س و ج | قائمة الأعضاء | الروزناما | العاب و تسالي | مواضيع اليوم | بحبشة و نكوشة |
|
أدوات الموضوع |
22/09/2007 | #1 | ||||
مشرف متقاعد
|
أبو القاسم الشــابي..
أبكـيـــــــــــــــــــك للحــــــــــــــــــب ... أنـتِ فـوقْ الخيـال, والشِّـعرِ, والفنِّ وفــوْقَ النُّهَــي وفــوق الحـدودِ أنــتِ قُدْسـي, ومَعبـدي, وصبـاحي وربيعــي, ونَشْــوَتي, وخــلودي أنْقــذيني, فقــد سـئمتُ ظلامـي! أنْقــذيني, فقــد مللـتُ ركـودي? آهِ يـا زهـرتي الجميلـةَ لـو تـدرين مــا جَــدّ فــي فـؤادي الوحـيدِ فـي فـؤادي الغـريبِ تُخْـلَقُ أكـوانٌ مــن الســحر ذاتُ حســن فريـدِ وشـــموسٌ وضّـــاءةٌ ونجــومٌ تنــثر النــورَ فـي فضـاءٍ مديـدِ ...!! . . ابو القاسم الشابي . . رسم لنا هيكل الحب ..وأشواق تائهه..وقلب شاعر .
لا تحلموا بعالم جديد
فخلف كل قيصر يموت قيصر اخر جديد وخلف كل ثائر يموت احزان بلا جدوى ودمعة سدى ،،أمــل دنقل : ((We ask the Syrian government to stop banning Akhawia )) آخر تعديل achelious يوم 12/10/2008 في 01:41. |
||||
22/09/2007 | #2 | ||||
مشرف متقاعد
|
نبذه عن الشاعر: من مواليد مدينة (توزر) بالجنوب التونسي سنة 1909 وبها دفن في سنة 1934. تلقى تعليمه بجامع الزيتونة وأسهم في العديد من النشاطات الفكرية والأدبية ونشر بعدد من الصحف والمجلات الصادرة في الثلاثينات. يعدّ أحد نبغاء الشعر العربي. حيث صدرت حوله دراسات وكتب متعددة كما صدرت طبعات مختلفة لديوانه (أغاني الحياة) الذي صدرت أولى طبعاته بالقاهرة سنة 1955. ومن قصائده الأبد الصغير قلب الشاعر يا ابن أمي إلى الطاغية زئير العاصفة إلى طغاة العالم قالت الأيام النبي المجهول تونس الجميلة إرادة الحياة في هيكل الحب الجنة الضائعة أنا أبكيك للحب الأشواق التائهة أغاني التائه في ظل وادي الموت الصباح الجديد أنشودة الرعد نشيد الجبار |
||||
22/09/2007 | #3 | ||||
مشرف متقاعد
|
الأبد الصغير يـا قلـبُ! كـم فيـك من دُنْيا محجَّبَةٍ كأنَّهــا, حــين يبـدو فجرُهـا "إرَمُ" يـا قلـبُ! كمْ فيك من كونٍ, قد اتّقدتْ فيـه الشُّـموسُ وعاشـتْ فَوقـهُ الأممُ يـا قلـبُ! كـمْ فيـكَ مـن أفْقٍ تُنَمِّقُهُ كـــواكبٌ تتجــلَّى, ثُــمَّ تَنعــدِمُ يـا قلـبُ! كمْ فيكَ من قبرٍ, قد انطفأتْ فيـه الحيـاةُ, وضجَّـتْ تحتـهُ الـرِّمَمُ يـا قلـبُ! كمْ فيكَ من غابٍ ومن جَبَلٍ تَـدوِي بـه الـريحُ أو تسـمو به القِمَمُ يـا قلبُ! كمْ فيكَ من كهفٍ قد انبجستْ منـه الجـداولُ تجـري مـا لهـا لُجُمُ تمشـي.., فتحـملُ غُصنًا مُزْهِرًا نضِرًا أوْ وَرْدَةً لــمْ تُشَــوِّهْ حُسْـنَهَا قَـدَمُ أو نحلــةً جرّهــا التيَّــارُ مُنَدفِعًـا إلــى البحـارِ, تُغنّـي فوقـه الـدِّيَمُ أو طـائرًا سـاحرًا مَيْتًـا قـد انْفجرتْ فــي مُقلتَيْــه جــراحٌ جمَّـةٌ ودمُ يـا قلـبُ! إنـك كـونٌ مُـدْهِشٌ عَجَبٌ إنْ يُسْـأل النـاسُ عـن آفاقـه يَجِـمُوا كـأنك الأبَـدُ المجـهول.., قد عَجَزَتْ عنـكَ النُّهَـى, واكفَهَـرّتْ حولك الظُّلَمُ **** يـا قلـبُ! كـمْ مـن مسـرّاتٍ وأخْيِلَةٍ ولــذّة, يَتَحَــامَى ظِلّهــا الألــمُ غَنَّـتْ لفَجـرِك صوتًـا حالمًـا, فَرِحًا نَشْـوَانَ ثـم تَـوارتْ, وانْقَضـى النَّغَمُ وكــم رأى لَيْلُــك الأشـباحَ هائمـةً مذعــورةً تتهــاوى حولهـا الرُّجُـمُ ورَفْــرَفَ الألــمُ الـدّامي, بأجنحـةٍ مــن اللهيـب, وأنّ الحـزنُ والنَّـدَمُ وكـمْ مشـت فـوقَك الدُّنيـا بأجمعِهَـا حـتَّى تـوارتْ, وسـار الموتُ والعدمُ وشــيَّدَتْ حــولك الأيــامُ أبنيــةً مــن الأناشــيدِ تُبْنَـى, ثـم تنهـدِمُ **** تمضـي الحيـاةُ بماضيهـا, وحاضرِها وتــذْهَبُ الشـمسُ والشُّـطْآنُ والقمـمُ وأنـتَ, أنـتَ الخِضمُّ الرّحْبُ, لا فرَحٌ يَبْقَـى عـلى سـطحِكَ الطَّاغي, ولا ألَمُ **** يـا قلـبُ! كـم قـد تملّيْت الحياةَ, وكمْ رقّصْتَهــا مَرَحًـا مـا مَسَّـكَ السَّـأمُ وكـمْ توشّـحْتَ مـن ليـلٍ ومن شَفَقٍ ومــن صبـاحٍ تُوشِّـي ذَيْلَـهُ السُّـدُمُ وكـم نسـجْتَ مـن الأحـلام أرديـةً قــد مزّقَتْهـا الليـالي, وهْـيَ تَبْتَسِـمُ وكــم ضَفَــرْتَ أكــاليلاً مُـورّدَةً طـارتْ بهـا زَعْـزَعٌ تـدوِي وتَحْتَدِمُ وكــمْ رسـمتَ رسـومًا, لا تُشـابِهُهَا هــذي العـوالمُ, والأحـلامُ, والنُظُـمُ كأنهــا ظُلَــلُ الفِــرْدَوْسِ, حافِلـةً بـالحورِ, ثـم تلاشَـتْ, واختفى الحُلُمُ **** تبلُــو الحيــاةَ فتُبْلِيهــا وتخلعُهَـا وتســتجدّ حيــاةً, مــا لهـا قِـدمٌ وأنــتَ أنـتَ شـبابٌ خـالدٌ, نضِـرٌ مثــل الطبيعـة: لا شـيبٌ ولا هِـرَمٌ [ 19 فبراير / شباط 1930 ، 20 رمضان 1348 ] |
||||
22/09/2007 | #4 | ||||
مشرف متقاعد
|
قلب الشاعر كــلُّ مــا هـبّ, ومـا دبّ, ومـا نــام, أو حـام عـلى هـذا الوجـودْ مــن طيــورٍ, وزهــورٍ, وشـذى وينـــابيعَ, وأغصـــانٍ تميـــدْ وبحــــارٍ, وكهــــوفٍ, وذُرى وبـــراكينَ, ووديـــانٍ, وبيـــدْ وضيـــاءٍ, وظــلالٍ, ودُجــى, وفصـــولٍ, وغيــولٍ, ورعــودْ وثلـــوجٍ, وضبـــابٍ عـــابرٍ, وأعـــاصيرَ, وأمطـــارٍ تجــودْ وتعـــــاليمَ, وديــــنٍ, ورؤى, وأحاســـيس, وصمــتٍ, ونشــيدْ كلُّهـــا تحيـــا بقلبــي, حُــرّةً غضــةَ الســحرِ, كأطفـالِ الخـلودْ ههنـا, فـي قلبـيَ الرحْـبِ, العميق! يـرقص المـوتُ وأطيـافُ الوجـودْ! ههنــا, تعصــف أهــوالُ الدجـى ههنــا, تخــفِقُ أحــلامُ الـورودْ ههنــا, تهتــف أصــداءُ الفنــا ههنــا, تُعــزَفُ ألحــانُ الخـلودْ ههنــا, تمشـي الأمـاني, والهـوى, والأسـى, فـي مـوكبٍ فخْـمِ النشـيدْ ههنــا الفجــرُ الــذي لا ينتهــي ههنــا الليــلُ الــذي ليس يبيــدْ ههنـــا, ألــفُ خِــضمٍّ, ثــائرٍ خــالدِ الثــورةِ, مجـهولِ الحـدودْ ههنـــا, فــي كــلِّ آنٍ تمَّحــي صُــورُ الدنيـا, وتبـدو مـن جـديدْ [ 16 مارس / أذار 1934 ، 29 ذو القعدة 1352 ] |
||||
22/09/2007 | #5 | ||||
مشرف متقاعد
|
يا ابن أمي خُــلقتَ طليقًــا كــطيفِ النسـيمِ وحــرًّا كنـورِ الضُّحـى فـي سـماهْ تغــرِّد كــالطيرِ أيْــن انــدفعت وتشــدو بمــا شـاء وحـيُ الإلـهْ وتمـــرحُ بيــن ورودِ الصبــاحِ وتنعَـــم بــالنورِ, أنَّــى تــراهْ وتمشـي - كمـا شئتَ - بين المروجِ, وتقطــفُ وردَ الــرُّبَى فـي رُبـاهْ ****** كـذا صـاغَكَ اللـه, يـا ابـن الوجودِ وألقتــك فـي الكـونِ هـذي الحيـاهْ فمــالك تــرضى بــذلّ القيــودِ وتَحــني لمــن كبَّلــوك الجبـاهْ? وتُسـكِتُ فـي النفسِ صوتَ الحياةِ الـ ــــقـويَّ إذا مـا تغنَّـى صـداهْ? وتطبـــق أجفـــانَك النـــيِّراتِ عـن الفجـر, والفجـرُ عـذبٌ ضياهْ? وتقنــع بــالعيشِ بيــن الكهـوفِ, فــأين النشــيدُ? وأيــن الإيــاهْ? أتخشــى نشــيدَ السـماءِ الجـميلَ? أتـرهب نـورَ الفضـا فـي ضحـاهْ? ألا انهـضْ وسـرْ فـي سـبيلِ الحيـاةِ فمــن نــامَ لـم تَنتَظِـرْهُ الحيـاهْ? ولا تخــشَ ممَّــا وراءَ التــلاعِ.. فمـا ثَـمّ إلاّ الضّحـى فـي صبـاهْ... وإلا ربيـــعُ الوجـــودِ الغريــرُ, يطــرِّزُ بــالوردِ ضــافي رداهْ... وإلاّ أريـــجُ الزهــورِ الصِّبــاحِ, ورقْــصُ الأشــعَّةِ بيـن الميـاهْ... وإلاّ حَمـــامُ المــروجِ الأنيــقُ, يغــرِّدُ, منطلقًــا فــي غنــاهْ... إلـى النُّـور! فـالنور عـذْبٌ جـميلٌ إلــى النــور! فـالنور ظِـلُّ الإلـهْ [ 20 فبراير / شباط 1929 ، 10 رمضان 1347 ] |
||||
22/09/2007 | #6 | ||||||
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
|
أحلى ليندا والله يسلمون هالديات ..
وأنا كتير معجب بأشعار أبو القاسم وشكرا إلك كمان مرة .. |
||||||
22/09/2007 | #7 |
عضو
-- مستشــــــــــار --
|
اختيارات رفيعة
حقا شاعر كبير جدا أقوى قصائده حسب نظري هي قصيدته السياسية فلسفة الثعبان المقدس |
23/09/2007 | #8 | |||||
مشرف متقاعد
|
اقتباس:
ويامية اهلا وسهلا صحيح وبتعتبر جوهرة القصائد بحد زاتا لفظاً ومعنى |
|||||
23/09/2007 | #9 | ||||
مشرف متقاعد
|
إلى الطاغية يقولـون: صـوت المسـتذَلِّين خـافتٌ وسـمع طغـاة الأرض أطـرش أصْخَمُ وفـي صيْحـة الشـعب المسخَّر زعزعٌ تَخِــرُّ لهـا شـمُّ العـروشِ, وتُهْـدَمُ ولَعْلَعـةُ الحـق الغضـوبِ لهـا صدى ودمدمـةُ الحـربِ الضـروسِ لهـا فَمُ إذ التــفّ حـول الحـقّ قـومٌ فإنَّـه يصــرِّمُ أحــداثَ الزَّمـان ويُـبْرمُ لـك الـويلُ يـا صَرْحَ المظالمِ من غدٍ إذا نهـضَ المسـتضعفون, وصمّمـوا! إذا حــطَّم المســتعبَدون قيــودَهم وصبُّـوا حـميم السـخط أيَّـان تعلمُ..! أغـرّك أن الشـعبَ مُغْـضٍ على قذى وأنّ الفضـاء الرّحْـبَ وسنانُ, مظلمُ? ألاَ إنّ أحـــلامَ البـــلادِ دفينــةٌ تَجَمْجَــمَ فـي أعماقِهَـا مـا تَجَمْجَـمُ ولكــن ســيأتي بعـد لأي نشـورُها وينبثـــقُ اليــوم الــذي يــترنّمُ هـو الحـقُّ يُغفـي.. ثمّ ينهضُ ساخطًا فيهــدمُ مـا شـادَ الظِّـلامُ, ويَحْـطِمُ غـدا الـرّوْع, إن هـبّ الضعيفُ ببأسه ســتعلمُ مــن مِنَّـا سـيجرفُهُ الـدّمُ إلـى حـيث تجـني كفُّـه بـذرَ أمْسِه ومُــزدَرِعُ الأوجــاعِ لا بـد ينـدمُ سـتجرع أوصـابَ الحيـاة, وتنتشـي فتصغــي إلـى الحـق الـذي يتكـلمُ إذا مـا سـقاكَ الدهـرُ مـن كأسِهِ التي قَرارتهــا صــابٌ مَريـرٌ, وعلقـمُ إذا صُعِــقَ الجبّــارُ تحـت قيـودِهِ يصيــخُ لأوجــاعِ الحيـاةِ ويفهـمُ!! [ 18 فبراير / شباط 1927 ، 15 شعبان 1345 ] |
||||
23/09/2007 | #10 | ||||
مشرف متقاعد
|
زئيرُ العاصفةِ تسـائلني: "ما لـي سـكتُّ, ولـم أهِبْ بقـومي, وديجـورُ المصـائب مُظلـمُ" "وسيْل الرزايــا جــارفٌ, متــدفّعٌ غضـوبٌ, ووجـه الدهـر أرْبَدُ, أقْتَمُ?" ********** سـكتُّ, وقـد كـانت قنـاتيَ غضَّـةً تُصيــخ إلـى همسِ النّسـيمِ, وتحـلُمُ وقلـتُ, وقـد أصغـتْ إلى الريح مَرّةً فجــاش بهــا إعصــارُه المتهـزِّمُ وقلـتُ وقـد جـاشَ القريضُ بخاطري كمـا جـاشَ صخَّـابُ الأواذيِّ, أسْحَمُ ********** "أرى المجـد معصـوبَ الجـبينِ مُجَدَّلاً عــلى حَسَـكِ الآلام, يغمـرُه الـدمُ" "وقد كـان وضّـاح الأسـاريرِ, باسمًا يهــبُّ إلــى الْجُــلَّى, ولا يتـبرّمُ" ********** "فيا أيهــا الظلــمُ المصعِّــرُ خـدَّه رويــدك! إن الدهـرَ يبنـي ويهـدمُ" "سيثأر للعـــزِّ المحـــطّمُ تاجُــه رجـالٌ إذا جـاش الـرّدى فهُـمُ هُـمُ" "رجالٌ يــروْن الـذُّلَّ عـارًا وسُـبَّةً ولا يرْهبـون المـوتَ, والمـوتُ مُقدِمُ" "وهل تعتـــلي إلا نفــوسٌ أبيَّــةٌ تُصــدِّع أغـلالَ الهـوانِ, وتَحـطِمُ" |
||||
25/09/2007 | #11 | ||||
مشرف متقاعد
|
إلى طغاة العالم ألاّ أيّهــــا الظـــالمُ المســـتبِدُّ حــبيبُ الظــلامِ, عــدوّ الحيــاهْ ســخرتَ بأنّــات شـعبٍ ضعيـفٍ وكــفُّك مخضوبــةٌ مــن دمــاهْ وســرتَ تُشــوِّه سِــحْرَ الوجـودِ وتبــذرُ شــوكَ الأسـى فـي رُبـاهْ رُوَيـــدَك! لا يخــدعنْك الــربيعُ وصحـوُ الفضـاء, وضـوءُ الصبـاحْ ففـي الأفُـقِ الرحـبِ هـولُ الظـلام وقصـفُ الرعـودِ, وعصـفُ الريـاحْ حــذارِ! فتحــت الرمــادِ اللهيـبُ ومـن يبـذرِ الشـوك يجـنِ الجـراحْ تــأمل! هنــالك.. أنّــى حـصدتَ رؤوسَ الــوَرَى, وزهــورَ الأمـلْ ورويَّــت بــالدمِ قلــبَ الــترابِ وأشْــربتَه الــدمعَ, حــتى ثمِــلْ ســيجرفُكَ الســيلُ, سـيلُ الدمـاءِ ويـــأكلُك العـــاصفُ المشــتعِلْ ( 7أو8 أبريل / نيسان 1934 ، 23 ذو الحجة 1352 ) |
||||
25/09/2007 | #12 | ||||
مشرف متقاعد
|
قالت الأيام يــا أيهــا الســادر فــي غَيِّـهِ! يــا واقفًــا فـوق حُطـام الجِبـاهْ! مهــلاً! ففــي أنّـاتِ مَـن دُسـتَهمْ صـوتٌ رهيـبٌ سوف يدوي صداه... ********** لا تـــأمننّ الدهــرَ, إمَّــا غفــا فــي كهفـه الداجـي, وطـالت رُؤاه فــإن قضــى اليــومُ ومـا قبلُـه ففــي الغـد الحـيِّ صَبـاحُ الحيـاهْ ********** يــا أيهــا الجبــارُ! لا تــزدري فــالحق جبَّــارٌ, طــويل الأنــاهْ يغفــي, وفــي أجفانــه يقْظــةٌ ترنـو إلـى الفجـرِ الـذي لا تـراهْ... [ 8 يناير / كانون الثاني 1928 ، 15 رجب 1346 ] |
||||
25/09/2007 | #13 | ||||
مشرف متقاعد
|
النبي المجهول أيهـا الشـعبُ! ليتنـي كـنتُ حطَّابـا فــأُهْوي عــلى الجـذوع بفأسـي! ليتنــي كـنتُ كالسـيولِ, إذا سـالت تهــدُّ القبــورَ: رمسًــا بـرمسِ! ليتنــي كــنتُ كالريـاح, فـأطوي كــلّ مـا يخـنق الزهـور بنحسـي! ليتنــي كــنتُ كالشــتاء, أُغَشِّـي كــلّ مـا أذبـلَ الخـريفُ بقرسـي! ليـت لـي قـوّةَ العـواصفِ, يا شعبي فـــأُلقي إليــك ثــوْرَةَ نفســي! ليـت لـي قـوةَ الأعاصيرِ, إن ضجَّتْ فـــأدعوك للحيـــاة بنبســـي! ليـت لـي قـوةَ الأعـاصيرِ..! لكـن أنـت حـيٌّ, يقضـي الحياة برمسِ..! أنــت رُوحٌ غَبِيَّــةٌ, تكـره النُّـورَ وتقضِــي الدهـورَ فـي ليْـل مَلسِ.. أنـت لا تـدرك الحقـائق, إن طـافتْ حـــواليك, دون مس وجـــسِّ... فـي صبـاح الحيـاة ضَمَّخْـتُ أكوابي وأترعتُهـــا بخـــمْرةِ نفســي... ثــمّ قدّمتُهــا إليــكَ, فــأهرقْتَ رحـيقي, ودُسْـتَ يـا شـعبُ كأسي! فتــألّمْتُ..., ثُــم أسـكتُّ آلامـي, وكفكــفتُ مــن شـعورِي وحسـي ثــم نضــدْتُ مـن أزاهـيرِ قلبـي باقــةً لــمْ يَمَسَّــها أيُّ إنْسِــي.. ثـــم قدّمتُهــا إليــك, فمــزّقْتَ ورودي, ودُســـــــتَها أيّ دوسِ ثــم ألبســتَني مـن الحـزنِ ثوبًـا وبشــوك الجبــالِ توّجـتَ رأسـي إننـي ذاهـبٌ إلـى الغـابِ, يـا شعبي لأقضــي الحيــاةَ, وحـدي, بيـأسِ إننــي ذاهــبٌ إلـى الغـابِ, عـلِّي فـي صميـمِ الغابـاتِ أدفـنُ بؤسـي ثـم أنسـاكَ مـا اسـتطعتُ, فمـا أنتَ بـــأهلٍ لخـــمرتي ولكأســـي سـوف أتلـو عـلى الطيـورِ أناشيدي, وأُفْضــي لهــا بأشــواق نفسـي فهـي تـدري معنـى الحيـاةِ, وتدري أنّ مَجْــدَ النفــوسِ يقظــةُ حـسّ ثُـمّ أقْضـي هنـاك, فـي ظلمة الليل, وألْقِــي إلــى الوجــود بيأســي ثـم تَحْـت الصَّنَوبَـرِ, الناضر, الحلو, تخُــطُّ الســيولُ حــفرةَ رمسـي وتظَـلُّ الطيـورُ تلغُـو عـلى قـبْرِي ويشـــدو النســيمُ فــوقي بهمسِ وتظَــلُّ الفصــولُ تمشـي حـواليّ كمــا كُــنّ فـي غضـارَةِ أمسـي أيهـا الشـعبُ? أنـتَ طفـلٌ صغـيرٌ, لاعــبٌ بــالتراب والليــلُ مُغْسِ! أنـتَ فـي الكـون قـوّةٌ, لـم تَسُسْـها فكـــرةٌ, عبقريَّـــةٌ, ذات بــأسِ أنــت فــي الكـون قـوةٌ, كبَّلتْهـا ظلمـاتُ العصـورِ, مـن أمسِ أمسِ.. والشــقيُّ الشـقيُّ مـن كـان مثـلي فــي حساســيَّتي, ورِقّــةِ نفسـي هكــذا قـال شـاعرٌ, نـاولَ النـاسَ رحــيقَ الحيــاة فـي خـيرِ كـأسِ [ 21 يناير / كانون الثاني 1930 ، 20 شعبان 1348 ] |
||||
27/09/2007 | #14 | ||||
مشرف متقاعد
|
تونس الجميلة أنــا يـا تـونس الجميلـةُ فـي لـجِّ الهــوى قــد ســبحت أيّ سِـباحهْ شِــرْعتي حُــبُّكِ العَميــقُ وإنِّـي قـــد تــذوّقْتُ مُــرّه وقَراحــهْ لســتُ أنصـاعُ لِلنّواحـي ولـو مـ ــتُّ وقـامتْ عـلى شـبابي المناحهْ لا أبــالي... وإنْ أُرِيقَــتْ دِمــائي فَدِمَــاءُ العشّــاق دَوْمًــا مُباحـهْ وبطــول المَــدى تُــريكِ الليـالي صــادقَ الحُــبِّ والـوَلاَ وسَـجاحهْ إنّ ذا عصــرُ ظلمــةٍ غــير أنِّـي مــن وراء الظـلام شـمتُ صبَاحـهْ ضَيّــع الدهـرُ مَجْـدَ شـعبي ولكـنْ ســتردُّ الحيــاةُ يومًــا وشــاحهْ [ 2 يونيو / حزيران 1925 ، 10 ذو القعدة 1343 ] |
||||
27/09/2007 | #15 | ||||
مشرف متقاعد
|
صلوات في هيكل الحب عذبْــةٌ أنـتِ كالطفولـةِ, كـالأحلام كـــاللّحن, كالصبـــاح الجــديدِ كالسـماء الضحـوك كالليلـة القمْـراء كـــالورد, كابتســـام الوليـــدِ يــا لهــا مــن وداعـةٍ وجمـال وشــــباب مُنَعَّــــم أُمْلـــودِ! يـا لهـا مـن طهارةٍ, تبعثُ التقديــ ــــسَ فـي مهجة الشقيِّ العنيدِ!... يــا لهـا رقَّـةً يكـادُ يَـرفُّ الـوَرْ دُ منهــا فــي الصّخـرة الجـلمودِ! أيُّ شـيء تُـراكِ? هـل أنتِ "فينيسُ" تهــادتْ بيــن الـورى مـن جـديدِ لِتُعيــدَ الشــبابَ والفـرح المعســ ــــولَ للْعــالم التعيس العميــدِ! أم مـلاكُ الفـردوس جـاء إلـى الأر ض ليُحْــيي روحَ الســلام العهيـدِ! أنـتِ.. مـا أنـتِ? أنـت رسمٌ جميلٌ عبقــريٌ مــن فـنِّ هـذا الوجـودِ فيـكِ مـا فيـه مـن غمـوضٍ وعمقٍ وجمــــالٍ مُقَـــدَّسٍ معبـــودِ أنـتِ.. مـا أنتِ? أنتِ فجرٌ من السحـ ـــر تجــلّى لقلبِــيَ المعمــودِ فــأراه الحيـاةَ فـي مـونِق الحسـن وجـــلّى لـــه خفايــا الخــلودِ أنـتِ روح الـربيع, تختـال في الدنـ ــيــا فتهــتزُّ رائعـاتُ الـورودِ وتهـبُّ الحيـاةُ سـكرى مـن العـطـ ـــر ويــدوي الوجـودُ بـالتغريدِ كلّمــا أبْصــرتْكِ عينـايَ تمشِـين بخــــطوٍ مـــوقَّعٍ كالنّشـــيدِ خَـفَقَ القلـبُ للحيـاة, ورفّ الـزّهـ ـــرُ فـي حـقل عمـريَ المجـرودِ وانتشــتْ روحــيَ الكئيبـةُ بـالحبِّ وغنــــتْ كـــالبلبل الغرِّيـــدِ أنــتِ تُحـيِينَ فـي فـؤاديَ مـا قـد مــات فـي أمسـيَ السـعيدِ الفقيـدِ وتَشِــيدينَ فــي خــرائِبِ روحـي مــا تلاشـى فـي عهـديَ المجـدودِ مـن طمـوحٍ إلـى الجمـالِ إلـى الفنِّ إلـــى ذلــك الفضــاء البعيــدِ وتَبُثِّيــن رقــة الشـوقِ, والأحـلامِ والشــدوِ, والهــوى, فـي نشـيدي بعــد أن عــانقتْ كآبــةُ أيَّــامي فـــؤادِي, وألجـــمتْ تغريــدي أنــت أنشــودة الأناشــيد غنّـاكِ إلـــه الغنـــاءِ, رَبُّ القصيـــدِ فيـكِ شـبّ الشَّـبابُ, وشَّـحهُ السِّحْرُ وشــدوُ الهــوى, وعِطْـرُ الـورودِ وتــراءى الجمـالُ, يـرقص رقصًـا قُدُســيًا, عــلى أغــاني الوجـودِ وتهــادتْ فـي أفْـقِ روحِـكِ أوْزانُ الأغـــاني, ورقّـــةُ التغريـــدِ فتمــايلتِ فــي الوجــود, كلحْـنٍ عبقــريِّ الخيــالِ حــلوِ النشـيدِ: خـــطواتٌ, ســكرانةٌ بالأناشــيد, وصــوتٌ, كرجْــع نــاي بعيــدِ وقــوامٌ, يكــاد ينطــق بالألحـان فـــي كـــلِّ وقفـــةٍ وقعــودِ كــلُّ شــيءٍ مـوقعٌ فيـكِ, حـتى لَفْتَــةُ الجــيد, واهــتزازُ النّهـودِ أنـتِ.., أنـتِ الحيـاةُ فـي قدْسها السا مـي, وفـي سـحرها الشـجيِّ الفريدِ أنـتِ.. أنـتِ الحيـاةُ, في رِقّةِ الفجـ ـــر وفـي رونـق الـربيع الوليـدِ أنــتِ.. أنــتِ الحيــاةُ, كـلَّ أوانٍ فــي رُواءٍ مــن الشــباب جـديدِ أنـتِ.. أنـتِ الحيـاةُ فيك وفي عيــ ـــنَيْــكِ آيـاتُ سـحرها المَمْـدودِ أنـتِ دنيـا مـن الأناشـيد والأحْـلام والســـحْر والخيـــال المديـــدِ أنـتِ فـوقْ الخيـال, والشِّـعرِ, والفنِّ وفــوْقَ النُّهَــي وفــوق الحـدودِ أنــتِ قُدْسـي, ومَعبـدي, وصبـاحي وربيعــي, ونَشْــوَتي, وخــلودي يـا ابنـةَ النُّـور, إننـي أنـا وَحْـدي مَــن رأى فيــك رَوْعـةَ المعبـودِ فــدَعيني أعيشُ فـي ظلّـك العـذب وفــي قــرب حُســنك المشـهودِ عِيشــةً للجمـال, والفـن, والإلهـام والطُّهْـــر, والســنَى والســجودِ عِيشـةَ الناسـك البتُـول يُنَـاجي الـرّ بَ فــي نشْــوَةِ الذُّهــول الشـديدِ وامنحــيني الســلامَ والفـرحَ الـرو حــيَّ يـا ضَـوْءَ فجـريَ المنشـودِ وارحـميني, فقـدْ تهـدّمتُ فـي كـو نٍ مــن اليــأس والظــلام مَشـيدِ أنقـذيني مـن الأسـى, فلقـد أمسـيـ ـــتُ لا أســتطيع حـملَ وجـودي فـي شـعاب الزمـان والمـوت أمشي تحــت عِـبءِ الحيـاة جَـمَّ القيـودِ وأماشــي الـورَى ونفسـيَ كـالقبـ ـــر, وقلبــي كالعـالم المهـدودِ: ظُلْمَــةٌ, مــا لهـا ختـامٌ, وهـولٌ شــائعٌ فــي ســكونها الممــدودِ وإذا مــا اسْــتَخفّني عَبَـثُ النـاس تبسَّــمتُ فــي أسًــى وجُــمُودِ بســـمةً مُــرّةً, كــأنِّيَ أســتلُّ مــن الشــوْكِ ذابــلاتِ الـورودِ وانْفخـي فـي مشـاعري مَـرَحَ الدنيا وشُــدِّي مــن عــزميَ المجـهودِ وابعثـي فـي دمـي الحـرارةَ, عَـلِّي أتغنَّــى مــع المُنــى مِـن جـديدِ وأبُـــثُّ الوجــودَ أنْغــامَ قلــبٍ بُلْبُــــليّ, مكبَّــــلٍ بـــالحديدِ فالصبــاحُ الجــميلُ يُنعشُ بـالدِّفءِ حيــــاةَ المُحـــطّم المكـــدودِ أنْقــذيني, فقــد سـئمتُ ظلامـي! أنْقــذيني, فقــد مللـتُ ركـودي? آهِ يـا زهـرتي الجميلـةَ لـو تـدرين مــا جَــدّ فــي فـؤادي الوحـيدِ فـي فـؤادي الغـريبِ تُخْـلَقُ أكـوانٌ مــن الســحر ذاتُ حســن فريـدِ وشـــموسٌ وضّـــاءةٌ ونجــومٌ تنــثر النــورَ فـي فضـاءٍ مديـدِ وربيـــعٌ كأنــه حُــلُمُ الشــاعرِ فــي سَــكْرةِ الشــباب الســعيدِ وريـاضٌ لا تعـرف الحَـلكَ الداجـي ولا ثـــورةَ الخـــريف العتيــدِ وطيـــورٌ ســـحريةٌ تتنـــاغَى بأناشــــيدَ حـــلوةِ التغريـــدِ وقصـورٌ كأنهـا الشَّـفَقُ المخْـضُوبُ أو طلعـــةُ الصبـــاحِ الوليـــدِ وغيــــومٌ رقيقـــةٌ تتهـــادى كأبـــاديدَ مــن نُثَــارِ الــورودِ وحيــاةٌ شــعريّةٌ هــي عنــدي صــورةٌ مـن حيـاة أهـل الخـلودِ كــلُّ هــذا يشـيده سـحرُ عينيـك وإلهــــامُ حُســـنِك المعبـــودِ وحــرام عليــكِ أن تهــدمي مـا شــادهُ الحُسـنُ فـي الفـؤاد العميـدِ وحـرام عليـك أن تسْـحَقي آمــالَ نفسٍ تصبـــــو لعيشٍ رغيــــدِ منــكِ ترجــو سـعادةً لـم تجدهـا فـي حيـاةِ الـورَى وسـحرِ الوجـودِ فالإلــهُ العظيــمُ لا يَرْجُــمُ العَبْـدَ إذا كــان فــي جــلالِ الســجودِ [ 13 أكتوبر / تشرين الأول 1931 ، 30 جمادى الأولى 1350 ] |
||||
27/09/2007 | #16 | ||||
مشرف متقاعد
|
إرادة الحياة إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ فــويل لمــن لــم تَشُــقهُ الحيـاة مــن صفْعــة العــدَم المنتصـرْ كـــذلك قــالت لــيَ الكائنــاتُ وحـــدثني روحُهـــا المســـتترْ ***** ودمــدمتِ الــرِّيحُ بيــن الفِجـاج وفــوق الجبــال وتحـت الشـجرْ: إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ ركــبتُ المُنــى, ونسِـيت الحـذرْ ولــم أتجــنَّب وعــورَ الشِّـعاب ولا كُبَّـــةَ اللّهَـــب المســـتعرْ ومــن لا يحــبُّ صعـودَ الجبـال يعش أبَــدَ الدهــر بيــن الحــفرْ فعجَّــتْ بقلبــي دمــاءُ الشـباب وضجَّــت بصـدري ريـاحٌ أخَـرْ... وأطـرقتُ, أصغـي لقصـف الرعـودِ وعــزفِ الريــاحِ, ووقـعِ المطـرْ ***** وقـالت لـي الأرضُ - لمـا سـألت: أيــا أمُّ هــل تكــرهين البشــرْ? أُبــارك فـي النـاس أهـلَ الطمـوح ومــن يســتلذُّ ركــوبَ الخــطرْ وألْعــنُ مــن لا يماشــي الزمـانَ ويقنـــع بــالعيْشِ عيشِ الحجَــرْ هــو الكــونُ حـيٌّ, يحـبُّ الحيـاة ويحــتقر المَيْــتَ, مهمــا كــبُرْ فـلا الأفْـق يحـضن ميْـتَ الطيـورِ ولا النحــلُ يلثــم ميْــتَ الزهـرْ ولــولا أمُومــةُ قلبِــي الــرّؤوم لَمَــا ضمّــتِ الميْـتَ تلـك الحُـفَرْ فــويلٌ لمــن لــم تشُــقه الحيـا ة, مِــن لعنــة العــدم المنتصِـرْ! ***** وفــي ليلــة مـن ليـالي الخـريف مثقَّلـــةٍ بالأســـى, والضجـــرْ ســكرتُ بهـا مـن ضيـاء النجـوم وغنَّيْــتُ للحُــزْن حــتى ســكرْ سـألتُ الدُّجـى: هـل تُعيـد الحيـاةُ, لمـــا أذبلتــه, ربيــعَ العمــرْ? فلـــم تتكـــلّم شــفاه الظــلام ولــم تــترنَّمْ عــذارى السَّــحَرْ وقــال لــيَ الغــابُ فــي رقَّـةٍ مُحَبَّبَـــةٍ مثــل خــفْق الوتــرْ: يجــئ الشــتاءُ, شــتاء الضبـاب شــتاء الثلــوج, شــتاء المطــرْ فينطفــئُ السِّـحرُ, سـحرُ الغصـونِ وســحرُ الزهــورِ, وسـحرُ الثمـرْ وســحرُ السـماءِ, الشـجيُّ, الـوديعُ وســحرُ المـروجِ, الشـهيُّ, العطِـرْ وتهـــوِي الغصــونُ, وأوراقُهــا وأزهــارُ عهــدٍ حــبيبٍ نضِــرْ وتلهــو بهـا الـريحُ فـي كـل وادٍ, ويدفنُهَــا الســيلُ, أنَّــى عــبرْ ويفنــى الجــميعُ كحُــلْمٍ بــديعٍ, تـــألّق فـــي مهجــةٍ واندثــرْ وتبقــى البــذورُ, التــي حُـمِّلَتْ ذخــيرةَ عُمْــرٍ جــميلٍ, غَــبَرْ وذكــرى فصــولٍ, ورؤيـا حيـاةٍ, وأشــباحَ دنيــا, تلاشــتْ زُمَـرْ معانقــةً - وهـي تحـت الضبـابِ, وتحــت الثلـوجِ, وتحـت المَـدَرْ - لِطَيْــفِ الحيــاةِ الــذي لا يُمَــلُّ وقلــبِ الــربيعِ الشــذيِّ الخـضِرْ وحالمـــةً بأغـــاني الطيـــورِ وعِطْــرِ الزهــورِ, وطَعـمِ الثمـرْ ***** ويمشـي الزمـانُ, فتنمـو صـروفٌ, وتــذوِي صــروفٌ, وتحيـا أُخَـرْ وتُصبِـــحُ أحلامُهـــا يقظَـــةً, مُوَشَّـــحةً بغمـــوضِ السَّــحَرْ تُســائل: أيــن ضبـابُ الصبـاحِ, وسِــحْرُ المسـاء? وضـوء القمـرْ? وأســرابُ ذاك الفَــراشِ الأنيــق? ونحــلٌ يغنِّــي, وغيــمٌ يمــرْ? وأيـــن الأشـــعَّةُ والكائنــاتُ? وأيــن الحيــاةُ التــي أنتظــرْ? ظمِئـتُ إلـى النـور, فـوق الغصونِ! ظمِئـتُ إلـى الظـلِ تحـت الشـجرْ! ظمِئـتُ إلـى النَّبْـعِ, بيـن المـروجِ, يغنِّــي, ويــرقص فـوقَ الزّهَـرْ! ظمِئــتُ إلــى نَغَمــاتِ الطيـورِ, وهَمْسِ النّســيمِ, ولحــنِ المطــرْ ظمِئـتُ إلـى الكـونِ! أيـن الوجـودُ وأنَّـــى أرى العــالَمَ المنتظــرْ? هـو الكـونُ, خـلف سُـباتِ الجـمودِ وفـــي أُفــقِ اليقظــاتِ الكُــبَرْ ***** ومـــا هــو إلا كخــفقِ الجنــا حِ حــتى نمــا شــوقُها وانتصـرْ فصَـــدّعت الأرضَ مــن فوقهــا وأبْصــرتِ الكـونَ عـذبَ الصُّـوَرْ وجـــاء الـــربيعُ, بأنغامِـــه, وأحلامِـــه, وصِبـــاه العطِــرْ وقبَّلهـــا قُبَـــلاً فــي الشــفاهِ تعيــدُ الشــبابَ الــذي قـد غَـبَرْ وقــال لهــا: قـد مُنِحْـتِ الحيـاةَ وخُــلِّدْتِ فــي نســلكِ المُدّخَــرْ وبـــاركَكِ النُّـــورُ, فاســتقبلي شــبابَ الحيــاةِ وخِــصْبَ العُمـرْ ومَــن تعبــدُ النــورَ أحلامُــه, يُبَارِكُـــهُ النّــورُ أنّــى ظهــرْ إليــكِ الفضــاءَ, إليــكِ الضيـاءَ إليــك الــثرى, الحـالمَ, المزدهـرْ! إليــكِ الجمــالَ الــذي لا يَبيــدُ! إليــكِ الوجـودَ, الرحـيبَ, النضِـرْ! فميـدي - كمـا شئتِ - فوق الحقولِ, بحــلوِ الثمــارِ وغــضِّ الزّهَــرْ ونــاجي النســيمَ, ونـاجي الغيـومَ, ونــاجي النجــومَ, ونـاجي القمـرْ ونـــاجي الحيـــاةَ وأشــواقَها, وفتنــةَ هــذا الوجــود الأغــرْ ***** وشـفَّ الدجـى عـن جمـالٍ عميـقٍ, يشُــبُّ الخيــالَ, ويُــذكي الفِكَـرْ ومُــدّ عـلى الكـون سِـحرٌ غـريبٌ يُصَرّفــــه ســـاحرٌ مقتـــدرْ وضـاءت شـموعُ النجـومِ الوِضـاءِ, وضــاع البَخُــورُ, بخـورُ الزّهَـرْ ورفــرف روحٌ, غــريبُ الجمـال بأجنحــةٍ مــن ضيــاء القمــرْ ورنَّ نشـــيدُ الحيـــاةِ المقـــدّ سُ فــي هيكـلٍ, حـالمٍ, قـد سُـحِرْ وأعْلِــنَ فــي الكـون: أنّ الطمـوحَ لهيـــبُ الحيــاةِ, ورُوحُ الظفَــرْ إذا طمحـــتْ للحيـــاةِ النفــوسُ فــلا بــدّ أنْ يســتجيبَ القــدرْ! [ 16 سبتمبر / أيلول 1933 ، 26 جمادى الأولى 1352 ] |
||||
27/09/2007 | #17 | ||||
مشرف متقاعد
|
الجنة الضائعة كَـــــمْ من عُهودٍ عذبةٍ في عَدْو فِضِّيّـةِ الأسحار مُذْهَبَةِ الأصائل والبكورْ كــــــــانت أرقّ من الزهور, وألــــــذّ من سحر الصِّبا في بَ قضيّتُها ومعي الحبيبةُ لا رقيب ولا نذيرْ إلاّ الطفولة حولنا تلهو مع الحُبِّ الصغيرْ أيـام كانت للحياة حلاوة الروض المطيرْ وطهـارةُ المــوج الجميــل, وسِ ووداعة العصفور, بين جداول الماء النميرْ أيامَ لم نَعرف من الدُّنيا سوى مَرَحِ السُّرورْ وتَتَبُّعِ النَّحْل الأنيق وقَطْفِ تيجان الزهورْ وتسلُّقِ الجبلِ المكلّل بالصّنَوْبَر والصخورْ وبناءِ أكواخِ الطفولة تحت أعشاش الطيورْ مســـــــقوفةً بالورد, والأعش نبني, فتهدمها الرياحُ, فلا نضجُّ ولا نثورْ ونعودُ نضحكُ للمروج, وللزنابقِ, والغديرْ ونخــــاطبُ الأصداءَ, وهي تَرِفُّ ونعيد أغنية السواقي, وهي تلغو بالخريرْ ونَظَــــــــلُّ نركض خلف أسراب ونمــــــرُّ ما بين المروج الخ نشـــــــــدو, ونرقصُ - كالبلابلِ ونظل ننثرُ للفضاء الرّحْبِ, والنهرِ الكبيرْ ما في فؤادَيْنا من الأحلام, أو حُلْوِ الغرورْ ونَشِــــــيدُ في الأُفق المخضّب أزهـــــى من الشفَقِ الجميل, وروْنق وأجلَّ من هذا الوجودِ, وكلِّ أمجادِ الدهورْ أبـدًا, تُدلِّلُهـا الحياةُ بكلِّ أنواعِ السرورْ وتبــــــثُّ فينا من مراحِ الكون فنســـــــيرُ, نَنْشُد لهوَنا المبعو ونظل نعبث بالجليل من الوجود, وبالحقيرْ: - بالسائل الأعمى وبالمعتوه, والشيخِ الكبيرْ بالقطة البيضاءِ, بالشاة الوديعة, بالحميرْ بالعشب, بالفنن المنوِّر, بالسنابل, بالسَّفيرْ بــــــــالرَّمْلِ, بالصخر المحطَّم, واللهْــــــو, والعبَثُ البريءُ, الحلو ونظل نقفز, أو نُثَرْثِرُ أو نغنِّي, أو ندورْ لا نسأم اللهوَ الجميلَ, وليس يدركنا الفتورْ فكأنّنـا نحيا بأعصابٍ من المَرحِ المُثِيرْ وكأننـا نمشـي بـأقدامٍ مجنَّحـةٍ, تطيرْ أيـام كنـا لُبَّ هذا الكون, والباقي قشورْ أيـام تفرشُ سُبْلنا الدنيا بأوراق الزهورْ وتمـرُّ أيـامُ الحياة بنا, كأسراب الطُّيورْ بيضـاء لاعبـةً, مُغـرِّدةً مجنَّحةً بنورْ وتُرَفْرف الأفراحُ فوق رؤوسنا أنَّى نسيرْ آهٍ! توارى فَجْرِيَ القدُسيُّ في ليل الدهورْ وفنَـــــى, كما يفنَى النشيدُ الح أوّاهُ, قد ضاعت عليَّ سعادةُ القلب الغريرْ وأدوسُ أشواك الحياة بقلبيَ الدّامي الكسيرْ وأرى الأباطيل الكثيرةَ, والمآثم, والشرورْ وتصادُمَ الأهواء بالأهواء في كل الأمورْ ومَذَلّةَ الحقِّ الضعيفِ, وعزّةَ الظلم القديرْ! وأرى ابنَ آدَمَ سائرًا في رحْلَةِ العُمُرِ القصيرْ مـــــــــا بينَ أهوال الوجودِ, وتَح متسلِّقًا جَبَلَ الحياةِ الوعْرَ, كالشَّيْخِ الضّريرْ دامي الأكفِّ, مُمَزّقَ الأقْدَامِ, مُغْبَرَّ الشعورْ مُترنِّحَ الخطواتِ ما بين المزالق والصُّخورْ هالتْهُ أشْباحُ الظلامِ, وراعهُ صوتُ القبورْ ودويُّ إعْصار الأسى, والموت, في تلك الوُعورْ ماذا جنيتُ من الحياة ومن تجاريب الدُّهورْ غـــــــيرَ الندامةِ والأسى واليأس هـــــذا حَصادي من حقول العالَم هذا حَصادي كلُّه, في يقظة العَهْدِ الأخيرْ قـــــــد كنتُ في زمن الطفولةِ, و أحيا كما تحيا البلابلُ, والجداولُ, والزُّهورْ لا نحفل, الدنيا تدور بأهلها, أو لا تدورْ واليـــــــومَ أحيا مُرْهَقَ الأعْصا مُتأجِّجَ الإحساسِ, أحفلُ بالعظيم, وبالحقيرْ تمشــــــي على قلبي الحياةُ, ويزح هذا مصيري, يا بني, فما أشقى المصيرْ! ( 9 يناير / كانون الثاني 1933 ، 12 رمضان 1351 ) |
||||
27/09/2007 | #18 | ||||
مشرف متقاعد
|
أنا أبكيك للحب لسـتُ يـا أمسـيَ أبكيك لِمَجْدٍ أو لجاهْ ســلبته منِّـيَ الدُّنيـا, وبـزّتْني رداهْ فأنـا أحـتقرُ المجـدَ وأوهـامَ الحيـاهْ ******* أو لعُمْـرٍ, بلغـتْ منـه اللّيـالي منتهاهْ وتلاشـتْ في خضمِّ الزّمَنِ الطاغي قواهْ فأنـا ما زلت في فجر شبابي أو ضُحاهْ ******* لا, ولا أبكيكَ يا أمسي, إذا ما قلت: "آهْ" لنعيـم, لـم يَنْـلْ قلبـيَ منـه مُشْتهاهْ فبنُـو الأيـام فـي الدنيا كما شَاءَ الإلهْ ******* إنمـا أبكـيك للحـبِّ, الـذي كان بَهاهْ يمـلأ الدنيـا فأنّى سرتُ في الدُّنيا أراهْ فـإذا ما لاحَ فَجْرٌ, كان في الفجر سناهْ وإذا غـرّد طـيرٌ, كان في الشدْو صداهْ وإذا ما ضاع عِطْرٌ, كان في العطر شذاهْ وإذا ما رفّ زهرٌ, كان في الزّهر صِبَاهْ فهـو في الكون جمالٌ, يَملأ الأفْقَ ضِياهْ وتُوشِّـي هـذه الأكـوانَ بالسِّـحر رُؤاهْ وهو في قلبي - الذي عانقه الفجر - إلهْ! عبْقـريُّ السِّحرِ, ممراحٌ وديعٌ في سماهْ يَنْسـجُ الأحـلامَ في قلبي بأضواء الحياهْ ويُغنِّينـي, فأنسَـى فـي مسـرّاتِ غِناهْ كلَّ ما في الكون من حزنٍ وأفراحٍ, عَداهْ [ 21 سبتمبر / أيلول 1931 ، 8 جمادى الأولى 1350 ] |
||||
|
|