Barleb
10/09/2007, 05:33
أولاً، شكراً جزيلاً لكم، سيادة الرئيس، لمنحنا هذه المقابلة.
إننا نقدر ذلك كثيراً.
كما تعلمون، فنحن نركز على العراق هذا الأسبوع، حيث يُنتَظر تقديم تقرير رئيسي للكونغرس الأمريكي. يقول مسؤولون أميركيون إن ثمانين بالمئة من مقاتلي القاعدة في العراق دخلوا من سورية بمعدل 60 إلى 80 شخصاً شهرياً، ماذا فعلتم للحد من هذه المشكلة؟.
هذه كلها ادعاءات زائفة. من هم هؤلاء، ما أسماؤهم، ما صلتهم بأي أشخاص سوريين؟
ينبغي أن يكون هناك تعاون في محاربة القاعدة والإرهابيين.
كل هذه الادعاءات تهدف إلى صرف الانتباه عن المشكلة الحقيقية، وهي مشكلة سياسية، ولا ترتبط بالقاعدة.
إذاً فأنتم تنكرون أن أي انتحاريين أو إرهابيين يدخلون إلى العراق عن طريق بلادكم.
هذه ليست هي القضية، لأنه لا يمكن لأي بلد في العالم أن يغلق حدوده بالكامل.
ومثال على ذلك حدودكم مع المكسيك.
لا يمكن لأي بلد أن يغلق حدوده نهائياً.
وثمة فرق بين القول ثمانين بالمئة وبين القول إن هناك بعض التهريب، وهذا طبيعي على أي حدود.
لا يمكن لأي بلد أن يتحكم بحدوده مئة بالمئة.
نحن لا نتحدث عن التهريب، سيادة الرئيس، نحن نتحدث عن إرهابيين يعبرون الحدود إلى العراق ويقتلون العديد من الأشخاص.
هذا نوع من التهريب، لأن عليهم أن يعبروا الحدود بشكل غير شرعي، لأنه لو كان لديهم بطاقات هوية مثلاً لكان بإمكانهم عبور الحدود بشكل طبيعي.
لكن ليست هذه هي القضية. ينبغي أن يكون هناك تعاون بين أجهزة الاستخبارات في البلدين.
قالوا إن هناك ثمانين بالمئة، وهذا يعني أنهم يعرفون أعدادهم ويعرفون أسماءهم ويعرفون من هم. لماذا لا يرسلون لنا هذه المعلومات؟ كي نعرف ما إذا كانوا قد عبروا حدودنا أم لا؟ لا يمكن لأحد أن يكون متأكداً من أنهم قد عبروا الحدود.
لقد أخبرني الجنرال بيترايوس بأنكم اتخذتم خطوات لضبط الحدود بشكل أكبر.
وهكذا فمن الواضح أنكم تعترفون بأن هذه مشكلة. ما الخطوات التي اتخذتموها للتغلب على هذه المشكلة؟.
هذه مشكلة قديمة عمرها ثلاثون عاماً.
عندما كان صدام حسين نائباً للرئيس في العراق، كان هناك تهريب للإرهابيين إلى سورية.
لدينا جيش على الحدود، لكننا قمنا بتعزيز قواتنا هناك وقدرتنا على ضبط الحدود. الجانب الآخر من الحكاية يتمثل فيما يقوم به هؤلاء الأشخاص.
إنهم يقتلون المدنيين وينشرون الفوضى.
ما مصلحة سورية بأن تسود الفوضى في العراق؟ الفوضى معدية، فإذا ساعدنا على انتشار الفوضى في العراق، فإننا نكون نعمل ضد مصالحنا.
وهكذا فنحن نفعل ما في وسعنا لضبط حدودنا أولاً لمصلحة سورية، وثانياً لمصلحة العراقيين، وثالثاً من أجل المنطقة. إننا نفعل كل ما نستطيع.
غير أن الحديث عن أن ثمانين بالمئة من هؤلاء يعبرون الحدود من سورية، فهذه كلمات عامة ولا تنطوي على أي أدلة ملموسة.
لقد أكدت الاستخبارات الأميركية صحة هذه المعلومات، وهكذا فأنتم تقولون إنهم مخطئون.
ينبغي عليهم أن يرسلوا لنا الأسماء حتى نتأكد من صحة ذلك.
تقولون إن الفوضى في العراق لا تخدم مصالح سورية. هل يعني هذا أنكم تدعمون عراقاً ديموقراطياً مستقراً؟
بالتأكيد، خدمة لمصالحنا أولاً.
وثانياً لمصلحة العراق، وإلا فالمنطقة بأسرها ولاحقاً العالم كله سيعاني من النتائج. في الواقع، إننا نعاني من آثار الفوضى في العراق الآن.
إذاً لماذا لا نعمل على تحقيق ذلك إذا كان يخدم مصالحنا. هذا مؤكد وهذا هو الموقف المعلن للسياسة السورية.
إذاً فأنتم تدعمون الجهود الأميركية لتأسيس الديموقراطية في العراق؟
إذا كانوا فعلاً يقومون بذلك.
إلا أنهم لا يفعلون. ليس هناك أي جهود. إنهم يتحدثون فقط عن المسائل العسكرية، وعن الجنود الذين يرسلونهم، زيادة عدد هؤلاء الجنود أو سحب بعضهم. هذا ما يتحدثون عنه.
ليس هناك أي عملية سياسية تدعمها الولايات المتحدة حتى الآن.
لكني كنت في العراق، في مقاطعة الأنبار، وكان الرئيس بوش ومسؤولوه الكبار يلتقون رئيس الوزراء المالكي وقادته الكبار في محاولة لدفع الديموقراطية إلى الأمام.
لماذا تقولون إنه ليس هناك أي عملية سياسية؟
إننا نتحدث عن النتائج. الأمور تسوء بشكل يومي، ولا شيء يسير نحو الأفضل.
أحياناً تتحسن الأمور لكن ذلك يبقى وميضاً عابراً ومؤقتاً.
نحن نتحدث عن النتائج: الفوضى تسير من سيئ إلى أسوأ، والقتل مستمر.
لقد قُتل أكثر من مليون عراقي حتى الآن. وماذا عن اليتامى والأرامل وأولئك الذين قطعت أيديهم وأرجلهم.
هناك الملايين من هؤلاء. ما الذي تحسّن؟ علينا أن نكون واقعيين. ينبغي أن نتحدث عن النتائج ولا نتحدث عن الاجتماعات التي تلتقط فيها الصور التذكارية.
دعوني أسألكم عن مطار دمشق الدولي، فهو يعتبر نقطة رئيسية لدخول الإرهابيين الذين يمضون من ثم إلى العراق. وقد تعرضتم لانتقادات شديدة، سيادة الرئيس، لأنكم لم تتخذوا الإجراءات المناسبة لمنع حدوث ذلك. لماذا لا تقومون بذلك؟ لماذا لا تضبطون مطاركم؟.
المشكلة لا علاقة لها بالمطار.
ومرة أخرى هذه ادعاءات زائفة. لقد دأبوا على إطلاق هذه الادعاءات الكاذبة طوال السنوات الأربع الماضية. في الواقع، إذا أراد الإرهابيون أن يأتوا، فليس عليهم أن يأتوا من خلال المطار.
يمكنهم عبور أي حدود وبأي طريقة من أجل الدخول إلى العراق. ليس لدينا أي دليل على أن أياً من الإرهابيين قد دخل عن طريق المطار. وإذا حدث ذلك، فإننا كنا سنلقي القبض عليهم.
لو كان لدينا أي معلومات عن دخول أي إرهابيين بشكل قانوني، كنا سنلقي القبض عليهم مباشرة.
إذاً تقولون لي إنه ليس لديكم أي أدلة أو أي معلومات بأن الإرهابيين يستعملون مطار دمشق الدولي كنقطة دخول وللعبور إلى العراق؟
لا، أنا لم أقل ذلك. كنت سأشرح أننا ألقينا القبض على العديد منهم في المطار لكن معظم هؤلاء لا يأتون من خلال المطار.
إنهم يدخلون بشكل غير شرعي عبر الحدود، وتمكنا من إلقاء القبض عليهم.
لماذا لا تطلبون تأشيرة دخول من الرجال العرب الذين يأتون إلى دمشق؟.
هذه سياسة سورية منذ عقود.
لكن إذا كان هذا يتسبب في مشكلة، فلماذا لا تغيرون هذه السياسة؟
لا، لأن معظم الإرهابيين لديهم بطاقات هوية عادية ويمكنهم أن يأتوا بشكل قانوني.
لن يعبروا الحدود بشكل غير قانوني. لديهم بطاقات هوية لكننا لا نعلم أنهم إرهابيون. كيف تعرفين أن شخصاً ما إرهابي؟ خذي مثلاً الإرهابيين الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من أيلول، كانوا يعيشون في الولايات المتحدة، لماذا لم تعتقلوهم؟
لأنكم لم تعلموا بأنهم إرهابيون.
والأمر نفسه هنا. لدينا خلايا نائمة، كما في العديد من البلدان، وثمة أشخاص يساعدونهم. فإذا طلب هؤلاء تأشيرة دخول، فإنهم سيُمنحون هذه التأشيرة. وهكذا فتأشيرة الدخول ليست هي الحل.
دعني أقرأ لك مقالة افتتاحية للسيناتور جو ليبرمان نشرت مؤخراً، ويقول فيها: «لا يمكن للرئيس السوري أن يدعي بجدية بأنه غير قادر على فرض سيطرة فعالة على المطار الرئيسي في عاصمته. سورية دولة بوليسية، تعمل فيها أجهزة أمنية واستخباراتية داخلية قوية».
«إن فكرة أن مقاتلي القاعدة يتسللون ببساطة من خلال مطار دمشق دون أن يكونوا على علم بذلك، أو دون أن يعلم آخرون بذلك، هي فكرة لا يمكن تصديقها. وهكذا فإنه حان الوقت لمطالبة النظام السوري بالتوقف عن لعب دور وكالة السفر لأعضاء القاعدة في العراق».
كل هذا هراء. العالم كله يعرف بأننا نحارب التطرف منذ ثلاثين عاماً، عندما كان قادة الولايات المتحدة يسمونهم مجاهدين.
لقد حاربناهم لعقود، ولن نكون أصدقاءهم لأي سبب من الأسباب. لكن مرة أخرى عليهم التركيز على القضية الرئيسية. والقضية الرئيسية تتمثل في الحرب على العراق، في القرارات الخاطئة وفي الادعاءات الكاذبة والتضليل والسياسات الخاطئة التي يتم تطبيقها في العراق. هذا هو السبب الحقيقي لما يجري. قال جنرالاتكم إنهم يتوقعون أن يكون عدد هؤلاء الإرهابيين بين ألف وثلاثة آلاف شخص. عدد سكان العراق 26 مليون نسمة.
كيف يمكن لألف أو ثلاثة آلاف شخص أن يثيروا كل هذه الفوضى؟ لا يمكن لأحد أن يصدق هذا. ثمة أسباب أخرى. إذاً هذه ليست القضية.
إنهم يركزون على القضايا التافهة ويلومون الآخرين، وكما قالوا ذات مرة إنهم يبحثون عن كبش فداء. هذه هي سياستهم. إنهم لا يريدون أن يعترفوا بأنهم اتخذوا القرار الخطأ.
أعتقد أن القادة العسكريين الأمريكيين سيقولون إن العدد أكبر بكثير من الرقم الذي ذكرتم.
ربما مؤخراً، لكنهم في الماضي قالوا إن العدد هو بين ألف وثلاثة آلاف شخص. ونشر ذلك في وسائل الإعلام. على أية حال، الرقم ليس مهماً، القضية مختلفة. نحن في هذه المنطقة منذ الأزل، ونحن نعرف هذه المنطقة. ليس هناك عملية سياسية في العراق. ينبغي أن نتحدث عن الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في العراق قبل الحرب وأثناءها وبعدها، وحتى اليوم.
دعنا ننظر إلى الأمام.
هل تعتقد أن على القوات الأمريكية الانسحاب من العراق؟
بالتأكيد نعم. من حيث المبدأ. لكن كيف ومتى، فهذه قضية عراقية. لا يمكننا أن نقرر ذلك في سورية.
هل تشعرون بالقلق، سيادة الرئيس، من أنه إذا انسحبت هذه القوات وبشكل متهور فإن حرباً أهلية شاملة ستندلع في كافة البلاد؟
علينا أن نأخذ بالاعتبار سياق الأحداث منذ الحرب، فلمدة أربع سنوات ونصف السنة والأمور تزداد سوءاً. وهكذا لا يمكنني القول إن القوات الأمريكية تحقق الاستقرار في العراق. هذا مؤكد. إذا انسحبت هذه القوات يوماً ما فقد تسوء الأمور. هذا محتمل. لكن هذا غير قابل للنقاش. عليهم أن ينسحبوا من حيث المبدأ.
لكن إذا ساءت الأمور فلن يكون ذلك من مصلحتكم؟
هذا ما أردت أن أقوله. القضية الرئيسية هي في العملية السياسية التي تجري بموازاة ذلك. عليهم أن يقولوا إنهم سينسحبون، وعليهم أن يضعوا جدولاً زمنياً للانسحاب. وبموازاة ذلك، يجب أن يكون هناك عملية سياسية كي لا تتفاقم الفوضى، وكي يعود الاستقرار إلى العراق. هذا يعتمد على العملية السياسية.
ألا تدعمون رئيس الوزراء المالكي؟
نحن ندعم أي رئيس وزراء يعمل من أجل بلاده. لدينا علاقات جيدة معه. لقد زار سورية قبل بضعة أسابيع وعقدنا اجتماعاً جيداً جداً. لكننا لا نتدخل في الشؤون العراقية.
هل تعتقدون أن حكومته لديها إمكانيات النجاح؟
علينا أن نسأل أولاً إذا كانت لديهم الصلاحيات، ويتمتعون بالسلطات التي تمكنهم من النجاح. هل يدعهم الأمريكيون يقومون بما عليهم أن يقوموا به؟ طبقاً لمعلوماتنا وطبقاً للعديد من المسؤولين العراقيين، فإن الحكومة لا تمتلك السلطات والصلاحيات اللازمة. الأمريكيون هم الذين يديرون كل شيء في العراق، ولذلك فلماذا يلومون الحكومة، سواء كانت حكومة المالكي أو أي شخص آخر؟
إذاً أنتم تقولون إن رئيس الوزراء دمية في يد الولايات المتحدة؟
لا، أنا لا أقول ذلك، لكنهم لا يملكون الصلاحيات الكاملة، قد يكونون قد أُعطوا صلاحيات أكثر مما كانوا يتمتعون به في السابق، لكنهم غير مسؤولين عن الفوضى. إنهم يتعاملون مع النتائج، لكنهم لم يتسببوا في إحداث الفوضى، هذا هو الفرق.
لقد زار رئيس الوزراء المالكي دمشق مؤخراً، وطلب إليكم أن تعتقلوا عدداً من الأعضاء السابقين في نظام صدام حسين، ويشاركون الآن في التمرد من سورية، حتى أنهم يحاولون إحداث انقلاب على رئيس الوزراء طبقاً لمصادر عسكرية التقيتها. هل ستعتقلون هؤلاء؟
بالطبع سنعتقل أي شخص ضالع في أية جريمة في العراق.
ما الإجراءات التي اتخذتموها للقيام بذلك؟
لدينا قانوننا، لكن تسليم أي شخص للعراق يتطلب أن يكون العراق مستقلاً، وليس محتلاً.
لماذا لا تقومون باعتقالهم في سورية؟
هذا ما نقوم به بالطبع، وهم يعرفون أننا اعتقلنا العديد منهم.
هل اعتقلتموهم؟
نعم اعتقلنا الآلاف.
وهؤلاء متمردون يعملون ضد رئيس الوزراء المالكي؟
هذا يعتمد على تعريف المتمردين. فالأمريكيون يطلقون لفظ متمرد على كل من يعمل ضدهم. نحن لدينا تعريف مختلف، لكن كل من يعمل ضد الشعب العراقي، فإننا سنقوم باعتقاله في سورية دون شك.
هل تريدون أن تروا الولايات المتحدة تنجح في العراق؟
مرة أخرى هذا يعتمد على التعريف. فالنجاح في العراق بالنسبة لنا أن يصبح العراق مستقراً. أولويتنا الآن هي استقرار العراق، ولا يهم إذا انسحبت الولايات المتحدة اليوم أو غداً. أولويتنا هي الشعب العراقي وبلادنا. وبالطبع إذا كان النجاح يعني الاستقرار السياسي فليس لدينا أية مشكلة في ذلك، لأننا ندعم أي بلد في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، كي تحقق النجاح في العراق بهذا الشأن.
هناك أكثر من مليون لاجئ عراقي يعيشون الآن في سورية. ما الأثر الذي أحدثه ذلك؟
إنه أثر كبير على الاقتصاد وعلى البنية التحتية وعلى المزاج الشعبي، وهذا طبيعي. لكن القضية ليست قضية إنسانية وحسب، إنما قضية سياسية، فدون اللاجئين لا يمكن حل المشكلة داخل العراق. فعندما نحتضنهم نفعل ذلك، ليس فقط لأسباب إنسانية، بل لأسباب سياسية أيضاً.
ماذا سيحل بهم؟
عليهم أن يعودوا إلى بلادهم يوماً ما، ولذلك علينا أن نعمل من أجل الاستقرار. إذا أصبح العراق مستقراً فإنهم سيعودون إلى بلادهم بالتأكيد. ولذلك قلت إن لنا مصلحة في عراق مستقر.
لكن هل سترحبون بهم إلى ما لا نهاية إذا لم يتحقق الاستقرار في العراق في السنوات القادمة؟
ليس إلى ما لا نهاية، لأننا سنعاني، وهم سيعانون أيضاً. لأنهم إذا أتوا إلى سورية ولم تكن سورية مستعدة لاستقبالهم، فإنهم سيعانون. ولذلك فلن يستفيدوا شيئاً من القدوم من العراق إلى سورية.
بلادكم تدعم عدداً من المجموعات المقاتلة، تقدمون لها الدعم والملاذ الآمن. والعديد من هذه المجموعات، مثل حزب الله، تعتبر مجموعات إرهابية في الولايات المتحدة، كما تعرفون. لماذا تدعمون هذه المجموعات، سيادة الرئيس؟
إننا لا نوفر ملاذاً آمناً لأحد، لديهم ملاذهم الآمن بين الشعب اللبناني. إنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع اللبناني والنسيج اللبناني، وبالتالي فدون هذا المجتمع لن يكون لهم ملاذ آمن. هذا مصدر قوتهم. أما فيما يتعلق بالدعم فهذا يعتمد على نوع الدعم. لدينا علاقات جيدة وندعمهم سياسياً لأنهم أصحاب قضية عادلة.
هل تدعمونهم مالياً؟
لا، إنهم لا يحتاجون إلى مساعدتنا مالياً، حيث يمكنهم الحصول على الكثير من الأموال من العديد من الناس في العالمين العربي والإسلامي. إنهم يتمتعون بدعم واسع في المنطقة. إننا ندعمهم لأنهم أصحاب قضية عادلة.
هل لكم أن تشرحوا لي كيف أن منظمة تعتبر منظمة إرهابية من قبل العديد من الناس، تحظى بدعمكم؟
إذا نظرت إلى الصورة فعليك رؤية الصورة بأكملها، وليس أن تأخذي جزءاً من الصورة وتقولي إن هذه هي الصورة بأكملها. والصورة هي أن إسرائيل تعتدي على لبنان بشكل يومي، وتنتهك مجاله الجوي بشكل مستمر. أليس ذلك إرهاباً؟ لقد اعتدوا على لبنان العام الماضي، وقتلوا ألفاً وأربعمئة مدني لبناني دون سبب. أليس ذلك إرهاباً؟ لا أعتقد أن علينا أن نتحدث عن هذه التصنيفات لأن هذا مضيعة للوقت. ينبغي أن نتحدث عن الواقع. هناك شعب يدعم منظمات أو حكومات أو سياسات، وعلينا أن نتعامل مع هذه السياسات والحكومات.
هل تتفقون مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بأن إسرائيل ليس لها الحق في الوجود؟
هذه حرية تعبير. لكل شخص في العالم الحرية في التعبير عما يريده. هذا مجرد تعبير. هل اتخذ أي إجراء؟ لا لم يفعل ذلك. إذاً علينا أن نتحدث عن الأفعال إذا أردنا أن نحكم على شخص ما، وإلا فإن له الحق في أن يعتقد بما يريد. لكن مرة أخرى فإن العديد من الإسرائيليين قالوا خلال السنوات القليلة الماضية بأنه يجب إزالة العرب من الوجود والعديد منهم قالوا بأن العرب أفاعٍ ويجب القضاء عليهم. الأمر نفسه، فعل ورد فعل. علينا أن نلوم إسرائيل بنفس المقدار الذي نلوم به الآخرين.
أما وقد قلتم ذلك، أعود إلى سؤالي الأصلي، هل تتفقون مع مقولة الرئيس أحمدي نجاد؟
تعلمين أننا نطالب بإجراء مفاوضات سلام - وقد أجرينا مفاوضات سلام منذ 15 عاماً - فكيف تعرّفين هذا الوضع؟ نحن نعمل من أجل السلام مع إسرائيل. وضعنا مختلف. لدينا أراض محتلة، ونحن بحاجة للسلام كي نستعيد أراضينا.
كما تعلمون فإن الولايات المتحدة وعدداً من البلدان العربية لديها مخاوف من صعود إيران، ومن قدرة ذلك البلد على تصنيع الأسلحة النووية. هل يشعركم ذلك بالقلق؟
لكل بلد في العالم الحق في الصعود، والحق في لعب دور، فيما يتعلق بتحقيق الاستقرار. وأعتقد أن إيران هامة جداً لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ودونها لا يمكن تحقيق هذا الاستقرار. أما فيما يتعلق ببرنامجها النووي، فإذا كان ذلك البرنامج سلمياً، كما قالوا عدة مرات، وطبقاً للقانون الدولي، فإن لأي بلد في العالم الحق بأن يكون لديه مفاعلات نووية سلمية، أو طاقة نووية. وهكذا فنحن لسنا قلقين من ذلك طالما أن هذا البرنامج سلمي. من ناحية أخرى فنحن ضد وجود أية أسلحة دمار شامل في الشرق الأوسط، وقد تقدمنا بمقترح للأمم المتحدة في عام 2003، وعارضت الولايات المتحدة هذا المقترح. موقفنا هو أننا ضد وجود أية أسلحة دمار شامل في الشرق الأوسط.
لماذا تسمحون لإيران بتزويد حزب الله بالأسلحة من خلال سورية. هل تشعرون بالقلق بسبب أن سياستكم قادتكم إلى العزلة وأصبح شريككم الاستراتيجي الوحيد في المنطقة هو إيران؟
هذا غير صحيح. نحن لم نسمح لإيران بتزويد حزب الله بالأسلحة والصواريخ. أين الدليل على ذلك؟ إنهم يتحدثون عن ذلك منذ سنة، وتعلمين أن هناك تحليقات إسرائيلية فوق الأراضي اللبنانية، وهناك استخبارات ربما من سائر أنحاء العالم على الحدود اللبنانية السورية، وهم يتحدثون عن ذلك. لقد قلت لهم قدموا لنا أي دليل بأننا أرسلنا صاروخاً واحداً إلى حزب الله. هذه ادعاءات زائفة.
كما تعلمون، سيتم تقديم تقرير هام إلى الكونغرس في الأسبوع القادم حول وضع الحشد الأمريكي في العراق، وحول مستقبل الولايات المتحدة في العراق. لو كان لديكم الفرصة في أن تخاطبوا الكونغرس الأمريكي فماذا كنتم ستقولون حول هذا الوضع؟
بالطبع موقفنا من الحرب معروف. نحن ضد الحرب، وقد أخبرت كل المسؤولين الأمريكيين الذين زاروا سورية بأنكم ستربحون الحرب ولكنكم ستفشلون بعد الحرب لأنكم لا تعرفون هذه المنطقة. إلا أنهم أداروا أذناً صمّاء لكل ما قلناه. لقد ارتكبوا الكثير من الأخطاء السياسية إضافة إلى الأخطاء الأمنية، والآن عليهم أن يعلنوا أنهم سينسحبون، وأن يضعوا برنامجاً زمنياً، وعليهم أن يعملوا من أجل عملية سياسية. ويجب أن تتضمن هذه العملية السياسية مؤتمراً وطنياً عراقياً، وليس مؤتمراً دولياً، وبدعم إقليمي ودولي، بما في ذلك الولايات المتحدة بالطبع. إن العمل في العراق دون مساعدة الدول الإقليمية، لن يقودهم إلى أي شيء. وهذا ما يؤمن به المسؤولون العراقيون. إنهم يؤمنون بأنهم بحاجة إلى الدول الإقليمية. الولايات المتحدة لا تعمل، حتى مع أقرب حلفائها، ولهذا فإنها لن تنجح. إذا أرادوا أن ينجحوا، فعليهم العمل مع الآخرين، ومع العراقيين في المقام الأول.
سيادة الرئيس، شكراً لكم على إتاحتكم هذه الفرصة.
أهلاً وسهلاً بكم.
إننا نقدر ذلك كثيراً.
كما تعلمون، فنحن نركز على العراق هذا الأسبوع، حيث يُنتَظر تقديم تقرير رئيسي للكونغرس الأمريكي. يقول مسؤولون أميركيون إن ثمانين بالمئة من مقاتلي القاعدة في العراق دخلوا من سورية بمعدل 60 إلى 80 شخصاً شهرياً، ماذا فعلتم للحد من هذه المشكلة؟.
هذه كلها ادعاءات زائفة. من هم هؤلاء، ما أسماؤهم، ما صلتهم بأي أشخاص سوريين؟
ينبغي أن يكون هناك تعاون في محاربة القاعدة والإرهابيين.
كل هذه الادعاءات تهدف إلى صرف الانتباه عن المشكلة الحقيقية، وهي مشكلة سياسية، ولا ترتبط بالقاعدة.
إذاً فأنتم تنكرون أن أي انتحاريين أو إرهابيين يدخلون إلى العراق عن طريق بلادكم.
هذه ليست هي القضية، لأنه لا يمكن لأي بلد في العالم أن يغلق حدوده بالكامل.
ومثال على ذلك حدودكم مع المكسيك.
لا يمكن لأي بلد أن يغلق حدوده نهائياً.
وثمة فرق بين القول ثمانين بالمئة وبين القول إن هناك بعض التهريب، وهذا طبيعي على أي حدود.
لا يمكن لأي بلد أن يتحكم بحدوده مئة بالمئة.
نحن لا نتحدث عن التهريب، سيادة الرئيس، نحن نتحدث عن إرهابيين يعبرون الحدود إلى العراق ويقتلون العديد من الأشخاص.
هذا نوع من التهريب، لأن عليهم أن يعبروا الحدود بشكل غير شرعي، لأنه لو كان لديهم بطاقات هوية مثلاً لكان بإمكانهم عبور الحدود بشكل طبيعي.
لكن ليست هذه هي القضية. ينبغي أن يكون هناك تعاون بين أجهزة الاستخبارات في البلدين.
قالوا إن هناك ثمانين بالمئة، وهذا يعني أنهم يعرفون أعدادهم ويعرفون أسماءهم ويعرفون من هم. لماذا لا يرسلون لنا هذه المعلومات؟ كي نعرف ما إذا كانوا قد عبروا حدودنا أم لا؟ لا يمكن لأحد أن يكون متأكداً من أنهم قد عبروا الحدود.
لقد أخبرني الجنرال بيترايوس بأنكم اتخذتم خطوات لضبط الحدود بشكل أكبر.
وهكذا فمن الواضح أنكم تعترفون بأن هذه مشكلة. ما الخطوات التي اتخذتموها للتغلب على هذه المشكلة؟.
هذه مشكلة قديمة عمرها ثلاثون عاماً.
عندما كان صدام حسين نائباً للرئيس في العراق، كان هناك تهريب للإرهابيين إلى سورية.
لدينا جيش على الحدود، لكننا قمنا بتعزيز قواتنا هناك وقدرتنا على ضبط الحدود. الجانب الآخر من الحكاية يتمثل فيما يقوم به هؤلاء الأشخاص.
إنهم يقتلون المدنيين وينشرون الفوضى.
ما مصلحة سورية بأن تسود الفوضى في العراق؟ الفوضى معدية، فإذا ساعدنا على انتشار الفوضى في العراق، فإننا نكون نعمل ضد مصالحنا.
وهكذا فنحن نفعل ما في وسعنا لضبط حدودنا أولاً لمصلحة سورية، وثانياً لمصلحة العراقيين، وثالثاً من أجل المنطقة. إننا نفعل كل ما نستطيع.
غير أن الحديث عن أن ثمانين بالمئة من هؤلاء يعبرون الحدود من سورية، فهذه كلمات عامة ولا تنطوي على أي أدلة ملموسة.
لقد أكدت الاستخبارات الأميركية صحة هذه المعلومات، وهكذا فأنتم تقولون إنهم مخطئون.
ينبغي عليهم أن يرسلوا لنا الأسماء حتى نتأكد من صحة ذلك.
تقولون إن الفوضى في العراق لا تخدم مصالح سورية. هل يعني هذا أنكم تدعمون عراقاً ديموقراطياً مستقراً؟
بالتأكيد، خدمة لمصالحنا أولاً.
وثانياً لمصلحة العراق، وإلا فالمنطقة بأسرها ولاحقاً العالم كله سيعاني من النتائج. في الواقع، إننا نعاني من آثار الفوضى في العراق الآن.
إذاً لماذا لا نعمل على تحقيق ذلك إذا كان يخدم مصالحنا. هذا مؤكد وهذا هو الموقف المعلن للسياسة السورية.
إذاً فأنتم تدعمون الجهود الأميركية لتأسيس الديموقراطية في العراق؟
إذا كانوا فعلاً يقومون بذلك.
إلا أنهم لا يفعلون. ليس هناك أي جهود. إنهم يتحدثون فقط عن المسائل العسكرية، وعن الجنود الذين يرسلونهم، زيادة عدد هؤلاء الجنود أو سحب بعضهم. هذا ما يتحدثون عنه.
ليس هناك أي عملية سياسية تدعمها الولايات المتحدة حتى الآن.
لكني كنت في العراق، في مقاطعة الأنبار، وكان الرئيس بوش ومسؤولوه الكبار يلتقون رئيس الوزراء المالكي وقادته الكبار في محاولة لدفع الديموقراطية إلى الأمام.
لماذا تقولون إنه ليس هناك أي عملية سياسية؟
إننا نتحدث عن النتائج. الأمور تسوء بشكل يومي، ولا شيء يسير نحو الأفضل.
أحياناً تتحسن الأمور لكن ذلك يبقى وميضاً عابراً ومؤقتاً.
نحن نتحدث عن النتائج: الفوضى تسير من سيئ إلى أسوأ، والقتل مستمر.
لقد قُتل أكثر من مليون عراقي حتى الآن. وماذا عن اليتامى والأرامل وأولئك الذين قطعت أيديهم وأرجلهم.
هناك الملايين من هؤلاء. ما الذي تحسّن؟ علينا أن نكون واقعيين. ينبغي أن نتحدث عن النتائج ولا نتحدث عن الاجتماعات التي تلتقط فيها الصور التذكارية.
دعوني أسألكم عن مطار دمشق الدولي، فهو يعتبر نقطة رئيسية لدخول الإرهابيين الذين يمضون من ثم إلى العراق. وقد تعرضتم لانتقادات شديدة، سيادة الرئيس، لأنكم لم تتخذوا الإجراءات المناسبة لمنع حدوث ذلك. لماذا لا تقومون بذلك؟ لماذا لا تضبطون مطاركم؟.
المشكلة لا علاقة لها بالمطار.
ومرة أخرى هذه ادعاءات زائفة. لقد دأبوا على إطلاق هذه الادعاءات الكاذبة طوال السنوات الأربع الماضية. في الواقع، إذا أراد الإرهابيون أن يأتوا، فليس عليهم أن يأتوا من خلال المطار.
يمكنهم عبور أي حدود وبأي طريقة من أجل الدخول إلى العراق. ليس لدينا أي دليل على أن أياً من الإرهابيين قد دخل عن طريق المطار. وإذا حدث ذلك، فإننا كنا سنلقي القبض عليهم.
لو كان لدينا أي معلومات عن دخول أي إرهابيين بشكل قانوني، كنا سنلقي القبض عليهم مباشرة.
إذاً تقولون لي إنه ليس لديكم أي أدلة أو أي معلومات بأن الإرهابيين يستعملون مطار دمشق الدولي كنقطة دخول وللعبور إلى العراق؟
لا، أنا لم أقل ذلك. كنت سأشرح أننا ألقينا القبض على العديد منهم في المطار لكن معظم هؤلاء لا يأتون من خلال المطار.
إنهم يدخلون بشكل غير شرعي عبر الحدود، وتمكنا من إلقاء القبض عليهم.
لماذا لا تطلبون تأشيرة دخول من الرجال العرب الذين يأتون إلى دمشق؟.
هذه سياسة سورية منذ عقود.
لكن إذا كان هذا يتسبب في مشكلة، فلماذا لا تغيرون هذه السياسة؟
لا، لأن معظم الإرهابيين لديهم بطاقات هوية عادية ويمكنهم أن يأتوا بشكل قانوني.
لن يعبروا الحدود بشكل غير قانوني. لديهم بطاقات هوية لكننا لا نعلم أنهم إرهابيون. كيف تعرفين أن شخصاً ما إرهابي؟ خذي مثلاً الإرهابيين الذين نفذوا هجمات الحادي عشر من أيلول، كانوا يعيشون في الولايات المتحدة، لماذا لم تعتقلوهم؟
لأنكم لم تعلموا بأنهم إرهابيون.
والأمر نفسه هنا. لدينا خلايا نائمة، كما في العديد من البلدان، وثمة أشخاص يساعدونهم. فإذا طلب هؤلاء تأشيرة دخول، فإنهم سيُمنحون هذه التأشيرة. وهكذا فتأشيرة الدخول ليست هي الحل.
دعني أقرأ لك مقالة افتتاحية للسيناتور جو ليبرمان نشرت مؤخراً، ويقول فيها: «لا يمكن للرئيس السوري أن يدعي بجدية بأنه غير قادر على فرض سيطرة فعالة على المطار الرئيسي في عاصمته. سورية دولة بوليسية، تعمل فيها أجهزة أمنية واستخباراتية داخلية قوية».
«إن فكرة أن مقاتلي القاعدة يتسللون ببساطة من خلال مطار دمشق دون أن يكونوا على علم بذلك، أو دون أن يعلم آخرون بذلك، هي فكرة لا يمكن تصديقها. وهكذا فإنه حان الوقت لمطالبة النظام السوري بالتوقف عن لعب دور وكالة السفر لأعضاء القاعدة في العراق».
كل هذا هراء. العالم كله يعرف بأننا نحارب التطرف منذ ثلاثين عاماً، عندما كان قادة الولايات المتحدة يسمونهم مجاهدين.
لقد حاربناهم لعقود، ولن نكون أصدقاءهم لأي سبب من الأسباب. لكن مرة أخرى عليهم التركيز على القضية الرئيسية. والقضية الرئيسية تتمثل في الحرب على العراق، في القرارات الخاطئة وفي الادعاءات الكاذبة والتضليل والسياسات الخاطئة التي يتم تطبيقها في العراق. هذا هو السبب الحقيقي لما يجري. قال جنرالاتكم إنهم يتوقعون أن يكون عدد هؤلاء الإرهابيين بين ألف وثلاثة آلاف شخص. عدد سكان العراق 26 مليون نسمة.
كيف يمكن لألف أو ثلاثة آلاف شخص أن يثيروا كل هذه الفوضى؟ لا يمكن لأحد أن يصدق هذا. ثمة أسباب أخرى. إذاً هذه ليست القضية.
إنهم يركزون على القضايا التافهة ويلومون الآخرين، وكما قالوا ذات مرة إنهم يبحثون عن كبش فداء. هذه هي سياستهم. إنهم لا يريدون أن يعترفوا بأنهم اتخذوا القرار الخطأ.
أعتقد أن القادة العسكريين الأمريكيين سيقولون إن العدد أكبر بكثير من الرقم الذي ذكرتم.
ربما مؤخراً، لكنهم في الماضي قالوا إن العدد هو بين ألف وثلاثة آلاف شخص. ونشر ذلك في وسائل الإعلام. على أية حال، الرقم ليس مهماً، القضية مختلفة. نحن في هذه المنطقة منذ الأزل، ونحن نعرف هذه المنطقة. ليس هناك عملية سياسية في العراق. ينبغي أن نتحدث عن الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في العراق قبل الحرب وأثناءها وبعدها، وحتى اليوم.
دعنا ننظر إلى الأمام.
هل تعتقد أن على القوات الأمريكية الانسحاب من العراق؟
بالتأكيد نعم. من حيث المبدأ. لكن كيف ومتى، فهذه قضية عراقية. لا يمكننا أن نقرر ذلك في سورية.
هل تشعرون بالقلق، سيادة الرئيس، من أنه إذا انسحبت هذه القوات وبشكل متهور فإن حرباً أهلية شاملة ستندلع في كافة البلاد؟
علينا أن نأخذ بالاعتبار سياق الأحداث منذ الحرب، فلمدة أربع سنوات ونصف السنة والأمور تزداد سوءاً. وهكذا لا يمكنني القول إن القوات الأمريكية تحقق الاستقرار في العراق. هذا مؤكد. إذا انسحبت هذه القوات يوماً ما فقد تسوء الأمور. هذا محتمل. لكن هذا غير قابل للنقاش. عليهم أن ينسحبوا من حيث المبدأ.
لكن إذا ساءت الأمور فلن يكون ذلك من مصلحتكم؟
هذا ما أردت أن أقوله. القضية الرئيسية هي في العملية السياسية التي تجري بموازاة ذلك. عليهم أن يقولوا إنهم سينسحبون، وعليهم أن يضعوا جدولاً زمنياً للانسحاب. وبموازاة ذلك، يجب أن يكون هناك عملية سياسية كي لا تتفاقم الفوضى، وكي يعود الاستقرار إلى العراق. هذا يعتمد على العملية السياسية.
ألا تدعمون رئيس الوزراء المالكي؟
نحن ندعم أي رئيس وزراء يعمل من أجل بلاده. لدينا علاقات جيدة معه. لقد زار سورية قبل بضعة أسابيع وعقدنا اجتماعاً جيداً جداً. لكننا لا نتدخل في الشؤون العراقية.
هل تعتقدون أن حكومته لديها إمكانيات النجاح؟
علينا أن نسأل أولاً إذا كانت لديهم الصلاحيات، ويتمتعون بالسلطات التي تمكنهم من النجاح. هل يدعهم الأمريكيون يقومون بما عليهم أن يقوموا به؟ طبقاً لمعلوماتنا وطبقاً للعديد من المسؤولين العراقيين، فإن الحكومة لا تمتلك السلطات والصلاحيات اللازمة. الأمريكيون هم الذين يديرون كل شيء في العراق، ولذلك فلماذا يلومون الحكومة، سواء كانت حكومة المالكي أو أي شخص آخر؟
إذاً أنتم تقولون إن رئيس الوزراء دمية في يد الولايات المتحدة؟
لا، أنا لا أقول ذلك، لكنهم لا يملكون الصلاحيات الكاملة، قد يكونون قد أُعطوا صلاحيات أكثر مما كانوا يتمتعون به في السابق، لكنهم غير مسؤولين عن الفوضى. إنهم يتعاملون مع النتائج، لكنهم لم يتسببوا في إحداث الفوضى، هذا هو الفرق.
لقد زار رئيس الوزراء المالكي دمشق مؤخراً، وطلب إليكم أن تعتقلوا عدداً من الأعضاء السابقين في نظام صدام حسين، ويشاركون الآن في التمرد من سورية، حتى أنهم يحاولون إحداث انقلاب على رئيس الوزراء طبقاً لمصادر عسكرية التقيتها. هل ستعتقلون هؤلاء؟
بالطبع سنعتقل أي شخص ضالع في أية جريمة في العراق.
ما الإجراءات التي اتخذتموها للقيام بذلك؟
لدينا قانوننا، لكن تسليم أي شخص للعراق يتطلب أن يكون العراق مستقلاً، وليس محتلاً.
لماذا لا تقومون باعتقالهم في سورية؟
هذا ما نقوم به بالطبع، وهم يعرفون أننا اعتقلنا العديد منهم.
هل اعتقلتموهم؟
نعم اعتقلنا الآلاف.
وهؤلاء متمردون يعملون ضد رئيس الوزراء المالكي؟
هذا يعتمد على تعريف المتمردين. فالأمريكيون يطلقون لفظ متمرد على كل من يعمل ضدهم. نحن لدينا تعريف مختلف، لكن كل من يعمل ضد الشعب العراقي، فإننا سنقوم باعتقاله في سورية دون شك.
هل تريدون أن تروا الولايات المتحدة تنجح في العراق؟
مرة أخرى هذا يعتمد على التعريف. فالنجاح في العراق بالنسبة لنا أن يصبح العراق مستقراً. أولويتنا الآن هي استقرار العراق، ولا يهم إذا انسحبت الولايات المتحدة اليوم أو غداً. أولويتنا هي الشعب العراقي وبلادنا. وبالطبع إذا كان النجاح يعني الاستقرار السياسي فليس لدينا أية مشكلة في ذلك، لأننا ندعم أي بلد في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، كي تحقق النجاح في العراق بهذا الشأن.
هناك أكثر من مليون لاجئ عراقي يعيشون الآن في سورية. ما الأثر الذي أحدثه ذلك؟
إنه أثر كبير على الاقتصاد وعلى البنية التحتية وعلى المزاج الشعبي، وهذا طبيعي. لكن القضية ليست قضية إنسانية وحسب، إنما قضية سياسية، فدون اللاجئين لا يمكن حل المشكلة داخل العراق. فعندما نحتضنهم نفعل ذلك، ليس فقط لأسباب إنسانية، بل لأسباب سياسية أيضاً.
ماذا سيحل بهم؟
عليهم أن يعودوا إلى بلادهم يوماً ما، ولذلك علينا أن نعمل من أجل الاستقرار. إذا أصبح العراق مستقراً فإنهم سيعودون إلى بلادهم بالتأكيد. ولذلك قلت إن لنا مصلحة في عراق مستقر.
لكن هل سترحبون بهم إلى ما لا نهاية إذا لم يتحقق الاستقرار في العراق في السنوات القادمة؟
ليس إلى ما لا نهاية، لأننا سنعاني، وهم سيعانون أيضاً. لأنهم إذا أتوا إلى سورية ولم تكن سورية مستعدة لاستقبالهم، فإنهم سيعانون. ولذلك فلن يستفيدوا شيئاً من القدوم من العراق إلى سورية.
بلادكم تدعم عدداً من المجموعات المقاتلة، تقدمون لها الدعم والملاذ الآمن. والعديد من هذه المجموعات، مثل حزب الله، تعتبر مجموعات إرهابية في الولايات المتحدة، كما تعرفون. لماذا تدعمون هذه المجموعات، سيادة الرئيس؟
إننا لا نوفر ملاذاً آمناً لأحد، لديهم ملاذهم الآمن بين الشعب اللبناني. إنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع اللبناني والنسيج اللبناني، وبالتالي فدون هذا المجتمع لن يكون لهم ملاذ آمن. هذا مصدر قوتهم. أما فيما يتعلق بالدعم فهذا يعتمد على نوع الدعم. لدينا علاقات جيدة وندعمهم سياسياً لأنهم أصحاب قضية عادلة.
هل تدعمونهم مالياً؟
لا، إنهم لا يحتاجون إلى مساعدتنا مالياً، حيث يمكنهم الحصول على الكثير من الأموال من العديد من الناس في العالمين العربي والإسلامي. إنهم يتمتعون بدعم واسع في المنطقة. إننا ندعمهم لأنهم أصحاب قضية عادلة.
هل لكم أن تشرحوا لي كيف أن منظمة تعتبر منظمة إرهابية من قبل العديد من الناس، تحظى بدعمكم؟
إذا نظرت إلى الصورة فعليك رؤية الصورة بأكملها، وليس أن تأخذي جزءاً من الصورة وتقولي إن هذه هي الصورة بأكملها. والصورة هي أن إسرائيل تعتدي على لبنان بشكل يومي، وتنتهك مجاله الجوي بشكل مستمر. أليس ذلك إرهاباً؟ لقد اعتدوا على لبنان العام الماضي، وقتلوا ألفاً وأربعمئة مدني لبناني دون سبب. أليس ذلك إرهاباً؟ لا أعتقد أن علينا أن نتحدث عن هذه التصنيفات لأن هذا مضيعة للوقت. ينبغي أن نتحدث عن الواقع. هناك شعب يدعم منظمات أو حكومات أو سياسات، وعلينا أن نتعامل مع هذه السياسات والحكومات.
هل تتفقون مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بأن إسرائيل ليس لها الحق في الوجود؟
هذه حرية تعبير. لكل شخص في العالم الحرية في التعبير عما يريده. هذا مجرد تعبير. هل اتخذ أي إجراء؟ لا لم يفعل ذلك. إذاً علينا أن نتحدث عن الأفعال إذا أردنا أن نحكم على شخص ما، وإلا فإن له الحق في أن يعتقد بما يريد. لكن مرة أخرى فإن العديد من الإسرائيليين قالوا خلال السنوات القليلة الماضية بأنه يجب إزالة العرب من الوجود والعديد منهم قالوا بأن العرب أفاعٍ ويجب القضاء عليهم. الأمر نفسه، فعل ورد فعل. علينا أن نلوم إسرائيل بنفس المقدار الذي نلوم به الآخرين.
أما وقد قلتم ذلك، أعود إلى سؤالي الأصلي، هل تتفقون مع مقولة الرئيس أحمدي نجاد؟
تعلمين أننا نطالب بإجراء مفاوضات سلام - وقد أجرينا مفاوضات سلام منذ 15 عاماً - فكيف تعرّفين هذا الوضع؟ نحن نعمل من أجل السلام مع إسرائيل. وضعنا مختلف. لدينا أراض محتلة، ونحن بحاجة للسلام كي نستعيد أراضينا.
كما تعلمون فإن الولايات المتحدة وعدداً من البلدان العربية لديها مخاوف من صعود إيران، ومن قدرة ذلك البلد على تصنيع الأسلحة النووية. هل يشعركم ذلك بالقلق؟
لكل بلد في العالم الحق في الصعود، والحق في لعب دور، فيما يتعلق بتحقيق الاستقرار. وأعتقد أن إيران هامة جداً لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ودونها لا يمكن تحقيق هذا الاستقرار. أما فيما يتعلق ببرنامجها النووي، فإذا كان ذلك البرنامج سلمياً، كما قالوا عدة مرات، وطبقاً للقانون الدولي، فإن لأي بلد في العالم الحق بأن يكون لديه مفاعلات نووية سلمية، أو طاقة نووية. وهكذا فنحن لسنا قلقين من ذلك طالما أن هذا البرنامج سلمي. من ناحية أخرى فنحن ضد وجود أية أسلحة دمار شامل في الشرق الأوسط، وقد تقدمنا بمقترح للأمم المتحدة في عام 2003، وعارضت الولايات المتحدة هذا المقترح. موقفنا هو أننا ضد وجود أية أسلحة دمار شامل في الشرق الأوسط.
لماذا تسمحون لإيران بتزويد حزب الله بالأسلحة من خلال سورية. هل تشعرون بالقلق بسبب أن سياستكم قادتكم إلى العزلة وأصبح شريككم الاستراتيجي الوحيد في المنطقة هو إيران؟
هذا غير صحيح. نحن لم نسمح لإيران بتزويد حزب الله بالأسلحة والصواريخ. أين الدليل على ذلك؟ إنهم يتحدثون عن ذلك منذ سنة، وتعلمين أن هناك تحليقات إسرائيلية فوق الأراضي اللبنانية، وهناك استخبارات ربما من سائر أنحاء العالم على الحدود اللبنانية السورية، وهم يتحدثون عن ذلك. لقد قلت لهم قدموا لنا أي دليل بأننا أرسلنا صاروخاً واحداً إلى حزب الله. هذه ادعاءات زائفة.
كما تعلمون، سيتم تقديم تقرير هام إلى الكونغرس في الأسبوع القادم حول وضع الحشد الأمريكي في العراق، وحول مستقبل الولايات المتحدة في العراق. لو كان لديكم الفرصة في أن تخاطبوا الكونغرس الأمريكي فماذا كنتم ستقولون حول هذا الوضع؟
بالطبع موقفنا من الحرب معروف. نحن ضد الحرب، وقد أخبرت كل المسؤولين الأمريكيين الذين زاروا سورية بأنكم ستربحون الحرب ولكنكم ستفشلون بعد الحرب لأنكم لا تعرفون هذه المنطقة. إلا أنهم أداروا أذناً صمّاء لكل ما قلناه. لقد ارتكبوا الكثير من الأخطاء السياسية إضافة إلى الأخطاء الأمنية، والآن عليهم أن يعلنوا أنهم سينسحبون، وأن يضعوا برنامجاً زمنياً، وعليهم أن يعملوا من أجل عملية سياسية. ويجب أن تتضمن هذه العملية السياسية مؤتمراً وطنياً عراقياً، وليس مؤتمراً دولياً، وبدعم إقليمي ودولي، بما في ذلك الولايات المتحدة بالطبع. إن العمل في العراق دون مساعدة الدول الإقليمية، لن يقودهم إلى أي شيء. وهذا ما يؤمن به المسؤولون العراقيون. إنهم يؤمنون بأنهم بحاجة إلى الدول الإقليمية. الولايات المتحدة لا تعمل، حتى مع أقرب حلفائها، ولهذا فإنها لن تنجح. إذا أرادوا أن ينجحوا، فعليهم العمل مع الآخرين، ومع العراقيين في المقام الأول.
سيادة الرئيس، شكراً لكم على إتاحتكم هذه الفرصة.
أهلاً وسهلاً بكم.