س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
|
أدوات الموضوع |
22/04/2007 | #1 | ||||||
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
أقوم المسالك في إعادة رسم العلاقة بالممالك
فتحت لي الباب وفي وجهها بسمة محسوبة تتوائم فيها الحنو والمكر، فأسرعت إلي التهالك علي الكرسي غير مبال بقائمة
المطالب التي في انتظاري، وعلي رأسها إنجاز المرحلة التالية والأخيرة من المهمات اليومية الجليلة والمتمثلة في جلب المظنون فيهما من المدرسة: أحمد وأخت أحمد. قالت لي: إقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، قالت: إقرأ، قلت ما أنا بقارئ فأنت تعلمين أنني جئتك من القدس وأن لدينا في القدس صحيفة القدس التي بين يديك، وكل ما هو غير مقدس من صحف أبناء موسي وعيسي ومحمد عليهم جميعا أزكي السلام وأطيبه، ما تركت فيها حاجة ولا داجة إلا قرأتها، ومع ذلك ما الخبر يا أم أحمد؟ فقالت: إن نانسي تقابلت مع الأسد. فعجبت لأمر الله قائلا لصاحبتي: أعلم أن أباك كان ملكا لم يعزله إلا ملك الموت، وأعلم أن أمك ملكة تعتزل الحكم عن طوع رغم أن قومها يعزلون.. غير أن ذلك كله لا يشفع لك عندي في أن نتحدث عن نانسي عجرم في يومنا هذا وقد بلغ الجهد من كلينا مبلغه، فضحكت من جهلي كعادتها قائلة: كلا يا سيادة الصحافي الغافل فالأمر لا يتعلق بالفاتنة العربية نانسي عجرم وإنما استرعت فضولي زيارة هذه السياسية المخضرمة لسورية في هذه الأيام الشرق الأوسطية العصيبة، وأقصد نانسي بيلوسي رئيسة الكونغرس الأمريكي.... في محاولتها اليائسة لاستدراجي إلي الحديث قالت الزهراء في مستهل المسلسل الخطابي اليومي: أنتم معشر الأزواج كالمال يصوم أبد الدهر عن الكلام ولكنه يؤثر أبد الدهر في كل ما حوله.. وفيما صاحبتي تهذي علي الهواء، أخذت أهذي علي الورق... إذ كل منا يهذي علي طريقته... العالم العربي وأمريكا، هذه العلاقة الفوقية الأبوية والتي محتواها التعامل بين الامبراطورية وبين دويلات، عفوا بين نخبة النخبة من المجتمع السياسي العربي، وكثيرا ما تختصر هذه العلاقة في شخص الرئيس ومن حوله.. أليس من حق شعوب المنطقة وقد آلت الأوضاع العربية إلي أدني درجات الإنحطاط والتخلف والتراجع السياسي والاقتصادي والثقافي، حتي أن بلدا مثل مصر وقد مر علي معاهدة سلامه مع إسرائيل ربع قرن ولديها من الأطفال الجوعي والمتشردين في القاهرة وحدها مليون طفل يتسكع جوعانا علي قارعة الطريق، مع أن المعاهدة وما تلاها من علاقات بين مصر وإسرائيل تم إرساؤها بإشراف وتمويل من الولايات المتحدة نفسها، هذا دون الحديث عن الأوضاع في شمال إفريقيا في بلد بترولي مثل الجزائر، ودون الحديث عن الدولة الأم ونقصد بها العربية السعودية والتي تورطت في علاقة حميمية مع الولايات المتحدة، وخصوصا منذ نهاية الاتحاد السوفييتي، وتحديدا بعد حرب التحالف ضد صدام الذي خاض حربا بالوكالة عن العرب والغرب مع إيران... هل أن هذه العجوز الأمريكية التي عرفت بجرأتها في الحق ومعارضتها الشديدة الواضحة لحرب فيتنام، بعد كل هذا الصبر والمصابرة تفاجئنا هذه المرأة الأمريكية التي ترأس مجلس النواب الأمريكي، تخرج علينا بزيارة مفاجئة تكاد تكون استثناء في التاريخ السياسي الأمريكي الحديث لتتفاوض مع أحد رعاة الرومان الجدد الذين وضعت عليهم علامة شطب من الجناح اليميني الصاعد الهابط، حتي أنه أصبح من الممنوعات في المجال العربي والأوروبي علي السواء، فتتحول سورية بتاريخها وجغرافيتها إلي حارس ممنوع من الكلام علي حدوده الجنوبية، مهمته ليبقي علي قيد الحياة أن يعسعس جنوده بكرة وعشيا علي المتسللين من صعاليك العرب الذين ما زالوا يحلمون بأن هذه العشرين خرقة كانت في يوم من الأيام امبراطورية تمتد أراضيها من جاكرتا إلي غرناطة... هل أن زيارتها زيارة التفافية أوحت بها مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وكرامة الأمريكيين التي أهدرها كل من بيرل ورامسفيلد بمؤازرة نائب الرئيس الذي كثيرا ما يخلط بين صيد الأرانب وصيد الرجال، أم هي التعقل والحكمة التي لم يعدمها كثير من الساسة الأمريكان، ومنهم الرؤساء المتعاقبون لأمريكا، إذ لم نشهد في الخمسين سنة الأخيرة مثالا للعنجهية والكبرياء والغطرسة في التعامل مع أنظمة عربية ضعيفة ومهترئة تستمد مقومات وجودها من علاقات انتهازية خالية من كل ما عرف من روابط بين الدول، يحكمها المزاج المتقلب للأخ الأمريكي الأكبر، ولما تقتضيه مصالح الفئات العربية الحاكمة التي لم يعد يربطها بالجماهير العربية إلا الوسائل الأمنية والأجهزة الاستخباراتية والأحزاب الفوقية التي اختطفت من مختلف مكونات المجتمعات العربية كل الوسائل القانونية والمالية والتقنية والجمعياتية مجردة بذلك إياها من كل وسائل الدفاع المدني عن مقوماتها الوطنية وصون المصالح الحيوية الدنيا لاستمرار حياة كريمة ومتطورة... ما أخشاه أن تكون زيارة المرأة الأمريكية الجريئة ليست إلا مجرد التفاف علي المستنقع العراقي أملته مصالح حزب صاعد وليس بادرة جادة لإصلاح هذه العلاقة ومسارعة إلي معالجة ما أفسدته الحرب الظالمة وما جنته الأيدي الأمريكية غير المتعقلة علي مصالح كل العرب ومطامحهم، وقبر أحلام شبابهم مع ضياع الكثير مما تكنه هذه الشعوب من احترام ومحبة للشعب الأمريكي الذي لم تستعد قواته العسكرية علي أوطاننا إلا في السنوات الأخيرة مخيبة بذلك كل تطلعات مستضعفي المنطقة إلي حياة سياسية يكون فيها للمواطن العربي حق التقرير في من يحكمها. فإذا أملت الظروف العربية البائسة علي الحكومة السعودية والحكومة السورية وغيرهما من الحكومات العربية تعاملا دونيا مع الولايات المتحدة الأمريكية، فلا شيء يؤمن لهما أن لا تستعملانها، كما لو كانت الدول العربية من اللواتي لا يرجون نكاحا، وكأن ليس وراء هذه الحكومات شعوبا تحس بالكرامة وتقبل الموت كما رأينا في العراق، ليس من أجل حب البقاء ولكن من أجل كبرياء هذه الشعوب وأنفتها... والتاريخ يشهد بأن استحمار هذه الشعوب رفض وبأعنف الطرق عبر كل المراحل التاريخية وضد التتار القدامي والجدد... هل هي توصيات بيكر الحكيم ومن ثمة سعي لإصلاح هذه العلاقة الظالمة والمجحفة علي حد سواء بحقوق هذه الحكومات التابعة، فضلا عن ازدرائها بكرامة الشعوب العربية ونكرانها لأبسط قواعد التعامل الإنساني المتحضر، خصوصا وأن خطاب الإدارة الأمريكية حتي وهو يمارس التطرف العسكري ضد حلفائه ظل يعزف كثيرا علي أوتار المدنية والقيم الإنسانية النبيلة، في حين أن ما جري في العراق كان شهادة وفاة لهذه القيم وخازوقا لوأدها علي رؤوس الأشهاد. لهذا أري أن تكبد العربية السعودية لمصاريف القمة العربية الأخيرة يهون كثيرا أمام التحديات الصارخة والخطيرة التي تجابهها المنطقة. وإذا كان خطاب العاهل السعودي قد خرج جرأة وموضوعا عما عرفت به الديبلوماسية السعودية من تحفظ بل واحتشام وتواضع، فإن ما يخشاه المرء أن النقد الذاتي للقيادة السعودية والذي لم تألفه جماهيرنا في الخليج، قد تفرغه أيامنا المقبلة من المحتوي الصارم واللاذع الذي ورد في خطاب القمة. ولا أحد يستطيع أن يسفه لب هذه المبادرة غير الطرف الإسرائيلي المتمانع علي الدوام، وأخطر منه القرار الأمريكي المراوغ دائما والذي يأبي أن يتجرد من أجل نفسه ومن أجل حلفائه في المنطقة ليحمل كل الأطراف علي تقديم التنازلات المطلوبة عربيا وإقليميا ودوليا. وقد دفعني إلي الشك كالعادة في النوايا وفي الخطب غربها وشرقها، ما صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية بعد القمة من أنها ستعمل علي إنجاز دويلة فلسطينية قابلة للحياة، كما لو أن الشعب الفلسطيني لا يستأهل أكثر من قطعة جغرافيا عائمة في حالة إنعاش مستمر. وللتذكير فإن الإخراج السعودي للقمة علي أرض سعودية وبأموال سعودية ليس هو الأول الذي يبقي حبرا علي ورق، فقد سبق للأرض اللبنانية أن استضافت نفس المبادرة والتي كان وراءها الطرف السعودي علي أرض لبنان الديمقراطي سنة 2002، ويومها كان من جملة من وافق علي مبدأ الاعتراف بالدولة العربية كل من الزعيمين العربيين المتشددين: العقيد معمر القذافي وصدام حسين، أقول العملاق صدام حسين نفسه، والفارق الوحيد اليوم هو أن ثمة ماردا في المنطقة أصبح من العوامل الدافعة لما يمكن أن يحصل من تطور نوعي في المنطقة العربية، وأقصد تحديدا قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف تعيش جنبا إلي جنب مع دولة إسرائيلية غير دخيلة علي المنطقة العربية... عادل الحامدي
إن تراب العالم لا يغمض عيني جمجمة تبحث عن وطن!
19 / 6 / 2007 |
||||||
|
|