، فأغلبهم تجاربهم العاطفية فاشلة لأنهم فقط شعراء. أي لهم فائض من العواطف يساوي فائض المواقف. * المرأة هل تستهلكها أم تستلهمها؟ - أستلهمها طبعا، فالمرأة من النعم الجميلة والمقدسة. الأم مثلا هل تستهلكها؟ وهي أكبر نعمة في هذا الوجود، سواء عند البشر أو عند القطط أو عند الكلاب. * اعترفت بأن كل تجاربك العاطفية فاشلة، أي تجربة تتصور أنك خسرتها في يوم من الأيام؟ - كل التجارب خسرتها، خسرت كل النساء. * هل تفرح بخسارة النساء وربح الشعر؟ - لا يفرح الإنسان بالخسارة، لكن ما باليد حيلة. وذلك هو الجزء الأهم من عذاب الشاعر في الأرض. فهو مجبول بالخسارة، بل أحيانا تشكل الخسارة نمط حياته، حتى أنه يتعود على ذلك فيصاب بالصدمة إذا ما حقق ربحا من كثرة ما لا يعرفه. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:05. |
14/12/2007 | #10 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
هل ثمة أوطان قادرة على تغيير حياة الكاتب للأبد؟
- الأوطان لا تغير حياة الكتّاب، فالكاتب وحده المسؤول عن تغيير حياته أو حتى تغيير حياة الآخرين. وطني لا يجعلني أغير حياتي بل أنا وحدي من أقرّر تغيير حياتي، والشاعر الحقيقي هو الذي يملك قرار مصيره ومسيره. * الثقة بالذات هل هي ضرورية لهذا الحد؟ - نعم لا بد للكاتب أن يثق بذاته حين يشتغل على أدبه. إن ما يقدمه للناس من إبداع هو الذي يمكن أن يغير حياته. فالكاتب الذي لا يملك ثقته بنفسه هو عديم الموهبة من الأصل، والكاتب الذي لا يستطيع أن يملك قرار تغيير حياته كيف يملك قرار تغيير حياة الناس بأدبه. * هل ثمة كتب قادرة على تغيير حياة الكاتب؟ أي كتاب قرأته غيّر حياتك أو جزء منها؟ - نعم هناك كتب وأدباء وفنون تغيّر حياة الكاتب. فأنا عندما قرأت رواية "الأم" لمكسيم غوركي أحسست أنني "بني آدم"، ثم كذلك عندما قرأت بيرم التونسي وعندما تطلعت إلى رسوم حجازي. العظماء في الفن والأدب والعلم أحيانا هم من يغيّروا الكاتب. * ما هي أكثر محطّة أثارتك في حياتك واستفزّتك بشكل مباشر؟ - هزيمة يونيو1967 تلك الهزيمة المهينة. إنها هزيمة مرّة. فقد كنّا محلّقين في السماء ملتفين حول قائدنا ولكن فجعنا بالهزيمة وأثرت فيّ كثيرا مثلما أثّرت في جميع المصريين وعموم العرب... في لحظات ضاع كل شيء ومنينا بهزيمة نكراء. * هل يحتاج الكاتب إلى تبادل الأدوار - في وقت من الأوقات - إلى تبادل الأدوار مع الحرية، المفترضة في أوطاننا لإنشاء الكون الشعري؟ - مرة صرّحت في التلفزة الفرنسية: أنتم عندكم كثير من الحرية فأعطونا قليلا، فنحن لا نعرفها وليس لنا منها ولو ذرّة، فيظهر نجيب محفوظ ويظهر محمود درويش ويظهر عندنا شعراء وكتاب عظام، فلماذا لا تعيرونا قليلا من الحرية؟ * هل يمكن أن نراهن على بطل عربي من جنس الأدب؟ - هذا هو الذي يجب أن يكون في الواقع لا أن نستشرفه عبر الأحلام الوردية والأمنيات السريالية. يمكن أن تتعثّر ولادته لكن الجيل القادم سيخلق ويبدع هذا النص البطل، فالمراهنة الآن على الشباب مستقبل هذه الأمة والظروف سانحة له ليتحمّل هذه المسؤولية. * هل تعتقد في وجود قطيعة بين الجيل السابق والجيل اللاحق؟ - هكذا دائما، وأنا أحمّل الجيل السابق المسؤولية. فعندما يصرح الجيل الجديد بأن الجيل الذي سبقه لا يعجبه، فهو محقّ لأن الجيل السابق لم يحتضنه كما يجب ولم يحنُ عليه. نحن في قطيعة أو نعيش قطيعة الأجيال، فالمبدعون العرب لم يتواصلوا زمنيا ومرحليا كما يجب، فالأجيال تعاني من التباعد فيما بينها. * في بدايتك من أخذ بيدك؟ - بالنسبة لي أخذت بيد نفسي. فقط تأثير ما قرأت وتأثير اهتماماتي وشواغلي هو الذي صنعني. * أليس ثمة شاعر احتضنك شخصيا؟ -لم يحتضني أحد فرائحتي كانت كريهة تمنع أيا كان من الاقتراب مني وتحيتي من بعيد بحذر، وذلك نتيجة اختياراتي وميولاتي التي لا تروق لهم، " رحتي وحشه ". * تجربتك التلفزية الأخيرة كيف كان أثرها على الناس؟ وكيف تعاملت معها؟ - تقصد البرنامج الذي أقدمه في قناة "دريم"، فهو الشغل الموازي للتلفزة. نحن نمتلك أداة لنتكلم على سيد درويش وطلعت حرب بكل بساطة حيث لا يحسّ الناس بأن هناك جدارا بينك وبينهم لأنّك بكلّ بساطة أنت معه آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:06. |
14/12/2007 | #11 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
أحمد فؤاد نجم كيف تفسر عشقك للمتنبي رغم اختلافك التام معه؟
- وأنا في التلفزة الفرنسية خلال حوار صوّروه في 55 دقيقة، وهذا كثير على أي ضيف، سألني المذيع السؤال البدائي: ما رأيك في باريس؟ فقلت: بشعة. فقال بعد هذا الردّ: نسيت أن أقدّم لكم أحمد فؤاد نجم، إنّه هجّاء العرب المعاصر. فقلت له: شكرا، لأنّك رفعتني إلى الأعلى فأنا مثل جرير أو المتنبي، طبعا لا. فقال لي: أنت تهجو فقط. فقلت له: أنا وصفتها فقط مثلما سألتني فقلت لك بشعة، وأنتم جعلتم من باريس سعادة للآخرين فهيا احمل معي الكاميرا وننزل إلى الشارع، فلن نجد باريسيا واحدا سعيدا، وإذا وجدت فعلا فإنك تكسب الرهان. وقلت له أيضا: إنّا لنا من الهجاء لكم ما يملأ البحار. فقال لي: من نحن؟ قلت له: أنتم لصوص الحضارة، لصوص التاريخ، لصوص الثروات الطبيعية. ثم رددت عليه أيضا بهذين البيتين: رماني الدّهر بالأرزاء حتى/ فؤادي في غشاء من نبال/ فصرت إذا أصابتني سهام/ تكسّرت النّصال على النصال. فقال: الله هذا شعرك؟ فقلت له: أنت قدمتني وقلت إن الذي يقدم هذا الرجل يجب أن يكون على قدر كبير من الثقافة الرسمية والشعبيّة. ثم قلت له: هذا المتنبي. ما وضعه عندكم؟ فقال: كل لغة فيها ثلث لغة المتنبي. فهو ربّ الشعر عندنا. * هل تعتقد أن المتنبي أفضل شاعر في التاريخ؟ - نعم. هو أشعر بني البشر على الإطلاق. أنا قرأت كل شعراء اللغات الأخرى: بابلو نيرودا، ناظم حكمت، لويس أراغون... الخ وقرأت القديم والحديث، طبعا لم أقرأ كل شيء لكن لم أجد من يضاهي المتنبي. * بعد أن سقطت كل الأقنعة لماذا تظل لغتك ممنوعة في بعض الدول العربية؟ - إحدى المذيعات سألتني: ما رأيك أنه في موسوعة "عظماء مصر" أنت لست موجودا؟ فقلت لها بوضوح: يعني أن الموسوعة ناقصة لأن أحمد فؤاد نجم ليست مهمته الشتم ثم يمضي، ومشروعي الشعري الذي أنجزته ووهبته عمري سيظل مفخرة لمن بعدي. وقد لمست هذا في أرض الواقع عند جلّ الشباب العربي أينما ذهبت، فالموسوعة إذن ناقصة ومن أعدّها ناقص. أنا بصراحة أقول إن الشعر كلّه ممنوع في الوطن العربي. الفن الحقيقي ممنوع. فنحن في زمن روبي ونانسي وشعبان عبد الرحيم، أليس هذا زمننا وواقعنا؟ أليس هؤلاء هم الرموز الآن؟ فكيف ستتكلم عن الشعر في أمة هؤلاء رموزها؟ * ما هي حجة بعض الأنظمة التي تمنعك من الدخول وقراءة الشعر؟ - يعتبرون لساني سليط وأجيد الشتم بلا سبب.. رغم أن الأسباب جلية حتى للإنسان العادي فما بالك للشاعر. * بعد ترشحك للرئاسة في مصر، وانقطاعك عن الكتابة لفترة طويلة، أعتقد أنك كتبت قصيدة بمناسبة خطبة ابن الرئيس؟ - مبروك يا عريسنا يا أبو شنة ورنة.. يا وآخذنا وراثة أطلب وأتمنى.. وأخرج من جنة أدخل على جنة.. مش فارقة معانا ولا هرية بَدَنَّا ولا واجعة قلوبنا.. يا عريس الدولة أفرح وإتهنى.. ما أحناش كرهينك لكن هرشينك.. هتكمل دينك وطلع دينَّا. * في خصوص علاقتك مع دور النشر، ألا ترى أن دور النشر تستغل نجومية أحمد فؤاد نجم؟ - هم يطبعون شعري ويوزعون كتبي، هكذا بكل بساطة وأنا مرتاح. هذا الشعر أليس هو الذي بسببه دخلت السجون، وكان أي واحد يضبطونه ومعه قصيدتي كانوا يسجنونه. فمن ينشر شعري أشكره ولو أملك مالا لأعطيته. * يعني لا تخالف في حقوقك مع دور نشر؟ - أية حقوق، يكفي أن أفطر وأتغدّى وأتعشّى، أنا لا أحتاج إلى شيء آخر، ولا ينقصني شيء. * ابن جنّي كان يشرح قصائد المتنبي رغم أنه يكتب الشعر، لكنه لم يقرأه أمام المتنبي طيلة عشرين سنة؟؟ - كيف سيقرأ شعره في حضرة المتنبي، حينما يذكر شعره مثلا، فلا يجرأ على ذلك: كيف يقول بعده وهو القائل: " أنا من نظر الأعمى إلى أدبي / وأسمعت كلماتي من به صمم" وهو القائل أيضا: "وما الدّهر إلا من رواة قصائدي / إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا "، وهو القائل أيضا: " أغاية الدين أن تحفوا شواربكم / يا أمة ضحكت من جهلها الأمم". * أستاذ أحمد قصيدتك حول حسن نصر الله ألا تعتقد أنها محاولة لحطّ الرحال في أول انتصار عربي انتظرته طويلا؟ - أنا كتبت غنوة صغيرة، بس لسّه قصيدة نصر الله جوّايا ولازم تطلع. نعم شفت حسن نصر الله؟ ليه الوطن كلّوا معاديه؟ اللي عاوزين يقتلوه العرب موش اليهود. * ما رأيك في من صرّح بأنها بطولة وهمية؟ - جاسوس أو مـ.... أو حاجه كده. * جميلة بوحيرد مرة قالت لك " أنا أؤمن بالقنبلة وأنت تؤمن بالكلمة، لذلك لن نتقابل؟؟ - قلت لها أعمل معك حوارا.، قالت لي مستحيل أننا نقعد مع بعضنا، سألتها: لماذا؟ قالت لي أنت تؤمن بالقلم والورقة، وأنا أؤمن بالقنبلة، أجبتها: أنت مجنونة يا جميلة. قالت لي: وأنت مجنون، أليس كذلك؟ قلت لها: آ، كذلك. فقالت: المجد للمجانين في هذا العالم البليد. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:11. |
14/12/2007 | #12 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
حوار مع الشاعر الفلسطيني
سميح القاسم وليد الزريبي آخر تعديل butterfly يوم 05/01/2008 في 23:00. |
14/12/2007 | #13 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
- الآن، كيف ينظر سميح القاسم إلى تجربته الشعرية، إلى مسيرته الطويلة، هل ندمت على بعض الكتابات؟ هل ثمة كتب لو قُدر لك إعادة كتابتها كنت تلغيها؟
* لا أريد أن أبدو مغرورا ولا أحب الغرور.. وتعرفون أنني بعيد جدا عن سمة الغرور. لكن هناك مسألة أصرّ عليها أعتبرها من حقي الشرعي. أعتقد أني أنقذت الشعر العربي الحديث من عوامل السقوط والتقدِّم والهجانة. أعتقد أنني أجسّد الحداثة الشعرية العربية. إذا كان المقصود الشكل فهذا أمر طبيعي أنا لم أتخلّ عن العمود الكلاسيكي في أي وقت من الأوقات. كتبت قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة والكلاسيكية، الشكل لم يربكني في أي وقت من الأوقات أحب العمودي في الشعر العربي بولع أعشق الأوزان العربية وهي أجنحة حرية وليست قيود كما يدّعي بعض الجهلة الذين لا يتقنون ولا يتمكنون من العروض لا يعرفون سر العروض إذا تحولت الأوزان إلى جزء من نصك الشخصي فهي تصبح أجنحة حرية ليست قيودا على الإطلاق ولذلك أنا مع الحرية المطلقة في العملية الإبداعية ولا أسميها أصولية. 2- هل يستطيع الشاعر الفلسطيني التنصّل من السؤال السياسي؟ * لا يستطيع الشاعر الحقيقي النجاة من جميع الأسئلة، بما فيها السؤال السياسي والاقتصادي والاجتماعي. الشعراء المستنسخون من طراز النعجة "دولي" يستطيعون الاختباء وراء جينات التهجين والهرب من الحياة نارًا ونورًا، عذابًا وحُلمًا. أنا لستُ من هؤلاء كما تعلم ولن أكون منهم وأستذكر دائما قول ماركي أو أنجلس لا أذكر: " ليس لي قَفَا ثور لأديره لهموم الجماهير ". الدعوة لإخراج الشعر من السياسة وإبعاد السياسة عن الشعر، هي في صلبها دعوة سياسية رجعية قبيحة تُريد تجريد الإنسان من أحد أسلحته القوية في الدفاع عن إنسانيته ولن تجد خارج الهم الإنساني شعرا جميلا وإنسانيا. ولتهوين المسألة وتوضيحها أنا أحب النقيضين بيكاسو ودالي. لكني أحترم بيكاسو أكثر ممّا أحترم دالي. وأفضل العمل الفني العظيم بمضمون إنساني عظيم. لا أعترض على نظرية الفن للفن لكني لا أُدخل نباحها إلي بيتي. مع حرية الإبداع لكني أدافع عن الالتزام وأستحضر دائما ما كتبه نيرودا في تقديم منتخبات من أشعار صديقي الراحل الكبير رافائييل ألبرتي، في ذلك التقديم عبارة بسيطة لكنها تعني كل شيء " يخرج الشعر من السلام، كما يخرج الخبز من الطحين ". فالنضال من أجل السلام والحرية هو في عمقه نضال من أجل الشعر. وأستهجن أن يطالبني أحد بتجنب العوامل السياسية وأنا ابن أمة مذبوحة وشعب مغتصب ووطن ضائع، وأعني الوطن الصغير فلسطين، والوطن الكبير من محيطه إلى خليجه. من واجبي تدريب العبيد على الحرية. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:12. |
14/12/2007 | #14 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
ألا تعتقد أن جيلكم الشعري أقل حظا من جيل ما بعد " السلام "؟
* السؤال المطروح عادة يقول أن جيلنا أوفر حظا من الأجيال اللاحقة وهذا الكلام مرفوض.كل جيل يفرز شعراءه وكل جيل يشكل صوته وصورته. أن لا أقرّ نظرية صراع الأجيال لا في الشعر ولا في أي شيء آخر. أنا أقرّ بتواتر الأجيال، وتكامل الأجيال. الصراع يجري في كل جيل. داخل الجيل الواحد يجري صراع شرس حول الذائقة الفنية والمعنى الإبداعي. هناك معارك لم تحسم على مرور الأجيال. فكرة السّقف غير القابل للاختراق هي فكرة باطلة في رأيي. البعض يزعمون أن جيلنا شكّل سقفا غير قابل للاختراق وهذا غير صحيح. لدي قناعة أن هناك أصوات عديدة في الوطن العربي تستطيع إثبات وجودها بتقاطيعها الخاصة وملامحها الخاصة. أنا متفائل بهذا المعنى لكن أرفض محاولة تجريد أي جيل من انجازاته الخاصة والمتميزة. وأرفض الروح العدائية التي توجّه من الأجيال الجديدة للأجيال السابقة. حتى في تونس هناك من يحاول تجريد الشابي من مكانه ولا خطيئة للشابي، لم يرتكب جريمة، كان شاعرا فحسب. لم يغتصب مكان أحد، ولم يلغ مكانة أحد. وأنا لم ألغ شاعرا فلسطينيا ولم أمحُ موهبة شاعر، لا فلسطيني ولا تونسي ولا ليبي ولا مصري. فلا مبرّر للعدائية. 4- كيف يتفرّد الشاعر بصوته؟ هل للعوامل التاريخية دور؟ وكيف يصبح مختلفا؟ * أنا قادم فقط بالصدق، الصدق بالمعنى الفني والمعنى الأخلاقي بكل معنى الكلمة والصدق الفني أن يبني قصيدته على مادة تجربته ألا يستعير من الآخرين. وفي الشعر العربي ظاهرة، ظاهرة السرقات، السّطو. حدث ولا حرج. الترجمة والافتعال كلها أمور في نهاية المطاف تلغي شخصية الشاعر. الصدق بالمعنى الفني والأخلاقي واختزال التجربة، لا يوجد شاعر بدون تجربة عميقة وعريضة وطويلة، لا يمكن.. تجربة الحياة بكل ما تعنيه الحياة من خير وشر وحزن وفرح وانجاز وإحباط وحب وكراهية وغضب بدون الإيغال في الحياة بكل صورها وأشكالها لن تنتج تجربة شعرية جديرة بالبقاء ومتميزة. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:13. |
14/12/2007 | #15 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
5- في مستقبل الشعر العربي ربما بعد خمسين سنة هل تتوقع أن يتم العودة القوية أو الحنين القوي إلى القصيدة التي تعتمد نظام الشطرين أو القصيدة العمودية؟
* هي لم تمت حتى نعود إليها موجودة أنت تعرف أنها وُجدت بقوة عند الجواهري وتعرف أنها موجودة عندي أيضا بقوة وبعنفوان. أنا أرفض الادعاء بأن الرواية ستحتل مكانة الشعر وقصيدة النثر ستحتل مكان القصيدة العمودية هذه كلها افتراضات غير دقيقة وغير علمية وغير محسوبة، تستطيع قصيدة النثر أن تتعايش مع القصيدة العمودية إذا كانت هذه القصيدة حقيقية وتلك قصيدة حقيقية لا تناقض بين الأشكال، هذا التناقض مفتعل هو مستورد وهو اختراع الآن في أوروبا يعودون إلى الأشكال الكلاسيكية القديمة في بريطانيا وفرنسا وفي ألمانيا هناك عودة. كنت قبل حين دعيت إلى جامعة روما أصدروا لي مجموعة باللغة الإيطالية وأقاموا حفلا وأمسية وقرأت واخترت أن أقرأ بعض القصائد العمودية وفوجئت بشعراء إيطاليين يقولون إنهم يعودون إلى الكلاسيك الإيطالي ليس لإخلاء الحديث الإيطالي بل لرغبة التنوع والتعدد والتجدد المستمر وإذا التغى العمود الشعري بالمناسبة هذا يعني زوال التراث الشعري العربي من شعراء الجاهلية إلى المتنبي إلى الجواهري. 6- أقصد دعوة منظمة على غرار ما هو سياسي؟ * لن تنجح، لن تنجح أية دعوة منظمة لن تنجح. جامعة الدول العربية اذا اتخذت قرارا فستفشل وأية دولة ستفشل. في الثقافة وفي الإبداع لا وجود للقرار هناك قرار غربي أمريكي مع بعض التافهين الرجعيين العرب لإلغاء أمور ثقافية كثيرة لكنها لن تنجح. 7- زرت الكثير من المهرجانات الشعرية الدولية، وبطبيعة الحال أنت عربي وزرت الكثير من البلدان العربية، كيف ترى الشعر أو منزلة الشعر وجمهور الشعر العربي بالمقارنة مع الجمهور الغربي. هل تراجع هذا الفن في بلداننا خاصة ونحن أمة يقال أن الشعر هو فنها الأول؟ * قرأت لجماهير أوروبية ليس لعرب في أوروبا، بل دُعيت لأمسيات لجماهير أوروبية ولا أنسى في ستوكهولم حين سلم علي شاعر سويدي وقال " ليتني أملك في السويد جمهورا كجمهورك من السويديين ". في الوطن العربي الشعر مازال سيد الإبداع، وأعتقد أنه سيظل سيد الإبداع إلى قرون. المشكلة في العلاقة: الفضائيات، الانترنت، الفيديو.. كل هذه الأمور قلصت جمهور الشعر بدون شك. لكن هناك مشكلة أيضا في المؤسسة الثقافية ينظمون مهرجانا في عاصمة عربية ولا يضعون ميزانية للإعلان وللإعلام. الشاعر لا يحصل على الاعلان لأمسيته وهذه حالة عربية في أقطار سايس بيكو في حظائر سايس بيكو هناك ظاهرة مرضية التخلي عن الكرامة القومية والسياسية والثقافية. هناك سقوط ثقافي وأنا قلتها في تونس وفي مصر وفي كل مكان أقولها الثقافة خندقنا الأخير كعرب إذا سقط هذا الخندق " كفّك على الضيعة " كما يقال في لبنان. سنتحول إلى ما يشبه أمريكا اللاتينية تلتغي الأمة العربية لنتحول إلى توانسة وليبيين وفلسطينيين ومصريين وعراقيين إلى آخره من بذاءات سايس بيكو، وحراس سايس بيكو معنيون بهذه التجزئة، معنيون بالقضاء على الخندق الثقافي. السؤال هو هل نسمح لهم بذلك أم لا. أنا لا أسمح بذلك، لا أسمح للجامعة العربية مجتمعة بخلخلة الروح القومية العربية الحضارية الراقية في الوطن العربي. مادمت على قيد الحياة أحارب من أجل الدفاع عن كرامتي وعن ثقافتي وعن قصيدتي وعن قصيدتك وعن قصيدته، دفاعا عن وجودنا. لكن القول بزوال الشعر وانتهاء زمن الشعر كلام فارغ يجوز هذا القول في أمريكا اللاتينية. الرواية في أمريكا اللاتينية تفوقت. أصبحت ديوان شعوب أمريكا اللاتينية. لأنهم قدموا نماذج روائية رائعة ومذهلة، قدموا كبار الروائيين في العالم. ما هي رواياتنا؟ الرواية العربية ما زالت محاولة خجولة لأن تكون رواية بالمعنى التقني للرواية.رواياتنا محاولة تجريب، بحث عن شكل روائي. ادعائنا وغرورنا شيء غير معقول كأن عندنا روائيين بحجم روائيي أمريكا اللاتينية وأوروبا. اليابان عندها روائيين أهم من الروائيين العرب والصين واليونان. من هم الروائيون العرب العظام الذين يلغون الشعر، لا يوجد. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:13. |
14/12/2007 | #16 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
- وماذا ينقص شعرنا ليصبح عالميا؟
* هو عالمي. شعرنا عالمي. 9- ومؤثر؟؟ * ومؤثر أيضا. ماذا يعني مؤثر هل بمعنى نغير قرارات الأمم المتحدة.. هو عالمي ومؤثر. 10- ارتبط حضوركم الشعري في قلوب الجماهير العربية بحضور القضية الفلسطينية، الآن بدأت القضية تنطفئ نوعا ما داخل صدور هذه الجماهير. فمثلا ألا تخاف من زوال مملكتكم الشعرية؟ * ( يضحك ) أخي حضورنا نتشرف ( اسمح لي أتكلم باسمي الشخصي ) أنا أتشرف بأنني قدمت المعادل الشعري للقضية الفلسطينية أتشرف وأعتز بذلك. لكن أرفض الادعاء بأن حضوري الشعري هو لكوني فلسطينيا فقط بسبب القضية. هذا ادعاء باطل أنا موجود في سوريا بقصيدتي، وموجود في تونس بقصيدتي. لو قرأت لكم قصائدي من دون فلسطين وانفض الجمهور من حولي ستكون نظريتك على حق. في تونس يحبون قصيدتي ولا يحبون فلسطين بسببي، ولا يحبونني بسبب فلسطين، يحبون قصيدتي. أنا قرأت في تونس في مسائل ذاتية ومسائل شخصية أكثر مما قرأت عن فلسطين. 11- في فلسطين انطلق صوتكم منذ كتاب الراحل غسان كنفاني، ومنذ اختراق القصيدة، قصيدة سميح ومحمود وسالم جبران ومعين بسيسو وتوفيق زياد خارج الأسر الإسرائيلي، وبعد ذلك نمى جيل شعري فلسطيني بعدكم تحديدا، وهذا الجيل يحسّ بالغبن فكأنّ هذه الأصوات التي سبقته تعترض تقدّمه وتعيق وصوله وتشل خطاه فكيف ترى ذلك؟ * هذا ظلم غير مبرر. كتب في القضية الفلسطينية ربما عشرين ألف شاعر عربي وخمسين ألف شاعر أجنبي. حضور أو بروز أو بقاء بضعة أسماء لا يضير هذه الأسماء. يبدو أن هذه الأسماء أضافت للقصيدة شيئا ليس فقط الموضوع، ليس فقط فلسطين. هناك شعر كثير عن فلسطين مضمونه حق، موقفه صحيح لكنه ليس شعرا، ليس كل ما يكتب في فلسطين وفي الانتفاضة وفي الحرية وفي هذه المواضيع هو شعر جيد. يجب أن نكون منصفين. 12- بتعبير آخر، أدرك أنك ساعدت بعض الشعراء الشباب؟ * أنا ساعدت الجميع من كان قبلي ومن معي ومن بعدي. 13- وكيف كان ردّ فعلهم؟ * أنا لا أنتظر ردود الأفعال، أنا قدمت دراسة مثلا مطالع من أنطولوجيا الشعر الفلسطيني في ألف عام. اشتغلت على هذا الكتاب أكثر من سنة، وقدمت هذا الكتاب وطبع. من ألف سنة من كشاجم الرملي حتى راشد حسين. أرهقت نفسي كثيرا، هو ليس مجانيا لكنني أرهقت نفسي وأصدرت هذا الكتاب. أيضا أصدرت كتابا آخر باسم "الراحلون" لعدد من الشعراء السابقين الذين سبقوا جيلي وقدمت في مهرجانات في دول عربية وفي مهرجانات في العالم عشرات الشعراء والمبدعين والفنانين والرسامين والراقصات والمغنين قدمتهم للعالم من خلال الدعوات الشخصية الموجهة إلي. لم أقصر في هذا المجال وأرفض الظلم كأننا خلقنا سقفا غير قابل للاختراق، لا سقوف في الشعر، لا يوجد سقف غير قابل للاختراق في الشعر. تريدونني أن أتخلى عن تواضعي أنا اخترقت سقف المتنبي وأبو العلاء المعري بقصيدتي. غير صحيح أن هناك سقوف غير قابلة للاختراق.. المعري والمتنبي مع كل احترامي تجاوزناهم في أمور كثيرة، هذا لا يلغي مجدهم وعظمتهم لكنه لا ينبغي أن يلغي انجازنا ودورنا. لا سقوف في الشعر، لا مستحيلات، لا عوائق. أنا ضد العداء، ضد التجني، ضدّ العدائية بين الأجيال أنا مع التكامل كل تجربة تضيف إلى أختها، إلى ما سبقها وإلى ما يليها أيضا. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:14. |
14/12/2007 | #17 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
14- أنت معروف أو زاد الجمهور معرفة بك بعد أن غنى لك مارسيل خليفة؟
* لا أبدا. مارسيل خليفة أصبح أكبر شهرة وأعز مكانا بعد أن غنى لي. وأشهر ما غنى "منتصب القامة أمشي" هو ارتفع بها دون شك. فأنا لست بحاجة إلى مغنين لقد غنوا لي منذ 1968 و 1967 عندي أكثر من أربعين قصيدة مغناة ولا أتوكأ لا على مارسيل خليفة ولا على فيروز ولا على فريد الأطرش وأم كلثوم. القصيدة تصل، مارسيل ساعدها وساعدته، المغني يأخذ من الشعر والشعر يأخذ من المغني، هذا تعاون وليس استفادة. 15- هل تسمع الأغاني الجديدة الآن؟ * قليل جدا وأنا أحترم ذائقة كل جيل. يبدو أنني أصبحت "موضة" قديمة، يبدو أنني أصبحت "موضة قديمة" في مجال الغناء. 16- بعض الشعراء الفلسطينيين هربوا من وطنهم بتعلّة الشعر، لكني أعتقد أنكم عدتم إلى الوطن كفكرة في قصائدكم؟ * لم أهرب إلى الوطن ولم يهرب زملائي من الوطن. هي أحداث عفوية تحدث، تجري. وبقائي في الوطن ليس من أجل القصيدة لدي بيت جميل على سفح جميل في بلدة جميلة، لدي زيتونات وكروم ومقبرة أجداد ومدرسة طفولة، لدي تاريخ وذكريات وهو وطني. لا أخرج منه إلا جثة هامدة. فقط إذا قتلت أخرج من الوطن. هناك من يريد أن يبعدني عن هذا الوطن هل أقدم له مكافأة أبدا هذا وطن. 17- ثمة من الشعراء الفلسطينيين من هاموا بفكرة السفر والتنقل والإقامة في بلدان أجنبية...( يقطع حديثنا مضيفا): * يا أخي أنا سافرت وتنقلت وأقمت وغامرت وأحببت وأعرف العالم أكثر من أي كائن على وجه الأرض. أنا أعرف أوروبا أكثر من الأوروبيين، أعرفها من الداخل، من المعرفة " الجوانية ". السفر ضرورة للشعر وللفن لكن لا يتعمد أحد ذلك، أنا لا أتعمد لا أقول سأزور جنوب فرنسا أو سأزور شمال إيطاليا لا أتعمد هذا يحدث، يحدث فحسب كما تحب امرأة، يحدث فحسب هل تضع برنامجا.. في السنة سأحب ثلاث نساء.. لا يوجد برنامج لا في الشعر ولا في الحب ولا في الحياة.. لا توجد برامج، أنا لا أبرمج لشيء وليس لدي مشروع شعري. بعد أن أموت يمكن أن يتحدثوا عن مشروع شعري، مادمت على قيد الحياة ليس لدي مشروع شعري. أنا ضد مقولة المشاريع، بعد أن يموت الشاعر إما أن يكون قد حقق مشروعا أولا. 18- المنفى.. في وقت مَا أصبح "موضة" شعرية يتغنى بها الشاعر...( يقطع حديثنا مضيفا): * هذا اعتداء على الألم.. هذا الكلام إهانة للألم.. المنفى ليس موضة، المنفى حالة قصرية مؤلمة وموجعة. وإذا كان المقصود محمود درويش فهو متألم وموجع.. لا يتمتع بالمنفى، والمنفى عنده ليس موضة شعرية. في المقابل أريد أن أردّ على من يزعم أن خروج الشاعر من وطنه، أي شاعر وأي وطن يساعده على تفتيح طاقاته الفنية.. هذا كلام سخيف وتافه. لست بحاجة إلى أن أصبح مشردا حتى أبدع في شعر التشرد. الإبداع حالة ذاتية وفردية وتقوم على تجارب وعلى طاقات وعلى تراكم ثقافي ومعرفي ولست بحاجة إلى أن أشارك في الحرب الفيتنامية حتى أكتب عن فيتنام وكتبت عن فيتنام قصائد شهد لها شعراء فيتناميون. المسألة ليست بهذه البساطة.. أنا سأغادر الوطن حتى أكتب عن المنفى، ليست بهذه البساطة. آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:15. |
14/12/2007 | #18 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
19- في الجيل الذي عشت فيه، الشاعر يصعد من منابر معينة هناك كجريدة، هناك حادث، هناك منبر أدبي يصعد منه يتابعه الجمهور.كانت هناك مجلة الآداب، وقبلها الرسالة، أبولو.. مجلة شعر.. منابر كثيرة يمكن أن يندلع منها الشعراء أو ينبعون، الآن كيف تتصور الوضع مع وجود الكثير من المجلات والكثير من المنابر ومع ذلك تكاد المواهب والأسماء تكون قليلة. كيف تشخص هذه الوضعية؟
* السؤال هو حول التواصل بين الشاعر والجمهور. في أيام الجاهلية كان التواصل شفاهيا، الناس يحفظون القصيدة ويرددونها، تنتقل بالرواية، التواصل بالشفاهي، في مراحل سابقة كان النقش على الحجر تنقش قصيدة على حجر أو على الفخار كما في بلاد ما بين النهرين يُكتب الشعر على الفخار ويحفظ ويُنقل ويُنسخ، فيما بعد اكتشفوا الطباعة، حديثة. الكتابة على ورق البرد، إذن أساليب التواصل تختلف. الطباعة ليست الوسيلة الأخيرة للتواصل بين الشعر والجمهور، بين الشاعر والجمهور. أعتقد أن الانترنت سيحتل موقع الكتاب، أعتقد ذلك.. لا أحب ذلك.. لا أحب ذلك، أنا أفضل رائحة الورق والحبر وأكتب حتى الآن بالحبر الزائل، أحب حفيف ريشة القلم على الورق، لكن هذا لا يحكم العملية الإبداعية إلى الأبد. أعتقد أن الانترنت سيتحول إلى المنبر الأساسي للشعر وللفن وللغناء ولكل شيء. هكذا أرى التطور. 20- نحن نقدر فيكم هذه الذاكرة الحبرية، لكن الانترنت الآن يسمح لكاتب أن يوزع آلاف النسخ، وملايين القراء حول العالم، ثمة من يبشر بموت الكتاب الورقي وصعود الكتاب الرقمي. إذا كان الكاتب نفسه يستفيد من الانترنت لماذا ندافع عن كتاب ورقي تثبت الرّقمنة، يوميا، ألا مجال له؟ * الكتاب الورقي سيبقى للنخبة، نخبة من القراء، من المهتمين يريدون الاحتفاظ في المنزل بكتاب يعودون إليه من وقت لآخر. في هذا الشهر الفضيل أرجو ألا يساء فهمي: القرآن لا يمكن أن يتحول إلى "ديسكات" على الانترنت فقط، لا بد من كتاب في المنزل، في مكتبة البيت وأعتقد أن الحاجة إلى الكتاب المطبوع ستظل، ستستمر إلى عصور بعيدة لكن شكل التواصل الأساسي لن يكون المنبر ولن يكون الكتاب سيكون الانترنت وهذا طبعا يخلق شيئا من الفوضى فيما مضى كانت المجلة، كان المحرّر ينتقي، الآن على الانترنت لا مجال للانتقاء،كل ما شئت تستطيع أن تعمّمه، ويستطيع أن يراه الملايين ويقرأه الملايين. لست خائفا لأن الملايين ليست من الغباء بحيث تقبل كل شيء أيضا الملايين لديها ثقافتها، لديها درايتها، لديها تلقمها المعرفي وستميز بين الغث والسمين، بين الجيد والرديء، فليصل كل ما يكتبه الناس، دون رقابة، إلى ملايين البشر لكنهم سيختارون في نهاية المطاف على الانترنت أو على الكتاب المطبوع أو على الفخار أو على الحجر، سيختارون ما يستحق البقاء. 21- لكن بإمكان "جاحظ" اليوم ألا يموت تحت حزمة كتبه، بإمكانه أن يضع مكتبته الكاملة في جيبه، على CD؟ * أنا أفضل الموت تحت الكتب، على الموت ذبحا بالـCD . 22- هل صادف أن بحث سميح قاسم عن شيء ما، فعثر عن شيء آخر، تبين أنه هو ذاته الذي يبحث عنه؟ * طبعا.. هذا يحدث لي دائما. دائما.. دائما. مفاجآت الكشف، حتى أثناء كتابة القصيدة تأتيني صور ومعان تفاجئني، تفاجئني تماما. وأخرج منها بجلدي في اللحظة الأخيرة، مثلا في قصيدة " عجائب قانا الجديدة " هنا في تونس أحد الشبان قال أنا سأتشيع حماسة بحسن نصر الله وحزب الله وفي المساء وأنا أكتب هذه القصيدة استكملتها هذه القصيدة في قرطاج وأثبت ذلك في نهايتها (الرامة – قرطاج تموز2006 ) أكملتها هنا وإذا بي أضيف للقصيدة وأعلن أني تشيعت، تشيعت للسنة الظافرة، على دين حرية الصاعدين إلى مذهب الأمم الثائرة.. أخرجت نفسي من هذا المأزق التشيع والتسنن في آخر المطاف الإنسان يتشيع للحرية وللثورة. ليست قضية مذهب. أحيانا أجلس لكتابة رسالة فإذا بي أبدأ بقصيدة أو أجلس لأكتب قصيدة فإذا بي أبدأ مقالة، المفاجأة مستمرة دائما. 23- هل ثمة كتب قادرة على تغيير حياة الكاتب إلى الأبد؟ * لا.. لا كتاب ولا امرأة ولا رجل ولا شيء قادر على تغيير حياتي إلى الأبد. 24- هل ثمة أوطان قادرة على تغيير حياة الكاتب إلى الأبد؟ * أبدا.. أبدا.. لا أنا صحيح أحب الاثنين لكن أحب الوطن العربي وأحب الكرة الأرضية بالنهاية كلها، ليس عندي تعصب لإقليم ضد إقليم، الكرة الأرضية كلها وطني. 25- يقول بعضهم أن سميح القاسم استفاد شعريا من علاقته بدرويش، في حين محمود درويش لم يستفد من هذه العلاقة؟ * هذا كلام أرصفة.. وكلام سخيف. محمود أخي الأصغر وأعتقد أنه يعتز أنه استفاد مني شعرا ونثرا وسياسة وفكرا ولا أرى غضاضة في أن يستفيد الإخوة أحدهم من الآخر لكن أعتقد أن نتاج الموضوع بين أيديكم يلغي هذا الكلام الذي قالوه نقاد المائة دولار، أنا أسميهم نقاد المائة دولار، تعطيه مائة دولار يجعلك شكسبير وأهم منه. نقاد الكافتريات. ليست لديهم أية قيمة. تجربتي سابقة لتجربة أخي محمود، سابقة في الزمن وسابقة في الحضور. هو لا ينكر أنه استفاد مني بدون شك وإذا كنتم تصرون على أنني أيضا استفدت منه فلا بأس. ولا أعرف أين تترجمون في قصيدتي هذا الادعاء. إذا كنتم تريدون ذلك فليكن. وأستفيد من أي شاعر مبتدئ ومن أي شجرة، أنا أستفيد من الكون كله. قصيدتي تحمل الكون كله. 26- قصائد صارت لها سلطة وحراس مؤسسة بامتياز، ألا تخاف أن تتحول أنت نفسك إلى مؤسسة؟ * أنا قلتها أنا لست مؤسسة، أنا دولة عظمى لكنني لست عضوا في الأمم المتحدة. 27- رأيكم في قصيدة النثر؟ * القصيدة الجيدة هي قصيدة جيدة وأحبها وأحترمها. سواء كانت قصيدة نثر أو تفعيلة أو قصيدة عمودية. جئني بالشعر وسأعانقه. القصيدة التافهة بأي شكل من الأشكال لا تعنيني. تبقى تافهة. الشكل لا يقرر، الخلطة بين الشكل والمضمون والقدرة الإبداعية إما تكون قصيدة أو تكون طُرحا شعريا، غير جدير بالبقاء. 28- هل صادف أن كتبت هذا الشكل – قصيدة النثر -؟ * طبعا.. طبعا كتبت أهم قصائد النثر في الشعر العربي الحديث. 29- كيف تعاطى سميح القاسم مع ما حدث في جنوب لبنان؟ * كما لم يتعاطى أي كائن، والدليل هذا الكتاب " عجائب قانا الجديدة ". آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 11:17. |